02 يوليو 2022

د. حسن مدن يكتب: هل المزاج كيمياء؟

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، &a

د. حسن مدن يكتب: هل المزاج كيمياء؟

دراسة علمية طالعتها مؤخراً يتساءل كاتبها في العنوان: «هل المزاج كيمياء؟»، وتنصرف الدراسة تحديداً إلى معالجة حالة الاكتئاب التي يصاب بها الكثيرون، فيلجأون إلى العيادات النفسية طلباً للعلاج، حيث يحلل كاتب الدراسة آليات تأثير العقارات المضادة للاكتئاب التي يصفها الأطباء لمرضاهم على عمل الدماغ.

إجمالاً ثمة دعوات متزايدة للإعلاء من شأن الطب النفسي في التغلب على اضطرابات المزاج، وحالات الضيق أو الكآبة الشديدة التي يجد الكثير من الناس أنفسهم ضحايا لها، ويشعرون بالحاجة إلى من يساعدهم على الخروج منها أو التغلب على الحاد من مظاهرها وآثارها، ويقابل ذلك حال من الإنكار، حيث يرى الكثيرون في اللجوء إلى العيادات النفسية ضرباً من الوهم والعبث، الذي لن يفضي إلى أي نتيجة، وأن الأمر لا يعدو كونه قلقاً او توتراً مؤقتاً، أو طارئاً، سيزول من تلقاء نفسه.

لعل ثمة حاجة إلى الكف عن النظر إلى تقلبات مزاج الإنسان بصفتها حالة مَرضية تؤدي إلى نظرة سلبية للشخص الموصوف بها، وإبداء رهافة إنسانية أعلى في النظر إلى الأمر بصفته حالة طبيعية يفرضها اختلاف استجابات البشر لضغوط الحياة، وما أكثرها.

وفي أذهاننا حين نصفُ شخصاً ما بالمزاجية، أن الآخرين ليسوا كذلك، فهم على درجة كافية من استقرار حالاتهم، وجدية قراراتهم، بحيث يمكن التعويل عليهم في أمور الحياة، أو في أشكال الشراكة المختلفة. لكن هل فكرنا، مرةً أو مرات، أنه ما من أحد في هذه الدنيا حر ولو في درجة أو درجات من المزاجية؟ من بوسعه الفرار من حقيقة أنه يمكن أن تنتابه، حتى في اليوم الواحد، أمزجة مختلفة؟

يمكن أن يصحو صباحاً على مزاج عكر لسبب ما، ولكن باعثاً على البهجة أو الأمل يصادفه في النهار، فيستقبل مساءه فرحاً، سعيداً، أو أن يحدث العكس تماماً، فيصحو على مزاج نشط، مبهج، ولكن عارضاً يصادفه في منتصف النهار يقلب مزاجه كلياً.

ما أكثر ما نصف بعض من نعرف بأنهم مزاجيون. نقول عن الشخص إنه مزاجي لوصف تقلبات مزاجه، وربما غرابة أطواره، وسرعة تنقله من حالٍ إلى حال، للدرجة التي لا تجعلنا نطمئن إلى قراراته، فما قد يوافق عليه اليوم، قد يعود عنه غداً. لكن يظل جديراً بالعناية النظر إلى مسألة تقلب أمزجة البشر تبعاً للبواعث المختلفة كونه تعبيراً عن صعوبات الحياة اليومية لهم، في ظل الضغوط المختلفة التي يواجهونها، خاصة في عالمنا المعاصر الذي يزداد تعقيداً، ولا يقتصر ذلك على المجتمعات التي تعاني أوجهاً من عدم الاستقرار وحتى غياب الأمن، وإنما يطال حتى المجتمعات المصنفة بأنها مستقرة ومتقدمة.

اقرأ أيضاً: 3 عادات ستساعدك على تحسين مزاجك في الصباح