تشكل مواقع التواصل الاجتماعي كلها، كما يدل عليه اسمها، منصة للتواصل بين البشر، بمختلف علاقاتهم وجنسياتهم وأماكنهم، ويُعد تطبيق «الواتساب» أكثرها استخداماً في المحادثات المتبادلة، خصوصاً بين الأقرباء والأصدقاء والزملاء.. هو وسيلة فورية لنقل المعلومات وتلقّيها، لنشر الأخبار وقراءتها، للاطمئنان على الأحوال، والسؤال عن الكثير من الأمور.
نادرون هم الأشخاص الذين لا يستخدمون «الواتساب»، فقد صار هذا التطبيق المجاني للمحادثة الفورية جزءاً من الحياة اليومية، وطريقاً لا يمكن الاستمرار في الحياة من دون عبوره.
مع ذلك، يشكل «الواتساب»، بالنسبة إلى البعض، سبباً للمشكلات الاجتماعية والمعرفية، ومنصة لتبادل الاتهامات، والشتائم، وسوء الظن. فماذا فعل «الواتساب» في حياتنا اليومية؟ وكيف يمكن اختصار استخدامه ليكون وسيلة للراحة والاستفادة، وتسهيل التواصل، لا سبباً للبعد والجفاء؟
حظر أشخاص دون إنذار
يقول أيهَم «كنت في مجموعة عائلية على «الواتساب» تضم أكثر من خمسة عشر فرداً، من الأقرباء والإخوة والأخوات، ندردش، ونتحدث بأمور كثيرة، نطمئن على بعضنا بعضاً، ونرسل الصباحات والسلامات، فجأة، لاحظت أن مشرف المجموعة قد حظرني، وزوجتي، ولم نعد قادرَين على التواصل مع أحد. حاولت الاتصال به أكثر من مرة، وأرسلت له الرسائل النصية بلا فائدة. عندها قررت وزوجتي، مراجعة كل الرسائل في المجموعة علّنا نمسك بطرف الخيط، فعثرنا على رسالة كانت عبارة عن مزحة أسأل فيها عن ابنته السمينة ملقباً إيّاها بالطابة!».
ومن هذا النموذج الخلافي يوجد الكثير على «الواتساب»، فقد حظر عامر كلّ أفراد عائلته في مواقع التواصل الأخرى، إلى جانب «الواتساب» بعد خلاف مبنيّ على سوء التفاهم بينه وبين أحدهم. وضاقت مايا ذرعاً بصديقاتها عندما تحدثت عنها إحداهن بأسلوب ساخر قرأه الجميع، فراحت تنتقم عن طريق «الفيسبوك» وتكتب عبارات غير لائقة بحق الجميع، خصوصاً تلك التي استهزأت بها.
حروب من أنواع كثيرة، بعضها كلامي، والآخر قد يصل إلى المحاكم بتهمة القذف والسّب، وبعضها يكلف الكثيرين أموالاً كغرامة لقولٍ، أو فعلٍ غير مقصود.
الحب المزعج.. سيل من الرسائل
من ناحية أخرى، يشكل «الواتساب» مصدراً غزيراً للرسائل الصباحية التي يطمئن بها الكثيرون على أحبابهم، بمجرد أن يعلموا أن الرسالة قد قرئت. ولكن هذه الرسائل المتدفقة بشكل يومي، تحوّل الحب والتعاطف بالنسبة إلى البعض إلى وسيلة إزعاج، وإرباك، فكم من مرة تتالت إشعارات الرسائل بنغمتها المختارة على «الواتساب» وكان صاحب الهاتف مشغولاً لا يستطيع الرد مباشرة، فتدفقت الاستفسارات مع توجيه اتهامات وعلامات استفهام. ألا يمكن أن يكون الشخص المقصود في اجتماع، أو يقود سيارته، أو حتى في الحمام؟؟!
«أين أنت؟»... «لم لا ترد؟»... «من الصباح وأنا أرسل الرسائل ولا من مجيب»... «سلاماً للغالين»... «أحببت أن أطمئن عليك.»... «على الأقل اقرأ الرسالة»... وغير ذلك من العبارات المقلقة التي تصيب بالتوتر من نظّم يومياته ليستفيد من وقته قدر الإمكان.
كنتَ «أونلاين»
تقول رنا «كنت أراقب زوجي على «الواتساب»، فأرى أنه متصل، وكنت أشك في علاقته بإحدى زميلاته في العمل، سعيت للحصول على رقمها وأضفتها على «الواتساب»، ثم صرت أرى أنهما يتصلان ويتوقفان عن الدردشة في الأوقات ذاتها، وبسبب هذه المراقبة، كثرت الخلافات بيني وبين زوجي ووصلنا إلى الطلاق».
وعادة، تنزعج كثيراً عندما ترسل رسالة لأحدهم وترى أنه متصل، لكنه لا يرد على رسالتها. فهل يعني أن تكون متصلاً، مع أنه بالإمكان إخفاء ذلك، أنَّك تتحادث مع شخص معين وتهمل الرد على الآخرين؟
«الواتساب».. ضياع للوقت أحياناً
يقول أحمد، رجل مطلّق وأبٌ لطفلين يعيشان معه، ويتابع تحصيلهما العلمي في المدرسة، ويتشاور مع أهالي الطلاب الآخرين ضمن مجموعة على «الواتساب»: «كنت عائداً إلى بيتي ذات يوم حاملاً أغراضاً، وبينما كنت أهمّ بوضع المفتاح في الباب، تتالت إشعارات رسائل «الواتساب»، ولم أعرف إن كانت من المجموعة الدراسية لولديَّ، أم من جهات أخرى، ارتبكت، وضعت الأغراض على الأرض وفتحت «الواتساب»، فإذا بالرسائل تتدفق من مجموعة عائلية، يتشاور أفرادها لاختيار هدية لإحدى قريباتنا في ذكرى ميلادها الثمانين!».
كي لا نشعر بالحرج مع الأصدقاء والزملاء، وكي لا نحظر أحدهم أو نتجاهل رسالته، نرى أنفسنا غارقين في دوامة الرد على الرسائل مع الأخذ والعطاء، ويضيع الوقت ونحن ممسكون بالهاتف، نردّ ونعتذر، نمحو ونعلّق، فهل إلى خروج من هذا الإزعاج من سبيل؟ هل نغادر المجموعات؟ هل نحظر الأصدقاء؟ أم نبقى مرغمين على التواصل في كل الأوقات؟
كيف نتجنب إزعاج رسائل «الواتساب» مع حفظ العلاقة: