شواطئ حماطة المصرية.. متعة الخصوصية على أجمل شواطئ البحر الأحمر
تنافس شواطئ حماطة، التابعة لمحمية جبل علبة على ساحل البحر الأحمر، كبريات المنتجعات الطبيعية حول العالم، ليس فقط لما توفره للزائر من خصوصية بعيداً عن صخب مواسم الاصطياف في العديد من المنتجعات الكبرى، إنما بما تتميز به من طبيعة ساحرة تجمع بين زرقة البحر وهدوء الصحراء.
تمتد شواطئ حماطة على ساحل البحر الأحمر، لمسافة تصل إلى نحو ميلين بحريين، يتميزان بتنوع كبير للشعاب المرجانية، والأسماك بمختلف أنواعها، إلى جانب العديد من الشواطئ الرملية شديدة النقاء، هو ما يتجلى بوضوح في العديد من الجزر المواجهة للشاطئ، مثل جزيرتي شواريت وأم الشيخ اللتين تُعدان من أجمل جزر البحر الأحمر..
بما توفرانه للزائر من خصوصية واسترخاء، بعيداً عن باقي الجزر في المنطقة، التي تُعد مأوى طبيعياً للعديد من أنواع الطيور المهاجرة والمتوطنة، وتعد مكاناً مثالياً لهواة مراقبة الطيور.
تنتشر أكواخ الاصطياف البسيطة على شواطئ حماطة، لتضفي على المنطقة الأجمل على ساحل البحر الأحمر خصوصية مميزة في الاستمتاع بشواطئها البكر، وطبيعتها الساحرة، التي تجمع بين سياحة الشواطئ وسياحة السفاري..
حيث يعانق جبل حماطة امتداد الشاطئ الرهيف بطول يزيد على ستين كيلومتراً، ما يوفر للزائر متعة الاستمتاع بتلك الطبيعة البكر ومشاهدة ثاني أعلى قمة جبلية في سلسلة جبال البحر الأحمر، على ما تضمه من حيوات برية، ساهمت فيها السيول التي تنحدر في مواسم الشتاء من الجبال إلى الأودية المختلفة في المنطقة، التي لا تزال تحتفظ بتراثها العتيق، وطبيعتها البكر.
يرجع كثير من الباحثين اسم «حماطة» إلى نبات الحماض الذي تشتهر به المنطقة، وهو واحد من أشهر النباتات التي تنمو عند سفوح جبل حماطة القريب، الذي يمثل أكبر القطاعات في محمية وادي الجمال الشهيرة بمرسى علم، على ما يضمه من تنوع بيولوجي بري وبحري كبير، حيث تُعد تلك المنطقة واحدة من أكثر المناطق التي يعيش فيها الغزال المصري..
فضلاً عن الماعز الجبلي وكذلك القط البري الذي ينتمى لفصيلة النمور. وقد اختفت كثير من قطعان تلك الحيوانات البرية خلال السنوات الأخيرة، بعد توافد كثير من المنقبين عن الذهب..
ويقول علاء العبادي وهو أحد أبناء قبيلة العبابدة التي تنتشر في تلك المنطقة: «تتسبب أصوات السيارات والمعدات التي تتدفق على المنطقة ليلاً، في إزعاج تلك الأنواع من الحيوانات التي تعيش في أودية جبل حماطة، وهروبها قبل أن تختفي تماماً في الأودية الجبلية على نحو يصعب معه رصدها».
تنتشر بطون قبيلة العبابدة في حماطة والمناطق القريبة منها، ويقوم كثير من أبنائها على خدمة الزوار في العديد من القرى السياحية البسيطة ومعسكرات الاصطياف البدائية، ويفخر أبناء تلك القبيلة متعددة البطون بانتسابهم إلى شبه الجزيرة العربية، ويقولون إنهم ينحدرون من جدهم الأكبر الصحابي الجليل الزبير بن العوام..
إذ يعتبرونه الأب المؤسس لتلك القبائل التي انتشرت في بادئ الأمر في الصحراء الشرقية المصرية، قبل أن تستقر بين وادي النيل والبحر الأحمر جنوب القُصير، ويبين علاء العبادي أن العبابدة يختلفون عن البشارية وهي واحدة من القبائل التي تعيش في المنطقة، وتربطهم بها وشائج جيرة قديمة..
ويضيف: «البشارية هي العشيرة الرئيسية لقبائل البجا التي تنتشر في جنوب الصحراء النوبية المصرية، لكن العبابدة يصنفون في علوم الأنساب من العرب الساميين، بينما البشارية كوشيون، يتحدثون لغة البجا إلى جانب العربية، بينما نفخر نحن بأصولنا العربية الخالصة».
تنحدر السيول من جبل حماطة في فصل الشتاء، قبل أن تنتهي عند عشرات من الأودية المنتشرة عند سفح الجبل، ما يجعلها أشبه بجنة خضراء في قلب الصحراء القاحلة، على نحو يجذب العشرات من هواة التخييم للاستمتاع بالهدوء ومراقبة النجوم في سماء المنطقة الصافية، وقطعان الغزلان وهي تهبط من الدروب الجبلية عندما يحل المساء؛ للشرب من عيون المياه التي تتفجر من باطن الجبل..
في مشهد بديع يضفي على المنطقة جمالاً إضافياً، لا يتوقف عند حد الشواطئ الرملية الناعمة، وما تضمه الأعماق القريبة من سطح الماء، من تنوع بيولوجي فريد بالشعاب والأسماك الملونة والسلاحف والدلافين وغيرها من الكائنات البحرية النادرة، مثل السلاحف الخضراء وقرش الحوت، وسمكة عروس البحر.
تنتشر تجمعات نبات الشورى المعروفة باسم المانجروف على طول ساحل منطقة حماطة، فتحول الشاطئ إلى ما يشبه لوحة فنية رائعة الجمال، خصوصاً في الجزر القريبة من الشاطئ، والتي تُعد من أهم المناطق التي يستوطن بها «صقر الغروب» وهو واحد من أندر أنواع الصقور التي تعيش في تلك المنطقة..
ويتخذ من الشجيرات الملحية التي تنمو على سطح تلك الجزر موطناً لبناء الأعشاش أثناء ترحاله الدائم من شمال شرق أفريقيا حتى جنوب منطقة الخليج العربي، قد كان ذلك أحد الأسباب التي وقفت وراء تسميته بالصقر المهاجر، لأنه يهاجر لمسافات طويلة خلال فترة الصيف تبدأ من البحرين والكويت وقطر قبل أن يحط رحاله في تلك المنطقة في مصر.
يقطع الزائر المسافة إلى منطقة حماطة في نحو ثلاث ساعات، انطلاقاً من مدينة الغردقة، عبر الطريق الساحلى، وصولاً إلى منطقة شلاتين بمحاذاة ساحل البحر الأحمر، مروراً بمدن سفاجا والقصير ومرسى علم، حيث تقع المحمية على بعد نحو 320 كيلو متراً جنوب مدينة الغردقة، لكنها رغم طول المسافة، تُعد رحلة ممتعة..
إذ تنتشر على جانب الطريق عشرات من المطاعم الصغيرة والاستراحات، التي لا تخلو من مراكز لبيع الحرف اليدوية المحلية، إلى جانب العديد من القرى السياحية المبنية على الطرز التقليدية، وجميعها لا تفتقد التجهيزات اللازمة للرياضيين وهواة ركوب الأمواج الشراعية، ومراكز الغوص التي توفر كافة المعدات الخاصة بالغوص في أكثر من ثلاثين موقعاً بحرياً مميزاً، جميعها مناسب للغواصين من كل المستويات.
* تصوير- أحمد شاكر
اقرأ أيضاً: شرم اللولي.. أجمل شواطئ البحر الأحمر ووجهة السيّاح والمغامرين