شرم اللولي.. أجمل شواطئ البحر الأحمر ووجهة السيّاح والمغامرين
تجذب شواطئ منطقة شرم اللولي، بمدينة مرسى علم المصرية، جنوب الغردقة، آلافاً من عشاق الطبيعة، والباحثين عن الاستجمام والهدوء، خلال هذه الفترة من كل عام، للاستمتاع بأجوائها الساحرة، التي جعلتها تتصدر قائمة أجمل عشرين شاطئاً على مستوى العالم، في كثير من الدوريات المعنية بالسياحة الشاطئية والبيئة، قبل أن تتصدر مؤخراً، قائمة أفضل عشرة شواطئ يمكن زيارتها في منطقة الشرق الأوسط.
يُعد خليج شرم اللولي واحداً من أجمل ثلاثة شواطئ في محمية مرسى علم، التي تُصنف بدورها باعتبارها ثالث أجمل محمية طبيعية في مصر، وهو عبارة عن شاطئ رملي مسطح، يضم مجموعة من النتوءات الصخرية التي تحيط بها مجموعة متنوعة من الشعاب المرجانية، والعديد من الكائنات البحرية المهددة بالانقراض، مثل سلاحف منقار الصخر.
تشبه منطقة شرم اللولي فردوسا مفقوداً، لا يدرك قيمته سوى الباحثين عن المتعة والاستجمام، بعيداً عن صخب المنتجعات السياحية في مواسم الأعياد والإجازات، إذ تبعد عن مدينة مرسى علم بنحو ستين كيلومتراً، وتشكل بامتدادها الرهيف على شاطئ البحر الأحمر، ما يشبه بحيرة هادئة تضفي بمياهها الكريستالية والدافئة طوال العام، مزيداً من البهجة على محمية وادي الجمال، التي تمتد بعمق يصل إلى نحو خمسين كيلومتراً في صحراء مصر الشرقية، بمحاذاة البحر الأحمر.
فيما تصطف على امتداد الشاطئ عشرات المخيمات البدوية المخصصة لاستقبال الزائرين، وتوفير سبل الراحة لهم طوال فترة إقامتهم، عن طريق مجموعات متخصصة في السياحة البيئية، من السكان المحليين بالمنطقة، وهم خليط من أبناء قبائل العبابدة الذين سكنوا تلك المنطقة منذ عقود بعيدة، وكان نشاطهم الرئيسي ينحصر في مهنة الرعي، قبل أن يتحول كثير منهم إلى العمل في السياحة، في ظل الإقبال الكبير على تلك المنطقة بعد إدراجها قبل سنوات من قبل منظمات دولية، ضمن قائمة أفضل المقاصد السياحية في مصر.
يطلق السكان المحليون على منطقة «شرم اللولي» اسم شاطئ «حنكوراب»، نسبة إلى المنطقة الملاصقة لمحمية وادي الجمال، التي تضم ثلاثة قرى رئيسية، من أشهرها قرية برنيس، التي تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى واحدة من أشهر القرى المتخصصة في السياحة العلاجية، لا تنافسها في ذلك سوى بحيرة النيزك القريبة، وهي بحيرة طبيعية تكونت منذ قرون بعيدة بسبب سقوط نيزك ضخم في الزمان الغابر.
وتعد هي الأخرى واحدة من أهم مواقع الجذب السياحي في المنطقة، بسبب طبيعتها الخلابة التي تمزج بين جمال الصحراء، وزرقة البحر، وما تضمه شواطئها الممتدة بطول الساحل، من كائنات بحرية، وشعاب مرجانية فريدة، تجذب على مدار العام عشاق رياضات الغوص من كل مكان في العالم، خصوصاً إلى المنطقة المعروفة بمحمية الدلافين، والتي تصنف باعتبارها واحدة من أندر الأماكن في العالم، حيث تمرح فيها أعداد هائلة من الدلافين التي تنشط حركتها في ساعات محددة قبل حلول الظلام، قبل أن تلجأ إلى الاسترخاء طوال ساعات النهار بين الشعاب المرجانية المعروفة باسم شعاب صمداي.
يتصدر مشروب الجبنة التقليدي في شرم اللولي، تحية زوار المنطقة، باعتباره أحد المشروبات التراثية لقبائل العبابدة والبشارية، التي تسكن تلك المنطقة، وهو عبارة مشروب القهوة التقليدي لكنه يصنع بطريقة مختلفة في أوانٍ فخارية مخصصة لذلك، حيث تخضع ثمار البن إلى عملية تحميص تقليدية على النار، قبل أن يتم طحنها داخل إناء مصنوع من الفخار، وإضافة بعض حبات القرنفل، أو الهيل، أو الزنجبيل، إليها، مع قليل من السكّر، وتقديم المشروب داخل فناجين صغيرة مصنوعة من الخزف الصيني الملون.
وتضفي الأعشاش البدوية المنتشرة على شاطئ شرم اللولي، لزيارة المنطقة، أجواء خاصة، وتشكل مع مياه المنطقة المعروفة بنقائها ورمالها البيضاء، ما يشبه لوحة فنية، حيث يمنح هذا الصفاء للزائر فرصة حقيقية للاستمتاع بما يضمّه قاع البحر في تلك المنطقة، من شعاب مرجانية، وطبيعة ساحرة، من النادر وجودها في أي مكان آخر في العالم.
وقد كان ذلك أحد الأسباب التي دفعت موقع «تريب ادفايزر» المتخصص في السياحة والسفر حول العالم، إلى اختيارها لتتصدر قائمته الصادرة في عام 2018 ضمن أفضل عشرة شواطئ بمنطقة الشرق الأوسط، باعتبارها واحدة من أجمل بقاع الأرض، وأكثرها نقاء.
تحمل القوارب المطاطية عشاق الغوص إلى مناطق الشعاب المرجانية في منطقة شرم اللولي، فتوفر لهم فرصة نادرة للمتعة، بالسباحة وسط عشرات من مختلف أنواع الحيوانات البحرية النادرة، أو تلك المهددة بالانقراض، وعلى رأسها السلاحف البحرية، وبقر البحر النادر، فيما تخترق سيارات الدفع الرباعي صحراء محمية وادي الجمال في الساعات الأولى من الصباح، لتقدم للزائر تجربة أخرى لاستكشاف الحياة البرية الفريدة في المحمية، التي تخترق سلسلة جبال البحر الأحمر، وما تضمه من حيوانات نادرة، مثل الغزلان، والثعالب، وحيوانات التيتل، والاستمتاع أيضاً بمراقبة مختلف أنواع وفصائل الطيور النادرة التي تقيم في تلك المحمية، مثل فصائل نسر العقاب، ومختلف أنواع الصقور النادرة، وعلى رأسها فصيلة صقر الغروب النادر الذي يقيم في منطقة جبل حماطة المتاخم للمحمية، التي تشبه في حقيقة الأمر متحفاً مفتوحاً.
ويقول الدكتور أحمد غلاب الباحث في قطاع المحميات بالبحر الأحمر، إن شرم اللولي يُعد البوابة الرئيسية للدخول إلى هذا العالم الساحر الذي يمتد في المنطقة المحصورة ما بين شمال مرسى علم، وحتى منطقة رأس بناس، التي تتميز بامتداد مرجاني فريد، كان سبباً في ثرائها الطبيعي، وتوفير البيئة المناسبة لحياة العديد من الكائنات البحرية الكبيرة، وفي مقدمتها عروس البحر، والسلاحف الخضراء، مشيراً إلى أن منطقة شعاب الفنستون الملاصقة لشرم اللولي تُعد من أجمل مناطق الغوص في العالم.
لا تتوقف عوامل الجذب السياحي لمنطقة شرم اللولي عند حد الاستمتاع بشواطئها الفريدة، وما تضمه من تنوع طبيعي كبير، لكنها تمتد أيضاً إلى أنها تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى واحدة من أبرز مناطق السياحة العلاجية في العالم، حيث يلجأ إليها كثير من الباحثين عن الراحة والاستجمام، والاستشفاء من العديد من الأمراض، عبر العلاجات التقليدية المنتشرة في المنطقة، والتي تعتمد على الدفن في الرمال الساخنة.
حيث تتميز المياه الكبريتية الغنية بالمغنيسيوم بخواص علاجية للكثير من الأمراض، وبخاصة أمراض العظام، والجهاز الهضمي، وبعض أمراض الجهاز التنفسي، والعديد من الأمراض الجلدية، كما أنها تمثل علاجاً سحرياً، حسبما يقول كثير من الخبراء في هذا المجال، لحالات الروماتيزم المفصلي.
* تصوير: أحمد شاكر
اقرأ أيضاً: جولة في الزعفرانة.. أجمل البقاع الساحرة على شاطئ البحر الأحمر بمصر