في يوم الشطرنج العالمي.. مكتبة محمد بن راشد تستضيف عشّاق الشطرنج من محبي القراءة
يجتمع في العشرين من يوليو، في كل عام، عشّاق اللعبة الملكيّة في جميع أنحاء العالم للاحتفال باليوم العالمي للشطرنج، هذه اللعبة العريقة التي نشأت في الهند منذ قرون، تجاوزت حدود الزمان والمكان لتصل إلى كل ركن من أركان العالم.
واليوم يحتفل عشّاق الشطرنج، ليس فقط بتاريخ هذه اللعبة، بل بالأهميّة التي تمثّلها في تنميّة الذكاء، وتعزيز التفكير الاستراتيجي، وبناء الشخصيّة، فقد كان آينشتاين يصف الشطرنج بأنه «فن وعلوم ورياضة في آن واحد».
حيث استطاعت هذه الرياضة أن تسحر عقول أعظم المفكرين في التاريخ، فهي ليست مجرد لعبة، بل رحلة ممتعة لاكتشاف قدرات العقل البشري وتعزيز مهارات الإنسان الحياتيّة.
وفي الإمارات، وبهذه المناسبة نظمت مكتبة محمد بن راشد، بالتعاون مع اتحاد الإمارات للشطرنج، دوري الشطرنج الخاطف، وذلك احتفاءً باليوم العالمي للشطرنج.
وتهدف هذه الفعاليّة إلى الجمع بين عالمي الشطرنج والقراءة، بما يدعم تعزيز المهارات الذهنيّة والثقافيّة للمشاركين، الذين تجاوز عددهم أكثر من 50 لاعب شطرنج من محبي القراءة.
حيث تنافسوا في نظام الجولات المتعدّدة للفوز بمجموعة قيّمة من الكتب المميزة، والتي تضم إصدارات حديثة في مجالات الأدب والعلوم والفنون.
ومن جهته أكّد الدكتور محمد سالم المزروعي، عضو مجلس إدارة مؤسّسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، أن «هذه الفعاليّات تهدف إلى توفير بيئة تعليميّة ترفيهيّة تُثري العقول وتُشجّع على التفكير النقدي والإبداعي، حيث يُعدُّ الشطرنج والقراءة أدوات قويّة لتنميّة المهارات الذهنيّة، ونحن فخورون باحتضان مثل هذه الأنشطة والفعاليّات التي تجمع بين الترفيه والتعليم، تماشياً مع التزامنا الراسخ بتعزيز الثقافة والمعرفة بين أفراد المجتمع».
«كل الأسرة» حضرت فعاليّات الاحتفال باليوم العالمي للشطرنج، وحاورت عدداً من المشاركين فيها، لاستعراض تجربتهم في ممارسة لعبة من أرقى الألعاب الرياضيّة عالميّاً، وكيف انعكس ذلك على حياتهم الشخصيّة والمهنيّة، وتسليط الضوء على التحدّيّات التي تواجه ممارستها في الآونة الأخيرة.
حيث أوضح تريم مطر تريم، رئيس اتحاد الشطرنج، «أنَّ بطولة الشطرنج الخاطف في مكتبة محمد بن راشد تأتي في إطار رؤية واستراتيجية الاتحاد المستدامة لتعزيز الأنشطة التي تسهم في تنمية المهارات الذهنيّة والإبداعيّة وتعزز من قدرتهم على التفكير العميق والتحليل الاستراتيجي».
مضيفاً: «تعكس هذه الخطوة التزامنا الراسخ بدعم المجتمع وتوفير منصّات تفاعليّة تتيح للأفراد تطوير قدراتهم العقليّة والاستفادة من الشطرنج كوسيلة تعليميّة وترفيهيّة».
مهارة متوارثة في ممارسة لعبة الشطرنج
وقد استوقفنا حضور الأب وليد يوسف، وولده الطفل خالد وليد؛ للتنافس في هذه البطولة، تعزيزاً لمفهوم أن لعبة الشطرنج موروث ثقافي ثمين، فالآباء والأجداد يقومون بتعليم أبنائهم وأحفادهم أسس اللعبة.
فمن جهته أكد وليد أن تعليم الأبناء يضمن استمراريتها وتطوّرها، مضيفاً: «تحرص الأندية على استقطاب الأطفال وتشجيعهم للاستمرار في ممارسة رياضة الشطرنج، من خلال البطولات المختلفة التي تشجعهم على تبادل الخبرات والمعرفة بين اللاعبين من مختلف الأعمار، تعزيزاً لدور الأسرة التي ورّثته هذه الرياضة المهمّة، فالشطرنج ليس مجرد لعبة، بل هو موروث فكري عظيم يجب الحفاظ عليه وتطويره، خصوصاً في ظل الإقبال على الألعاب التقنيّة والإلكترونيّة».
الشطرنج وسيلة لتعزيز التواصل الاجتماعي
وفي هذا السياق، قال عمر محمد «لعبة الشطرنج ليست مجرد وسيلة للتسليّة، فهي أداة قويّة لتطوير العقل وتعزيز المهارات المعرفيّة، وفي مثل هذه البطولات والفعاليات نستكشف سويّاً الفوائد العديدة التي تجنيها من ممارسة هذه اللعبة، وكيف يمكنها أن تسهم في صقل شخصيّتنا وتحسين أدائنا في مختلف جوانب الحياة، خصوصاً في العمل.
فالشطرنج أكثر من مجرد لعبة فرديّة، فهي وسيلة رائعة للتواصل الاجتماعي وبناء العلاقات، لعبة الشطرنج توحّد الناس من مختلف الثقافات والأعمار، ويمكن أن تكون حافزاً لتكوين صداقات جديدة وتعميق الروابط الاجتماعية».
توظيف الذكاء الاصطناعي في لعبة الشطرنج
ومن جهته تحدّث خالد علي عن الثورة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في عالم الشطرنج: «لقد ساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تطوير هذه اللعبة العريقة، فمن خلال قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على تحليل ملايين الحركات والسيناريوهات المحتملة، عملت على توفير أدوات تعليميّة متقدّمة لنا كلاعبين من جميع المستويات..
حيث يمكننا من خلالها تحليل أدائهم، واكتشاف أخطائهم، وتطوير استراتيجياتهم بشكل فعّال، علاوة على ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي قد فتح آفاقاً جديدة للبحث في مجال الشطرنج، حيث يمكن للباحثين استخدام هذه التقنيّات لاكتشاف أنماط جديدة وحلول مبتكرة لمشاكل الشطرنج المعقدة».
لعبة الشطرنج تبني شخصيّة تتحلّى بالصبر
أما عائشة خان، فقد تحدّثت عن أهميّة تعلم الشطرنج لتنميّة الذكاء والتفكير النقدي والإبداعي: «تعزّز لعبة الشطرنج القدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات، فهي وسيلة لبناء شخصيّة تتحلّى بالصبر والتركيز، فعلى الرغم من التطوّر الذي نشهده في العالم، لكن يبقى الشطرنج مدرسة لتطوير المهارات الشخصيّة، وصقل العقل وتنميّة قدرات اللّاعب..
فمن خلال مواجهة تحدّيّات اللعبة المتنوّعة، يتعلّم اللاعب كيفية اتخاذ القرارات الصحيحة تحت الضغط، وتحليل المعلومات المتاحة بدقة، والتخطيط للمستقبل، بالإضافة للعديد من المهارات التي نكتسبها من خلال مثل هذه المنافسات التي تعتبر وسيلة لتبادل الخبرات إلى جانب تطوير قدرتنا على المنافسة».
* تصوير: السيد رمضان