مهرجان حتا للعسل.. إقبال لافت، نحّالون شباب وجودة إماراتية متنوعة ومميزة
إنتاج العسل من المهن المتوارثة والأصيلة في المجتمع الإماراتي، والتقاء صنّاعه من الأمور التي تحرص عليها الدولة، لتبادل الخبرات، واستعراض آخر المستجدات في صناعة العسل، ومناقشة التحديات التي تواجههم. وانطلقت، أمس الأربعاء، 27 ديسمبر، فعاليات «مهرجان حتّا للعسل» في دورته الثامنة، أحد أبرز المهرجانات السنوية المتخصصة في دعم النحّالين، وقطاع إنتاج العسل في إمارة دبي، ودولة الإمارات، ويستمر حتى 31 ديسمبر الجاري، بمشاركة 60 نحّالاً إماراتياً، سيعرضون منتجاتهم المتنوّعة أمام الزوار والسيّاح.
تتيح فعاليات المهرجان المختلفة الفرصة للجمهور لمعرفة أنواع العسل، وطرائق التمييز بينها، إذ تشمل المنتجات المعروضة: عسل السدر، والشوكة، والطلح، والسمر، والسلم، والضهي، والقتاد، والصيفي، والسحاه، والبرسيم، والربيعي. والحمضيات التي يمكن تمييزها بدرجة لونها ورائحتها التي يحددها المصدر النباتي الذي يؤخذ العسل من رحيقه. وبعض أنواع العسل نادرة، إذ تستخرج من أشجار تنمو في مناطق محدودة، وتزهر مرة واحدة في السنة، أما على مستوى الصناعة، فيحرص المهرجان على إتاحة الفرصة للنحّالين للتعبير عن متطلباتهم، وتطوير أعمالهم، وتقديم ورش تدريبية تشمل وصفات لأشهر الأطعمة والمشروبات التي تُعدّ باستخدام العسل، وورشة صناعة صابون العسل، وصناعة شموع العسل، وورشة فنية للأطفال للرسم على الأقمشة وعبوات العسل.
وخلال جولة «كل الأسرة» داخل المهرجان حاورنا عدداً من النحّالين، خصوصاً من فئة الشباب الذين ورثوا هذه المهنة عن أجدادهم، كما سلّطنا الضوء على التطور الذي أضافه الشباب إلى المهنة:
زيادة ملحوظة في أعداد النحّالين الشباب
لفت النحال محمد النعيمي، إلى إقبال شباب كثر على تربية النحل، والعمل في مجال العسل «كوني أعمل في مجال المناحل منذ ٢٧ سنة، فقد لاحظت في السنوات الأخيرة دخول فئة جديدة، من الشباب والنساء، في المهنة، ومنهم من يشتري المستلزمات المطلوبة، ويربّي العسل في منزله، ويستخرج ما يحتاج إليه من العسل، فلدينا كل ما يهم النحال من أدوات وصناديق وملابس، ونعطي نصائح للشباب المقبل على المهنة، كي يتمكن من الحفاظ على حياة النحل أطول فترة ممكنة، ونوعية الغذاء المطلوب لاستخراج أنواع العسل المختلفة، كما نحرص على تقديم النصائح للزبائن بأن يبتعدوا عن غش بعض التجار، خصوصاً من يروّج لبضائعهم عبر الـ«سوشيال ميديا»، وأن يقوموا هم بأنفسهم بشراء كل شيء على حدة، من لقاح، وغذاء الملكات، والعسل، وصناعة الخلطة بنفسه، إذا لم يكن يثق بالنحال الذي يشتري منه».
قال لي أبي: ثِق بالعسل
وحول الثقة بنوعية العسل، أشار النحّال الشاب محمد أحمد المزروعي، إلى الدرس الذي تعلّمه من والده في بداية اهتمامه بالعمل معه، ويقول «إذا وثقت بالبائع، فعليك أن تثق بالعسل»، لا يمكن أن يغشك صديق في نوعية العسل الذي يقدمه لك، وهذا ما تعلّمته ولاحظته مع مرور الوقت، وبالتعامل مع النحّالين في مجال البيع والتجارة، فالعسل المغشوش موجود ويسهل كشفه بالنسبة إلى شخص متخصّص ومحترف، ولكن إذا بنيت علاقة ثقة بينك وبين التاجر لا يمكن أن يغشك أبداً، كما قال لي أبي، «جرّب المنتج على نفسك أولاً قبل أن تبيعه للناس».
وعلى صعيد آخر، تحدث المزروعي عن الابتكار والتطوير الذي أدخله في مجال العسل «نحن، كجيل شباب، نتعلم من الكبار، ونحاول أن نستخدم التقنيات الحديثة في تخطّي التحديات التي تواجه النحّالين، فقد تمكنّا من تهجين ملكة النحل الإماراتية المعروفة بانطلاقها، وعيشها في الجبال، بحيث لا يمكن وضعها في صندوق والتحكم فيها، مع ملكة النحل المصرية التي تعرف بخصوبتها، وانتجنا ملكة إماراتية تعيش في المناحل، وذات جودة عالية، وتستخدم في صناعة خلطات صحية وتجميلية».
توريث مهنة تربية النحل والصبر عليها
تحدث النحال الصغير عبدالله حمد، عن شغفه وتعلمه لمهنه النحال التي ورثها عن والده، ويبيّن «أنا مع والدي في المنحل منذ السادسة من عمري، وتعلمت الكثير من الأمور في تربية النحل، وتصنيع خلطات صحية ذات مذاق لذيذ، فلدينا خلطات لعلاج الزكام والسعال والالتهابات الرئوية، وغيرها، وأطمح إلى أن أستمر في العمل في هذا المجال، وأطور ما تعلمته من الكبار، فاليوم والدي يعتمد عليّ في كل شيء، حتى في مسألة الشرح للزبائن، وتقديم الوصفة المناسبة لهم، وكذلك في مسألة البيع».
من جهته أشار والد عبدالله إلى بعض النصائح التي قدمها لولده عند البدء بالعمل معه، وقال إن الصبر من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها النحّال، وألّا يتوقف عن تعلّم المزيد في هذا المجال.
أما النحال فاضل ناصر سليمان، فقد نال العديد من الجوائز كأفضل مربي عسل على مستوى الدولة، ولديه العديد من النصائح التي يقدمها للنحّالين الشباب، ولرواد المهرجان، ويؤكد «ما يميز مهرجان حتا أنه الأول من نوعه على مستوى الدولة، ويركز على جودة المنتج الإماراتي من العسل، خصوصاً أننا نحرص على سمعة العسل الإماراتي قبل أي شيء، وهذه نصيحي الأولى لكل من يدخل المجال، أن يضع سمعة ومذاق العسل الإماراتي في أولويات أعماله، للحفاظ على الموروث الذي بدأه أجدادنا من الجبال والكهوف، وأن نستغل العلم الذي وصلنا له كي نكمل هذه المسيرة المشرفة، وأن نثقف المجتمع بقيمة العسل وفوائده، حتى أنه أصبح يقدم كهدايا تعبيراً عن المشاعر الطيبة تجاه أفراد المجتمع».
من جانبه ، يرى النحال محمد سعيد، أن مهرجان حتا وسيلة لتعريف الناس بالمكملات الغذائية المتوفرة في العسل الإماراتي «نقوم ببذل جهد في توفير أنواع من المكملات الغذائية الطبيعة الذي يحتاج إليها الإنسان من العسل، من خلال مزجها مع المكسرات والتمور، ولكن قد تختلف القيمة الغذائية من نوع لآخر، وهذا ما نحرص على شرحه لزوار المهرجان الذين يشترون العديد من الوصفات من دون فهم فوائدها، والكمية المناسبة لهم، كما نقدم النصح حول فكرة استخدام العسل لتقليل الوزن على سبيل المثال، فهذا غير موجود في الواقع».
كيف تكشف العسل المغشوش؟
يتصدر مدخل المهرجان مختبر دبي المركزي التابع لبلدية دبي، حيث يقدم فحوصاً مجانية على مدار أيام المهرجان لأيّ مستهلك يريد شراء العسل، ويرغب في فحص العيّنة، للتأكد من جودة المنتج، ويقول محمد كرم، مدير قسم التحليل الكيميائي في المختبر «لدينا فحوصات مجانية، لفحص عيّنات من العسل نأخذها من البائعين لنتأكد من مطابقتها للمواصفات الإماراتية القياسية المعتمدة، مثل نسبة السكريات الكلية، والغلوكوز، والسكروز، والفركتوز، وهيدروكسي ميثيل فورفورال، والتأكد من جودته، وذلك من خلال أجهزة وتقنيات متطورة وعالية الدقة، ما يسهم في دعم تسويق المنتج المحلي ذي الجودة العالية»