ترسم الرمال وهي تعانق زرقة البحر، في منطقة الزعفرانة في مصر، صورة خلابة لتلك البقعة الساحرة، على شاطئ البحر الأحمر، والتي تجذب طوال فصول العام آلافاً من السائحين وهواة الرياضات المائية، للاستمتاع بشواطئها الخلابة، وموقعها البديع ومياهها الصاخبة، التي تغوي كثيرين من ممارسي رياضة التزحلق على الماء، من مختلف دول العالم.
تخطف زرقة مياه البحر في منطقة الزعفرانة قلوب عشاق الطبيعة، إذ تجمع في تناغم بديع بين مختلف مفردات الطبيعة الخلابة، وما توفره سلاسل جبال البحر الأحمر الشاهقة، على الجانب الآخر من جمال فاتن.
تعبر تيارات الهواء النقية في هذا المكان بين فتحات تلك الجبال قادمة من ناحية البحر، لتغذي عشرات من طواحين الهواء، التي تمتد على مساحة كبيرة تقدر بنحو مائة وعشرين كيلو متراً في عمق الصحراء المواجهة للبحر.
ويصنف خبراء الطاقة في مصر منطقة الزعفرانة، باعتبارها واحدة من أكبر محطات الرياح في العالم، إذ تحتل المرتبة الثانية كأكبر محطة توليد للطاقة بواسطة الرياح في أفريقيا.
تبعد الزعفرانة عن مدينة السويس بنحو 120 كيلو متراً، من ناحية الجنوب، وقد لعب موقعها الفريد على امتداد ساحل البحر الأحمر، في اختيارها لإنشاء محطة الرياح الأولى في مصر، والتي روعي في تصميم توربيناتها، أن تتناسب مع مناخ المنطقة الصحراوي، وما قد تشهده خلال فترات معينة من العام، من هبوب عواصف رملية.
تمتد محافظة البحر الأحمر مثل شريط كبير يغفو على ساحل البحر الأحمر، ويبلغ طوله نحو 1080 كيلو متر، وتمثل منطقة الزعفرانة نقطة الانطلاق الأولى نحو تلك المحافظة مترامية الأطراف، من ناحية الشمال. ورغم أن محافظة البحر الأحمر تضم سبعة مدن رئيسية، أشهرها الغردقة ومرسى علم، إلا أن منطقة الزعفرانة نجحت خلال فترة وجيزة في أن تنافس بقوة في جذب مختلف الأنواع من السائحين، وبخاصة عشاق الرياضات المائية، ورحلات التخييم في الصحراء، وهي المهنة الثالثة التي يحترفها أهالي تلك المنطقة بعد مهنتي الصيد والغطس، فضلاً عن قلة من السكان، تعمل في العديد من المحاجر التي تفتش عن المعادن في الصحاري المتاخمة للمنطقة.
يرجع كثير من الباحثين تاريخ الحياة في تلك المنطقة إلى قرون بعيدة مضت، ويقولون بأن قبائل عدة من المصريين القدماء سكنوا تلك المنطقة في الزمان السحيق، مدللين على ذلك ببقايا آثار عثر عليها قبل عقود، تشير إلى أن الزعفرانة كانت تضم في فترة من الفترات واحداً من أهم الموانئ الفرعونية، التي خصصت لنقل المعادن في هذا الزمان البعيد، وأن العديد من الرحلات البحرية، كانت تنطلق من هذا الميناء، لنقل النحاس والمعادن من سيناء إلى منطقة الوادي أيضاً، وهو ما تكشف عنه أطلال يقال إنها تخص مجموعة من مراسي السفن الحجرية كانت موجودة في تلك المنطقة.
لا تتوقف الأهمية التاريخية لمنطقة الزعفرانة عند هذا الحد، إذ تضم العديد من المواقع الأثرية والتاريخية، ربما من اشهرها دير الأنبا أنطونيوس، بإطلالته الفريدة علي سفح جبل الجلالة القبلي، إلى جانب تلك البرديات التي عثر عليها مؤخراً بمنطقة تسمي وادي الجرف، ومن بينها واحدة وصفت بأنها من أقدم البرديات التي عرفها التاريخ الإنساني، وهي البردية التي أطلق عليها بردية «ميريرو». ويضم الوادي أيضاً العديد من الكهوف التي تضم نقوشا، يقول الأثريون أن عمرها يزيد على الفين وخمسمئة عام.
ينظر كثير من السائحين وهواة الرياضات المائية إلى منطقة الزعفرانة باعتبارها مكاناً مثالياً لممارسة رياضاتهم المثيرة، خصوصاً التزلج على الماء، أو ركوب الأمواج، وتستقبل العديد من القرى السياحية المنتشرة على طول المنطقة، مئات من المغامرين الباحثين عن المتعة، سواء في البحر عبر ممارسة تلك الرياضات إلى جانب رياضة الغطس، أو في الصحراء عبر ممارسة رياضات التخييم وتسلق الجبال الوعرة.
* تصوير: أحمد شاكر