يتوقف نجاح أي شيء في الحياة على ما نمنحه له من طـاقة إيجابية والتي تتوقف بدورها على انتقائنا للأفكار التي نطلقها أو نتبناها ونتعرف إلى ما هو حقيقي منها وما هو وهْم للوصول لأهدافنا وتحقيق السعادة.
هذا ما تم طرحه في ورشة «علم الطاقة الإيجابية» التي نظمتها جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية - فرع الظيت، وقدمها أخصائي واستشاري السعادة والإيجابية أحمد الهرشة، والتي أشار فيها إلى أهم مصادر الطاقة الإيجابية الأساسية والخاصة وتأثير ثنائية الأخذ والعطاء في الوصول إليها.
ما هي الطاقة الإيجابية؟
يقول استشاري السعادة والإيجابية أحمد الهرشة «كل شيء يترك أثراً في مشاعرنا وواقع حياتنا نطلق عليه طاقة، يمكننا منحها صفة إيجابية أو سلبية، وتعرف الطاقة الإيجابية على أنها الشعور بالقناعة والرضا والحب بما يجعلنا ننظر بمنظور إيجابي يشعرنا بالهدوء والراحة والاطمئنان والقدرة على التعامل مع الصعوبات والعقبات بطريقة صحيحة»، ويشير إلى أن مفهوم الطاقة الإيجابية لا يقتصر على تحقيق السعادة فهو يبتعد إلى أبعد من ذلك «هو أحد أساسيات تحقيق النجاح وسبباً لأي إنجاز أو تطور وتميز في العمل».
أهمية التفكير الإيجابي
يتوقف أحمد الهرشة عند أهمية التفكير الإيجابي في الوصول للطاقة الإيجابية «(نحن نصنع ما نفكر به) جملة عميقة تبين أن كل ما نحققه من نجاح وتميز في حياتنا هو انعكاس لأفكارنا، لذلك من المهم انتقاء الأفكار، كل فكرة أو رد فعل نحن المسؤولين عن تحويله لفكرة إيجابية أو سلبية، فلا يمكن لأي موقف أن يترك أثره فينا قبل أن نطلق نحن تفسيرنا له. على سبيل المثال لو وصفنا شخصاً بالفاشل علينا أن نتوقف بداية في التفكير في هذا الوصف (هل نحن في الحقيقة أشخاص فاشلون) قبل أن ندخل هذا الوصف لعقولنا ويتحول لفكرة تسيطر علينا، يجب أن ننتقي الأفكار والأحكام التي نتبناها ونطلقها على أنفسنا لنكتشف ما هو حقيقة منها وما هو وهْم، وتتحول المشاعر لتمنحنا شعوراً سيئاً يؤثر في طاقتنا وإنجازاتنا وأدائنا».
4 مصادر أساسية للطاقة الإيجابية
ويؤكد أحمد الهرشة أنه إلى جانب المصادر الخاصة التي يتزود منها كل شخص بطاقته الإيجابية هناك مصادر أساسية للطاقة الإيجابية والتي يمكن أن إيجازها بـ:
- طاقة الإيمان: أهم سبب من أسباب الطاقة الإيجابية التي تمنحنا الراحة والطمأنينة والسكينة هي الإيمان المطلق بالله، وبأن كل ما يحدث في الحياة هو خير وأن الله اختار لنا الأفضل ليحمينا ويحافظ على طاقتنا ويقينا من الدخول في حالة سلبية.
- طاقة الحب: ثاني أقوى طاقة في الكون تمنحنا المشاعر الإيجابية وتساعدنا على الاستمتاع بكل ما هو جميل في الحياة «مفهوم الحب لا يقتصر على حب شريك الحياة إنما يمتد لتشمل حب الخير وحب الغير من الأهل والأطفال»، عندما نتعامل بلطف فإننا نعطي الحب ونمنح الطاقة لكل المحيطين وقد أثبتت الدراسات أن منح أي شيء في الكون حباً يعطينا طاقة، على سبيل المثال منح الوردة بعض وقتنا واهتمامنا بحب تمنحنا عطرها الذي يزيد من طاقتنا.
- طاقة الامتنان: التركيز على النعم والأشياء الموجودة في حياتنا، فالامتنان يزيد من طاقتنا الإيجابية ويرفع من صحتنا النفسية ويدفعنا نحو النجاح.
- طاقة العلاقات الإيجابية: القدرة على خلق علاقة ناجحة مع الله سبحانه وتعالى وأخرى مع الأشخاص المحيطين ينعكس بشكل مشاعر وأحاسيس جميلة، هذا وقد أثبتت الدراسات أن أي شخص لا يمكنه أن يمضي في الحياة دون وجود علاقات إيجابية مع الآخرين، ويمكن تمثيل العلاقات بدائرة كبيرة فيها مجموعة من الحلقات تبدأ حلقتها الأولى بالعلاقة مع الله كأساس للسعادة، فتأدية العبادات وتلمس رضا الله أساس الاستمتاع بالحياة، وفي الحلقة الثانية تتضح علاقة الطاقة الإيجابية بمدى رضانا عن أنفسنا ومعرفة أهدافنا واحتياجاتنا الذاتية، أما في الدائرة الثالثة نكتشف أن الطاقة الإيجابية تزداد مع قوة العلاقة الأسرية مصدر الأمان والحب، وفي دائرة العلاقات الخارجية التي تشمل الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل تزداد طاقتنا الإيجابية بالإحساس بوجودنا في بيئة آمنة فيها ما يكفي من الحب والاحترام المتبادل.
كيف تصبح شخصًا إيجابيًا؟
يوضح أحمد الهرشة ارتباط ثنائية الأخذ والعطاء «في قول النبي صلى الله عليه وسلم (تهادوا تحابوا) صورة واضحة لأهمية الأخذ والعطاء» من الجميل أن يعطي الإنسان ويمنح طاقة إيجابية ويأخذ في نفس الوقت فالاثنان يكملان بعضهما، العطاء سواء كان بشكل مادي أو مشاعر أو كلمات يمنحنا طاقة إيجابية، والأخذ يمنحنا شعوراً جميلاً لكن يجب مراعاة عدم استنزافه بالاستغلال».
يعرج الهرشة على ذكر طرق خاصة يمكن أن تزودنا بالطاقة:
- الابتسام يمنحنا طاقة إيجابية ويعكس صورة جميلة للآخرين، فقد أثبتت دراسات علم النفس أن الابتسام تحت أي ظرف يمكن أن يمر به الإنسان ينعكس بشكل إيجابي على الجسد، والابتسام 33 مرة في اليوم يخلصنا من جميع المشاعر السلبية.
- ممارسة الرياضة نصف ساعة، ثلاثة أيام بالأسبوع، تساعدنا على إفراز هرمون السعادة والتخلص من التوتر والضغوط والمشاعر السلبية.
- إحاطة أنفسنا بأشخاص إيجابيين والابتعاد عن الأشخاص السلبيين.
يشير استشاري السعادة والإيجابية لأهمية إجراء تحليل نسجل فيه نسب رضانا عن جوانب مختلفة من شخصياتنا بدرجات تتراوح من 1 إلى 10 لمعرفة حجم التوازن النفسي الذي نتمتع به وكيف يمكن أن نكون أشخاصاً إيجابيين وما هي الأشياء التي تستنفد طاقتنا وكيف يمكن لنا أن نرفعها أكثر مما كانت عليه، مثل:
- الجانب العقلي: الذي يحدد مدى رضانا عن قدراتنا العقلية وما نملك من علوم ومعارف وكيفية تنميتها وتطويرها.
- الجانب العاطفي: معرفة ماهية المشاعر التي نملكها ونسبتها سواء كانت مشاعر حب أو كره وكيفية التخلص من المشاعر السلبية وتنمية المشاعر الإيجابية.
- الجانب الروحي: الذي يمكن قياسه بمدى رضانا عن علاقتنا مع الله من جانب الإيمان وأداء الفرائض والعبادات.
- الجانب الجسدي: فيه تتحدد نسبة رضانا عن أجسادنا ومدى اهتمامنا بها من خلال ممارسة الرياضة وتناول وجبات صحية وإجراء الفحوص الطبية الدورية.
يشير الهرشة لأهم الحاجات الفسيولوجية الأساسية التي حددها هرم موسلو كأساسيات للوصول للإيجابية والسعادة مثل وجود هواء نقي، توفر ماء صالح للشرب ووجبات غذائية متوازنة، النوم لساعات كافية، توفر المأوى والملبس والتكاثر، جميعها حاجات تزيد من إيجابيتنا وتمنحنا السعادة.