ما أكثر ما نراه على مواقع التواصل الاجتماعي، كانستغرام وفيسبوك وسواهما، من صور تفيض سعادة وفرحاً ومرحاً. ابتسامات عريضة على محيّا الوجوه، وتوثيق لرحلات تبدو سعيدة، وجلسات في مقاهٍ أو مطاعم تبدو مبهجة، أو رحلات على شاطئ البحر تبدو جذابة. في بعض «البوستات» يظهر أصحاب تلك الحسابات منفردين، وفي أخرى يظهرون معيّة الشركاء أو الأصدقاء والأقرباء، وفي الحالين فإن «السعادة» و«البهجة» المفترضتين لا تغيبان، ما يجعل من يرون ويسمعون يغبطون هؤلاء على ما هم فيه من نعيم، ويتمنون لو ينالون مثله، وربما سكنهم الشعور بأنهم أقل حظاً أو أنهم غير سعداء مثل الآخرين لخلو حياتهم من هذه الأنشطة المستمرة.
ترى هل فكّرنا مرةً في أن هذه «البوستات»، أكانت صوراً أو فيديوهات أو تعليقات، تعكس فعلاً الحقيقة؟ هل حقاً حيوات هؤلاء تغمرها السعادة الدائمة، حيث لا أحزان ولا متاعب ولا شكاوى ولا منغصات من تلك المألوفة في حياة الكثيرين، إن لم يكن الجميع؟
دراسة مختصة تفيدكم بأن الأمر ليست كذلك، بل إن نتائج هذه الدراسة تقدّم ما يشبه السلوى للذين لا يسكنهم شغف مشاركة صورهم وأخبارهم على وسائل التواصل، وأكثر من ذلك تخلص هذه الدراسة إلى أن «الأزواج الذين لا يميلون لإظهار شريكهم ولا التحدث عن حياتهم الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي هم أكثر سعادة في علاقتهم»، وأن «أولئك الذين ينشرون بانتظام تحديثات وصوراً من علاقتهم على الإنترنت غير سعداء في كثير من الأحيان».
الدراسة أجرتها مجلة التصوير الفوتوغرافي «Shotkit»، التي رصدت من يقوم بنشر مثل هذه الصور على مواقع التواصل، وقارنتها بأناس آخرين التقتهم، فكانت الخلاصات مختلفة عما هو موجود في الواقع الافتراضي، حيث سئل حوالي 2000 من الأزواج، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و50 عاماً، عن استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي وسعادتهم في الحب، فكانت النتيجة المثيرة للاهتمام أن الأزواج الذين يشاركون ما معدّله ثلاث صور «سيلفي» أو أكثر أسبوعياً على الإنترنت، أكثر تعاسة بنسبة كبيرة من أولئك الذين يحافظون على خصوصية علاقتهم، والذين يعتقدون أن خصوصيتهم ستنتهك عند النشر وهو ما قد يشكل إحراجاً لهم ولشريكهم.
حسب الدراسة نفسها فإن 10% فقط من الأزواج الذين يشاركون بشكل متكرر تحديثات علاقتهم وصور شريكهم علناً، يصفون أنفسهم بأنهم «سعداء جداً» في شراكتهم، أما نسبة الأزواج الذين من النادر أن يفعلوا ذلك، فلا تقل عن 46 في المئة، لذلك لا يبدو من الخطأ قضاء وقت مريح وغير موثق مع الحبيب.
الموقع الإلكتروني الذي عرض نتائج الدراسة ذكّر قراءه بأن «ليس كل ما يلمع ذهباً»، كأنه يلمح إلى أن «سعداء» الإنترنت ليسوا سعداء بالضرورة.
إقرأ أيضاً: أسيرات الفراغ العاطفي... هل فاقمت مواقع التواصل معاناتهن؟