عازف «الأوكورديون» الإسباني الكسندر ساركسيان
في عالمنا الصاخب والمتسارع، يمثل «المترو» شريان الحياة الحقيقي للكثير، فهو المكان الذي نشهد فيه تنوعاً كبيراً في البشر، ونشترك جميعاً في رحلة واحدة، يحمل رواده مشاعر مختلطة، بين الإجهاد والتعب، أو التفكير والقلق..
بعد يوم طويل وشاق، الموسيقى هي وحدها فقط، القادرة على إنقاذه من بحر أفكاره، وتغيّر مزاجه للأفضل، فهي ليست مجرد أصوات، بل هي لغة عالمية تتحدث إلى الروح، وتثير المشاعر، وتلهم الخيال.
فقد أضفى مهرجان مترو دبي للموسيقى، خلال أسبوع كامل، لمسة من السحر على رحلات الركاب اليومية، حيث تحولت محطات المترو إلى مسارح حيّة تعج بالألحان، والإيقاعات.
وقد نجح المهرجان في خلق أجواء من البهجة والإيجابية، فبدلاً من أن تكون محطات المترو مجرد أماكن للانتظار، أصبحت ملاذاً لبهجة الروح، حيث يستمتع الركاب بألحان متنوعة تسهم في تخفيف التوتر، وتنشيط المزاج.
وقد أظهر المهرجان، بوضوح، كيف يمكن للموسيقى أن تكون جسراً للتواصل بين مختلف الثقافات، والأجيال، وأن تلعب دوراً هاماً في بناء مجتمع أكثر سعادة، وتماسكاً.
حيث استمتع الركاب بعروض مهرجان مترو دبي للموسيقى، سواء التي تقدم داخل العربات، أو حتى في ممرات خمس محطات رئيسية، شملت فعاليات مثل «بيت بوكسينغ»، وعرض للدمى، والعروض النابضة بالحياة للإيقاعات العالمية، والتي تضم مجموعة متنوعة من آلات الإيقاع، والأنماط الموسيقية.
فقد استوقفت موسيقى الشاب الإماراتي أحمد الهاشمي، رواد المترو بعزفه الرائع على البيانو، الذين اعتبروه حالة استثنائية، حيث عزف مقطوعات خاصة..
كما استعرض موهبته بالتعرف إلى نوتات بمجرد سماعها من دون الحاجة للنظر إلى مفاتيح البيانو، رغم أنه مصاب بطيف التوحد، ولكن لم تعقه إصابته عن ممارسة شغفه، وحبه للموسيقى.
أما عازف «الدرامز» أنيل شيلان من الهند، فقد حوّل ممر المترو إلى حالة من الحماس عبر موسيقى صاخبة من خلال العزف على الطبول، وشاركه بعض ركاب المترو في العزف، والرقص، حيث وصف تجربته بأنها رائعة في مدينة مثل دبي، تقدم الفنانين بصورة لائقة بهم.
وكانت المفاجأة في تقديم عازف «الأوكورديون» الإسباني الكسندر ساركسيان، والطفل الإيراني عازف آلة القانون يوسف بيهكار، ألحاناً شرقية لفيروز، ولكوكب الشرق أم كلثوم، فقد اختلطت مشاعر جمهور مهرجان المترو بالدهشة، والإعجاب..
كما أضفت حالة من الشجن والحنين للأوطان، لدى العديد من ركاب المترو الذين استوقفتهم هذه الموسيقى الرائعة، والأصيلة.
كما قدم العازف المصري مازن علي، ألحاناً، عربية وغربية، على آلة الجيتار، في مشاركته الأولى في المهرجان، حيث اجتمعت جنسيات مختلفة من رواد المترو للاستماع لعزفه مقطوعات نادرة، يمكن أن تشعر المستمع لها بأنها آتية من الوطن الذي ينتمي إليه.
أما الفنان أدما داوو، فقد عزف على آلة خشبية إفريقية هي «بلافون»، ما عكس حرص المهرجان على التنوع، والتواصل مع كل الثقافات، ما يعكس أيضاً طبيعة الحياة في المجتمع الإماراتي بشكل عام، إذ استوقف عزفه العديد من رواد المترو للتعرف إلى هذه الآلة الموسيقية القديمة، والمبهجة.
من جهتها، عبّرت جمانا سعيد، إحدى راكبات المترو، عن سعادتها بالحالة التي عاشتها داخل المترو، مؤكدة أن الموسيقى الشرقية التي استوقفت كل الجنسيات، هي دليل على قوة ثقافتنا الفنية، وأن الإمارات دائماً تلعب دوراً قوياً في الترويج للثقافة العربية بين زوارها، ومقيميها، الذين يأتون إليها من مختلف دول العالم.
أما جمال علي المقيم في دبي، ويستقل المترو يومياً، فقد لفت إلى أهمية مثل هذه الفعاليات لتجديد الحالة النفسية لرواد المترو، خصوصاً بعد يوم من ضغوطات العمل، كما أكد أن المهرجان يعكس عادة دبي في خلق السعادة، ونشر الإيجابية.