13 أكتوبر 2022

د. باسمة يونس تكتب: باحثات عن هوية

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية. أصدرت (10) مجموعة قصصية، (4) روايات،(12) نص مسرحي وعدة أعمال درامية وإذاعية .حاصلة على أكثر من( 22 ) جائزة في مجالات الرواية والقصة والمسرحية.

د. باسمة يونس تكتب: باحثات عن هوية

تعتقد مجموعة كبيرة من النساء أن مفتاح السعادة هو تحقيق الكمال بغض النظر عن التكلفة ونتيجة، لذلك فهن دائمات البحث عن طرق للوصول إليه ومن بينها التستر وراء المكياج بدلاً من التفكير في تمكين أنفسهن بحالاتهن الطبيعية وبدون خوف، ويعتبر وضع المكياج أكثر من مجرد تجربة جسدية للعديد من النساء فهن يرتدينه لأنه يجعلهن يشعرن بالرضا عن أنفسهن.

لماذا تستخدم النساء المكياج؟

على الرغم من الاعتقاد بأنهن يستخدمنه للتغطية على عيوب البشرة لكنه في الواقع يرتبط بتصوراتهن عن ذواتهن حيث تتطلب النظرة السليمة للجسد توازناً كاملاً داخل النفس، فإذا كانت المرأة تستخدم المكياج كـ «قناع» بدلاً من وضعه كـ«زينة» ستظل مشاعر ضعفها مدفونة بداخلها وستكبر وتتضخم إن لم تعالج تماماً.

وترى الكثيرات أن وضع المساحيق يشعرهن بتحسن فوري تجاه أنفسهن عند النظر إلى المرآة، وتؤكد دراسات علم النفس أن هذا الشعور له علاقة ملحوظة بالصحة العقلية، فالمرأة الضعيفة تعاني من شعورها بعدم الجاذبية وبالخجل أو كأن بها نقصاً وكما لو أن شيئاً ما مفقود فيها، وهذا يرتبط بمدى احترامها لذاتها وجسدها وينبع الكثير منه من الصور المثالية للنساء في وسائل الإعلام بفضل الإضاءة ومصممي الأزياء وتحسينات الحواسيب التي تمنحهن صوراً لا يمكن الحصول عليها في الطبيعة.

وتحاول المرأة استخدام المكياج لتغيير ما لا يعجبها في جسدها لتجنب سلبيات مخاوفها الداخلية ما يؤدي إلى ضغوط وتوتر ساحقين يتسبب بهما افتقارها إلى السلام الداخلي أو الشعور بالرفاهية ولأن هناك ما يزعجها وهي عاجزة عن التعامل معه بشكل صحيح فيؤثر على صحتها العقلية.

ولصورة الجسد علاقة بإدراك المرأة لنفسها وتصديق الآخرين لها ويمكن أن يتسبب وضع المكياج لإخفاء المشاعر والأفكار في وهم الرفاهية التي لا تدوم طويلاً. وقد يمنح قضاء يوم بدون مكياج العديد من النساء الفرصة للتخلص من الحالة السلبية التي يختبئن وراءها وبناء احترام حقيقي لذواتهن ويوفر فرصة لهن ولمن حولهن لتقدير ما يجعلهن جميلات بشكل فريد.

ويجب أن تستخدم المرأة الوقت الذي لا تضع فيه المكياج للتركيز على نفسها في الداخل، فقد تخرج باستراتيجية جديدة أكثر انسجاماً مع هويتها ليصبح استخدامها للمكياج لتعزيز سماتها الجميلة وليس من أجل التستر على ضعفها ودفن مشاعرها السلبية الحبيسة في العمق.

لقد كان المكياج بالنسبة للكثيرات وسيلة لإخفاء الهوية وقناع وطريقة زائفة للتمثيل فهو يمكن أن يمنح المرأة في الواقع إحساساً بأنها أصبحت شخصاً مختلفاً ويمكن أن تصبح المساحيق وعمليات التجميل ملجأ لها عندما لا تحب هويتها لكنها تعطي رسالة مفادها أن المرأة تشعر بأنها ليست جيدة بما يكفي بل يجب أن تقوم بإجراء تعديلات أو التستر على ما لا تراه جيداً أو الإضافة بطريقة ما لتلائم تعريف الجمال أو في أسوأ الأحوال لتكون مقبولة في المجتمع.

ولا يمكن اعتبار وضع المكياج أمراً شريراً أو سيئاً ولكن من المهم أن تكون المرأة منسجمة مع ذاتها بدون أو مع مكياج ولا بأس بمحاولتها الظهور بأفضل ما لديها والسعي لإبراز ميزاتها ولكن بعد التأكد من أنها واثقة من نفسها بدرجة كافية تجعلها لا تحتاج إليه لتغيير هويتها.

 

مقالات ذات صلة