24 يناير 2024

افتحوا أبواب السعادة بالتفاؤل وأغلقوا أبواب الحزن بالرضا

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

افتحوا أبواب السعادة بالتفاؤل وأغلقوا أبواب الحزن بالرضا

يُصاب الكثير من الناس بالإحباط عند التعرّض لأي مشكلة في الحياة، سواء كانت في النفس، أو المال، أو الولد، وقد يؤدي ذلك الإحباط إلى حالة من الاكتئاب والحزن الشديد، ولا تكون النتيجة إلا مرضاً في الجسم، وعزلة عن الناس، وتقوقعاً مع الأفكار الهدّامة، واستسلاماً للندم والألم.

في مثل هذه الحالة، يكفينا أن نسأل أنفسنا «هل يُصلح الاستسلام للمشاعر السلبية ما فسد؟ أو هل يعيد الندم والحسرة الأمور إلى ما كانت عليه؟».

كثيرون يعرفون الجواب، لكنهم يمضون في طريق هادم للصحة، فتعيث أفكارهم في القلب فساداً، ولا ينامون الليل وهم يتألمون حتى تأكل الأفكار أجسامهم، وأرواحهم. وليس من السهل التغلب على هذه المشاعر التي لا بدّ أن نحسن قيادتها وتوجيهها، حتى نتغلب عليها، ونستبدل بها مشاعر إيجابية تقودنا إلى الصحة والعافية، والقدرة على إيجاد حلول لكل مشكلاتنا.

الطريق إلى السعادة

أولاً، علينا أن نعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وأن ما أخطأَنا لم يكن ليصيبنا، وأن الفرج مع الصبر، وأن مع العسر يسراً.. هذا ما أوصى به الرسول صلّى الله عليه وسلم، فلِمَ نتقاتل مع أنفسنا حتى تهزمنا، ولا نخرج من المعركة إلا بجروح وقروح لا تندمل؟

اصنع السعادة بالتفاؤل

التفاؤل لا يعني أن كل أمورنا ستكون على أكمل وجه، وأننا سنعيش في عالم خالٍ من المشكلات، لكنه يعني الأمل في أن نسير في طريق ورديّ ترسمه أحلامنا التي علينا السعي لأن نحوّلها إلى واقع، في يوم من الأيام. والتفاؤل يعني أن علينا نسيان ما حدث من آلام هزّت كياننا، وأرّقت منامنا، وأن نتعلم منها دروساً لنصبح أقوى، ونتمكن من الوقوف في وجه الرياح العاتية. وعندما ننظر إلى الأمس بعين الحسرة والأسى، علينا أن نتذكّر أننا مرَرنا، في تلك المرحلة من الحياة، بآلام كنا نظن أنها ستفتك بنا.

كيف ندرّب أنفسنا على أن نكون متفائلين؟

1- تغليب الأفكار الإيجابية

لا بد من تدريب العقل على التفكير إيجابياً، فنحن غالباً ما نصنع في رؤوسنا سيناريوهات تعتّم أفكارنا، وتجعل الصورة مشوّشة، وغير واضحة. وتفيد الدراسات بأنه كلما حاولنا مسح الصور السلبية واستبدال الصور الإيجابية بها، كلما نشط العقل باتجاه الوضوح، والرؤية السليمة التي تجعله قادراً على استقبال بوادر التفاؤل.

افتحوا أبواب السعادة بالتفاؤل وأغلقوا أبواب الحزن بالرضا

2- عشرة الأشخاص الإيجابيين

أكثر الناس عندما يتعرضون لمشكلات حياتية كبيرة، يبثون شكواهم لأصدقائهم، فإن كان هؤلاء من النوع السلبي، زادوا في الطين بلّة، وجرّوا الشخص الحزين إلى حزن أكبر، وأشدّ إيلاماً. لذا علينا اختيار الأشخاص الإيجابيين لبثّ شكوانا، وإخراج ما في قلوبنا من ألم، فهم يحثوننا على التفاؤل والنظر إلى المشكلة بشكل إيجابي.

3 - شكر الله على كل ما يصيبنا

لو نظرنا إلى العالم من حولنا لرأينا الكثير من المآسي التي لا يمكننا تحمّلها لو تعرضنا لها، ففي العالم فقر، وفقد، ومرض، ومصاعب حياتية بالغة. لذا علينا أن نحمد الله في كل حين على ما أعطانا، ولنعلم أن الابتلاء نعمة لا نعلم حكمتها، وما علينا سوى التسليم بقضاء الله الذي لا يريد لنا إلا الخير. ويكفي الإنسان أن يمتنّ لله كي يسعد، وينظر إلى الحياة بعين التفاؤل والرضا.

4- التخفيف من مشاهدة الأخبار الحزينة

ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي والتطور التقني في نقل المزيد من الأخبار الحزينة التي تجري في العالم، من حروب، وقتل، ودمار، وتشريد، وكوارث طبيعية. ففي السابق كان الإنسان يشاهد نشرة الأخبار ولم يكن مجبراً على ذلك، ثم ينسى ما شاهد بعد فترة، أما مع الهاتف الذكي، فقد صارت الأخبار الحزينة ترافقنا حتى لحظات نومنا. فإن كنت شديد الحساسية، ولا تستطيع تحمّل المشاهد المأساوية التي تبقى في ذهنك طويلاً، فلا تكثر من مشاهدة الفيديوهات المحزنة، لأنها تنقل إليك العدوى، وتجعلك أكثر يأساً، وأقلّ تفاؤلاً، ولكن هذا لا يعني ألّا نتعاطف مع أحوال الناس، وأحزانهم.!

افتحوا أبواب السعادة بالتفاؤل وأغلقوا أبواب الحزن بالرضا

5- ممارسة الهوايات

إن إتقان الرسم والكتابة والتصميم، ومختلف أنواع الرياضة، شيء جميل، ومريح، يمكن أن يخرج طاقات الإنسان السلبية، وينسيه آلامه، وأحزانه، فكلّ إنجاز ننجزه في هذا المجال، يعطينا طاقات إيجابية ويرفع هرمونات السعادة ويطلق العنان لمشروع التفاؤل.

6- تقبّل الآخرين بسلبياتهم

قد يؤلمنا سلوك الآخرين وتصرفاتهم، فنحاول أن نصنع عالماً خيالياً يتوافق مع أمزجتنا، ونحاول أن نصلح البشر كأننا موكّلون بهم. وفي خضم هذا الصراع الذي كلّفنا أنفسنا بتحمّله، ننسى أنفسنا، وننسى عيوبنا، وتصرفاتنا التي قد تؤذي الآخرين وتجرحهم من دون أن نلقي لها بالاً، ونظن أننا على صواب، وأن الناس كلهم مخطئون.

لِنبدأ بإصلاح أنفسنا، والاعتراف بسلبياتنا، ومسامحة الآخرين على أخطائهم، كي نعيش بسلام داخلي، بعيداً عن الانتقاد ومحاولة إصلاح الناس على حساب مشاعرنا ووقتنا.

وأخيراً، لنعلم أن النظرة الإيجابية للحياة، وتوقع الأفضل دائماً، ينعكس على صحتنا الجسدية والنفسية، ويعطينا إحساساً رائعاً بأن الحياة تحمل الكثير من الإيجابيات التي أخفتها أفكارنا السلبية، وجعلتنا نتقوقع داخل إطار المشكلات. ولنعلم أن للسعادة أبواباً لا تفتح إلا بمفتاح التفاؤل.