07 سبتمبر 2023

د. باسمة يونس تكتب: طريق النجاة

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية. أصدرت (10) مجموعة قصصية، (4) روايات،(12) نص مسرحي وعدة أعمال درامية وإذاعية .حاصلة على أكثر من( 22 ) جائزة في مجالات الرواية والقصة والمسرحية

د. باسمة يونس تكتب: طريق النجاة

عندما يطرح سؤال عن أسوأ ما يعانيه البشر تتباين الإجابات بحسب المواقف والتجارب الشخصية، لكن عندما يكون السؤال عن أفضل طريقة للنجاة من موقف مؤلم كاد أن يودي بصاحبه تكثر قصص وتجارب الذين وقعوا ضحايا الألم، لكن أفضل نصيحة يمكن التطوع بها هي قصص من عادوا وتمكنوا من الوقوف على أقدامهم.

كانت فتاة تتعافى من جراحها بعد زواج فاشل، تحكي بأنها وبعد ما حدث اتخذت قرار تغيير حياتها على الرغم من أنها لم تعد قادرة على محو تاريخها المؤلم من حياتها، لكن الأصعب البقاء في حالة الندم واجترار الأحداث والتوقف على نافذة تطل على جحيم لا تخمد نيرانه.

إنها اليوم تشعر بأنه كان ينبغي عليها القيام بأشياء كثيرة في بداية حياتها، و تصحيح العديد من الأخطاء التي ارتكبتها في أوائل العشرينات من عمرها، فلربما لم تكن ستعاني ما عانته وكانت ستدرك من البداية أن دخولها في علاقة زواج يحتم عليها اتخاذ قرارات أفضل في وقتها وأن تكون أكثر تماسكاً وقبولاً للتغيير، وتقول بالحرف الواحد: «لم أكن لأعاني كثيراً في زواجي الفاشل وكنت سأعمل على نفسي قبل ذلك بكثير وأتخذ قراراً يجعلني أشد تماسكاً، وكان ذلك سيبعدني عن نوبات الهلع وتقلبات المزاج، وكنت سأعمل على إنجاح مسيرتي أيضاً وأتابع تعليمي لأتبوأ منصباً مهماً، لكنني وأنا أعلم بأن تلك المرحلة العمرية قد رحلت للأبد وبأني في الثلاثينات من عمري لست قادرة على تغيير الماضي ولا يمكنني العودة لإصلاح مشكلات حياة كانت تصرفاتي وأفكاري العشوائية سبباً فيها، ما زلت أملك كل الاحتمالات للتحسين، وإذا لم تكن الاحتمالات موجودة يمكنني صنعها والسير عليها لأنمو من جديد، وأبدأ حياتي شخصاً آخر مختلفاً قادراً على تجاوز الأخطاء وتحسين كل ما كان علي تحسينه».

إن أهم ما في الأمر أنها وعلى الرغم من صعوبة الأمر عليها في البداية بسبب تقلباتها أن تدرك بأن الحياة تحمل في طياتها أياماً مشرقة وأخرى قاتمة، وأنها على الرغم من كل شيء قررت البدء في العمل على تطوير نفسها والاستفادة من الأيام المشرقة لتحيا من جديد.

إنها لم تعد تهتم بما يقوله الناس، أو تنتظر منهم التوقف وملاحظة التغيير الذي بدأته، لكنها تشعر بالبهجة عندما يلاحظونه، ويسعدها أن ترد على من يسألها عن حالها بأنها تستمع بالحياة وبتجربتها من جديد.

لم تكن كما تصف نفسها بهذه الحيوية من قبل، وعندما ينصح أحدهم والدتها بأن تسعى إلى تزويجها مرة أخرى تجيبهم الأم بأن ابنتها لم تعد فتاة صغيرة وتعرف كيف تتخذ قراراتها الخاصة بشأن حياتها.

لقد بدأ الجميع يلاحظون التغيير في حياتها؛ بل وأصيب معظمهم بالصدمة، وهم ينظرون إلى النسخة الجديدة من فتاة، لم يعد مفهوم المطلقة الخارجة من زواج فاشل يقلقها أو يؤخر هدف النجاح الذي تعمل عليه.

إن نصيحتها للآخرين تقول: «إذا كنت تريد إحداث تغيير في شخصيتك أو حياتك، فابدأ الآن ولا تتردد، وفكر بأنك يمكن أن تصبح نموذجاً يحتذى عندما تتخذ قراراً حاسماً، فلا تتوقف أو تتراجع أمام أي رأي أو شخص أو تجربة مؤلمة».