رغم اختلافاتنا كبشر إلا أننا جميعاً نتفق في البحث عن السعادة، كل حسب قناعاته وحاجاته. ورغم وجودها في كل شيء حولنا إلا أننا بتنا اليوم أكثر بحثاً عنها، غير راضين وغير مكتفين فاقدين الإحساس بأهمية ما نملك.
كان ذلك جزءاً من ورشة «إلى مرابط السعادة» التي نظمتها جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية، وقدمتها الكاتبة والمدربة موزة جمعة الزيودي، التي أوضحت فيها مفهوم السعادة وخطوات وقواعد تحقيقها وأهمية اللطف واللين كمنبع للسعادة وارتباطها بالصحة النفسية.
مفهوم السعادة
تشير الزيودي إلى أنه لا يوجد مفهوم محدد للسعادة يسير عليه الجميع ليكونوا سعداء في الحياة، فهي تختلف من شخص لآخر بناء على قناعاته وحاجاته التي يجد ضرورة في تحقيقها، فهناك من يجد سعادته في العائلة ومن يجدها في نجاحه في العمل ومن يجدها في الزواج أو التفوق الدراسي وغيرها من جوانب الحياة المختلفة.
السعادة المشروطة
وعن الأسباب التي توصل للسعادة، تقول «ليس من الصعب الوصول إليها حيث يمكن أن نجدها في جميع الأشياء من حولنا كونها تنبع من دواخلنا، وبالتالي ما يبرمج عليه العقل هو ما سيتحقق».
تكشف الزيودي «أما تقييد مفهوم السعادة بالأشياء فهو ما يمكن أن نطلق عليه «السعادة المشروطة»، بأن يكون شرط وصولنا لهدفٍ ما أو امتلاكنا لشيء من أسباب الرضى والسعادة في الحياة، على سبيل المثال تفكير شخص بأن عدم حصوله على وظيفة تقدم لها يمكن أن يجعل منه شخصاً غير سعيد وغير راضٍ عن حياته».
وتضيف «ومن الأشياء التي يجب ألا تكون سبباً في تعاستنا فقدان السيطرة على ما حولنا، علينا أن نعي أن الكثير من الأشياء تحدث خارج نطاق سيطرتنا ونحن غير ملامين فيها، كحوادث السير التي يمكن أن تكون سبباً في تعاستنا لباقي الوقت من اليوم أو إظهار الحزن وانعكاس هذا الأمر على تعاملنا مع الآخرين».
هاجس البحث الدائم عن السعادة وكيف يمكن أن نكون أشخاصاً سعداء يقودنا إلى تساؤلين مهمين:
لماذا تغير مفهوم السعادة عبر التاريخ؟ ولماذا أصبح البحث عن السعادة في وقتنا الحالي أكثر عن ذي قبل؟
تجيب الزيودي «اختلاف مفهوم الرفاهية في السابق عن الوقت الحاضر جعل مفهوم السعادة مغايراً لما عهدناه في السابق، حيث كانت أقصى درجات الرفاهية أن تتمكن الأسرة من توفير احتياجاتها من الطعام وتوفير العلاج في ظل تأخر الطب وعدم توفر الخدمات العلاجية والطبية مقارنةً بالوقت الحاضر وصعوبة الحصول على التعليم وصعوبة التنقل وغيرها من مصاعب الحياة المختلفة».
تكمل «الرفاهية الموجودة في الوقت الحاضر جعلت الإنسان أكثر طمعاً وأقل قناعة، وكان من نتيجة انفتاحنا على الـ «سوشيال ميديا» انفتاحنا على حياة الآخرين التي جعلتنا نشعر بعدم الثقة بأنفسنا غير راضين وغير قنوعين بما نملك، فقدنا الإحساس بأهمية ما نملك وأصبحنا أكثر رغبة وطموحاً بالأشياء التي يملكها الغير، ما جعلنا نشعر بأننا أشخاص غير سعيدين وغير مكتفين بما نملك».
لكن هل يمكن أن يكون امتلاكنا كل الأشياء التي نطمح بها أو نتمناها أن تجعلنا أشخاصاً سعداء؟
توضح الزيودي «السعادة موجودة في كل شيء من حولنا، أن ننهض صباحاً ونحن بخير سعادة، أن يكون أبناؤنا حولنا سعادة، أن نملك مسكناً يأوينا سعادة.. السعادة الشعور بالرضى بأن كل شيء مكتوب بقدر وكل ما يحدث هو خير لنا وأن كل ما نمر به من مواقف وصعوبات تساعدنا على تطوير قدراتنا وتغير من قناعاتنا وأفكارنا».
وعلى الرغم من اختلاف مفهوم السعادة من شخص لآخر، إلا أن هناك مفاهيم إن اتبعناها يمكن أن نصل إليها منها:
أهمية اللطف واللين في تحقيق السعادة
تكشف المدربة أهمية اللطف واللين في غرس السعادة «استخدامنا للكلمة الطيبة لا يتوقف أثره عند الشخص المتلقي فقط إنما يتجاوز الأمر ليشعرنا أن وجودنا في الحياة لهدف وقيمة أكبر، وفي إحدى الدراسات التي أجريت لقياس مستوى السعادة على بعض المدارس في أستراليا طلب من الطلبة شراء بعض الهدايا لأنفسهم وللآخرين، وجد القائمون على الدراسة أن شعور السعادة للطلبة الذين أقدموا على شراء هدايا لأشخاص آخرين استمر لوقت أطول من الطلبة الذين أقدموا على شراء هدايا لأنفسهم».
تخلص الزيودي «الصحة النفسية أساس السعادة، أن يكون الشخص بعيداً عن القلق والتوتر والخوف من المستقبل، وكل ما تتطلبه الحياة هو القليل من الصبر والرضى وتفهم الرموز والإشارات التي يرسلها الله سبحانه وتعالى، فكل شيء في الحياة له وقته المناسب والصحيح».