كيف نحسّن أداءنا الوظيفي في العام الجديد؟.. نصائح وأجندة د.شافع النيادي
ما الذي يجب أن نفعله كي نحسّن ونرفع وتيرة وجودة أدائنا الوظيفي مع بداية العام الجديد؟ وكيف يمكن أن نضع «أجندة» عملية قابلة للتنفيذ لتعزيز أدائنا العملي؟ وما هي استراتيجيات تطوير مهاراتنا المهنية بشكل فعال؟
د. شافع النيادي
يزوّدنا الدكتور شافع النيادي، مدرب وخبير في تنمية الموارد البشرية والعلاقات الأسرية، وعضو في مجلس إدارة جمعية الإمارات للإدارة العامة، بـ«أجندة» كاملة ومتكاملة حول آليات وضع الأهداف، تطوير المهارات، تقييم النتائج ومبادئ التطوير المستمر.
كيف أضع أهدافاً واضحة ومحدّدة قابلة للتنفيذ لأتطور في عملي مع بداية العام الجديد؟
لوضع خطة في الجانب المهني وتعزيز أدائي العملي في بداية العام، يؤكد د.النيادي، لا بد من:
- وضع أهداف واضحة ومحدّدة وقابلة للتنفيذ ضمن خطة محكمة (مثلاً، العمل على الترقية في عملي وعلى تقاضي علاوة.. وغيرهما، مما يشكّل عناصر تحفيز).
- معرفة الأسس الواجب اتّباعها.
- تحليل وضعي الحالي، والمكانة التي وصلت إليها في عملي.
- يجب أن أكون واقعياً، ولا أبالغ في وضع الأهداف، لكونها المداميك الأساسية التي أبني عليها مستقبلي بعد عام، أو للسنوات المقبلة، كما أن وضع التوقعات يكون تبعاً للواقع القائم، فلا تضع توقعاتك تبعاً لـ«خريطة في عقلك».
- تحديد المهارات والقدرات التي أمتلكها، لا أتوقف عند مهارات قديمة، ومواكبة التطور المتسارع في العالم لجهة تطوير مهارات جديدة قد نتلمس تأثيرها الإيجابي بعد سنوات.
- عدم الاستهانة بقدراتنا مع أهمية العمل على معرفة وإدراك قدراتنا الكامنة داخلنا.
- تحديد الخبرات والمعارف والمستوى العلمي.
- معرفة نقاط قوتي ونقاط الضعف والتحرر من «منطقة الراحة».
أي هدف من دون تاريخ للإنجاز هو وهْم
يقول د.النيادي «بالطبع، هناك أهداف قصيرة المدى، وأخرى طويلة المدى، وبالتالي، لا بد من تحديد الأهداف قصيرة المدى بمدّة للإنجاز، لكون تلك الأهداف هي التي تبني الأهداف الكبيرة في بعض الأحيان، مع تحديد تاريخ للإنجاز، وتحقيق الهدف، وقدسية الالتزام بتاريخ مباشرة تحقيق الهدف، لأن أي هدف بلا تاريخ هو مجرد وهم»، حيث يؤكد أن «كل فرد يمتلك مهارات في مجال معين، وفي الوقت نفسه يحتاج إلى اكتساب مهارات لتطوير أدائه العملي».
أبرز المهارات التي يمكن توظيفها في تعزيز أدائنا العملي، بحسب د. النيادي:
- مهارة الانضباط الذاتي: من أهم الأساسيات لتقدم ونجاح أي إنسان، والالتزام بأهدافه.
- مهارة الذكاء الاجتماعي: لأضع أهداف قابلة للتحقيق، لا بدّ أن أكوّن علاقات اجتماعية إيجابية تتسم بالمهنية في بيئة العمل، لكون هذه الشبكة الاجتماعية تصنع لي فرصاً، وتسمح لي بتبادل الخبرات والمعرفة، عكس العيش في بيئة عمل يشوبها الحقد، والكره، والحسد.
- مهارة الذكاء التكيفي: تحدد هذه المهارة مستقبل الفرد، وتعلّمه القدرة على التكيّف مع البيئة من حوله، واستيعاب معلومات جديدة في عمله، والتغلب على التحديات.
- مهارة إدارة الضغوط: التحفيز والالتزام والاستمرارية، عناصر تساعد في إدارة ضغوط العمل، والتكيّف مع التغيرات القائمة، ومع الإحباطات والتحديات التي تواجهنا.
- مهارة مربع الأولويات: يعتمد مربع الأولويات على إدارة الوقت، بحيث أعطي كل مجال من مجالات حياتي حقه، سواء علاقات اجتماعية، أسرة، عمل، صحة، سفر.. مع استثمار التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لزيادة إنتاجيتي، وتطوير مهاراتي، وإدارة وقتي بكفاءة.
- مهارة التفويض: هي جزء من إدارة الضغوطات، حيث يمكن تفويض مهمة ما، ضمن الأسرة، أو العمل للآخرين، شرط تدريب الفرد المفوّض على كيفية القيام بالمهمة، بما يقود إلى تحررنا من بعض أعباء العمل، وتحسين أدائنا الوظيفي.
- مهارة استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي: من المهارات المهمة الواجب اكتسابها، لكونها تساعدني على إدارة الوقت والإنجاز بشكل أسرع، واكتساب المهارات التي تطور الأداء المهني.
كيف تكتسب المهارات؟
تتنوع طرق اكتساب المهارات الوظيفية التي تساعد على تعزيز الأداء العملي، «اكتساب المهارات تصنع الفرص سواء بحصول الفرد على ترقية، أو على عمل جديد، أو حتى تغيير منصبه الوظيفي».
وتعتمد آليات اكتساب المهارات الجديدة، أو حتى تطوير مهاراتنا المكتسبة، على:
- التعليم والتطوير المستمرين: هذان التوجهان يساعدانني على الإنجاز، ويفتحان أمامي فرص التعلّم، وهذا التعلّم يكون إما عبر استكمال دراستي وتحصيل شهادات تعليمية، أو بطرق أخرى أبرزها:
- الانخراط في دورات تدريبية وورش عمل حضورية تتواءم مع طبيعة عملي، وتنسجم مع هدف التطوير والتحسين.
- المشاركة في فعاليات ومناسبات تضيف إليّ كموظف، واكتساب خبرات جديدة عبر التواصل مع زملاء من مؤسسات أخرى.
- السفر والمشاركة في منتديات عالمية: تجربة جديدة قد تفتح آفاقاً جديدة من التطور والارتقاء الوظيفي.
- مشاهدة فيديوهات عبر اليوتيوب تقدم لي فائدة ومعلومات لتحسين أدائي.
- الانتقال إلى قسم آخر في عملي يقود للتعلم وتبادل الخبرات واستقاء عناصر نجاح أخرى.
- المشاركة في دورات عن بعد، وحتى من دول أخرى، تقودني إلى الاطلاع على أفضل الممارسات العالمية في مجال وظيفتي.
- القراءة: أقرأ، ثم أقرأ، ثم أقرأ، وهذا لا يقتصر على الكتب بل على التعليم المستمر بدافع رغبة داخلية في اكتساب المهارات والتطور في عملي.
- التفاعل: أن تكون «موظف دينامو» أي متفاعلاً مع المؤسسة والقسم الذي تعمل فيه، والإدارة والزملاء، وهذا من شأنه أن يكسبك مهارة تفهّم طبيعة العمل واحتياجات المؤسسة ويطوّر مهاراتك في الوقت نفسه.
- تقبّل الملاحظات وأيّ نقد: فالملاحظات من خبير في عملي قد تساعد على تحسين أدائي، لكونه «مرآة لي ولأدائي»، ولا بد من التعلم من «الملاحظات الفعالة» التي يقدمها لي الخبير فقط، وعدم الإصغاء إلى أي نقد من شخصيات سلبية لأنه «مدعاة للإحباط».
- الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا: لا بد من توظيف هذه التقنيات في الوقت الحاضر لاكتساب مهارات جديدة، وحتى أن البعض يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات لاتخاذ قرارات استراتيجية، وتطوير تطبيقات تفاعلية تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لزيادة الكفاءة.
تحقيق التوازن بين حياتنا الشخصية ونجاحنا المهني
يرتبط التطور المهني بالواقع الذي يعيشه الفرد، في ظل الأخذ في الاعتبار منطلقات تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والحياة الشخصية.
ويتوقف د.شافع النيادي، عند أهمية التوازن في «عجلة الحياة» في المجالات السبعة، وهي: المجال الديني، المجال الاجتماعي، المجال الأسري، المجال المهني، المجال المالي، المجال الصحي والمجال الشخصي.
ويؤكد بحزم «لا تضعوا أوقاتكم في مجال واحد، ولا تغلّبوا مجالاً على حساب آخر، واعطوا كل مجال حقه. فنافذة المجال المهني ضرورية للارتقاء الوظيفي وشعور الفرد بكيانه، وتحقيق استقلاليته المادية، ولكن لا بد من تحقيق التوازن عبر تحديد الأولويات، والقيم، والأهداف، في حياتنا الشخصية وحياتنا المهنية، وترتيب هذه الأولويات بشيء من المرونة».
كيف نغيّر العادات السلبية؟
في ظل الحديث عن استراتيجيات وسياسات وتقييم أداء ومعايير ومؤشرات، هل تغيير بعض العادات السلبية يعتبر أمراً سهلاً؟
يجيب د.النيادي «ثمة عقبات تواجهنا، وأهمها العادات السلبية التي تعيق تطورنا المهني، وهناك دراسات أثبتت أن التخلص من أي عادة سلبية يحتاج إلى نحو 40 يوماً، كي أقطع هذه العادة، وأمارس العادة المضادة لها، لتتحّول لأسلوب حياة، في ظل الانضباط الذاتي، والصبر، والإلمام بتأثيرها السلبي، والآفاق التي تنتظرني جراء تغييرها، والانطلاق نحو هدفي وطموحي ورسالتي ورؤيتي، وقد نضطر إلى الاستعانة بمتخصصين للتخلص من بعض العادات، وتلقّي المشورة، مع دعم من العمل والأصدقاء والأسرة».
كيف تقيّم نفسك؟ وما هي أدوات التقييم؟
وفي الختام، لا بد من إجراء قياس تقييمي لأدائي المهني والعمل على تحسين نقاط الضعف «يجب أن تكون عملية التقييم فصلية، شهرية، وسنوية، حسب المشروع والأهداف الموضوعة، ما يساعدني على التنبه لأخطائي وأدائي، وتكون أشبه بـ«استراحة محارب»، أعيد خلالها تقييم أسلوبي وأدائي، وإعادة استخدام أساليب جديدة تتواءم مع العمل. ويستند تقييم الأداء الوظيفي إلى قياس القدرات، والقدرة على تحسين نقاط الضعف، لكون التقييم يوضح مساري، وتماهي هذا المسار مع متطلبات المؤسسة على صعيد المهارات والخطط والأهداف والمعايير والمؤشرات والإنجاز، وهذا يخدمني ويخدم المؤسسة».
ويرتكز التقييم، بحسب د.النيادي، على قياس:
- جودة الأداء الوظيفي والكفاءة الوظيفية.
- جودة إنتاج العمل.
- كمية الإنجاز.
- السرعة في الإنجاز.
- طرق الابتكار والإبداع والأساليب.
- آليات التطوير والتحسين المستمر.
- الاستعانة بأصحاب الخبرة والمسؤولين.
- التعديل والمراجعة والتطوير: هذه الآلية تمكّنني من رصد نقاط القوة ونقاط الضعف، مع عدم الشعور بالإحباط في حال تعرضت لأي نقد من مديريّ، وإقامة حوار داخلي مع نفسي «أريد أن أنجز وأن أحقق أهدافي»، ما يجعلني أركز على التعديلات الداعمة لتحقيق هدفي.
- توثيق النتائج وتدوين النقاط التي تحتاج إلى تعديل: هذا التوثيق يعتبر مرجعاً لي في السنوات المقبلة للتطوير، ولِما يجب تجنّبه في مسيرتي العملية.