01 أبريل 2021

التوتر يهدد مناعة جسمك .. دراسة جديدة تشرح الأسباب

صحافية ومترجمة مصرية

التوتر يهدد مناعة جسمك .. دراسة جديدة تشرح الأسباب

وجدت دراسة حديثة أجرتها إحدى الباحثات هي الدكتورة هوان سونج في جامعة أيسلاندا على أكثر من 100 ألف شخص في السويد، ممن تم تشخيصهم بين عامي 1981 و 2013 باضطرابات متعلقة بالتوتر، أن التعرض المستمر للتوتر الشديد والصدمات المختلفة قد يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض المناعة الذاتية.

وبمقارنة نحو 106,000 شخص يعاني من الاضطرابات المتعلقة بالتوتر بأكثر من مليون شخص لا يعانون مثل تلك الاضطرابات، وجد الباحثون في هذه الدراسة أن هناك صلة بين الإجهاد العصبي المستمر واحتمالية الإصابة بنحو 41 من أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والصدفية وداء الذئبة والاضطرابات الهضمية، بنسبةٍ كبيرة تصل إلى %36.

via GIPHY

ما هي أمراض المناعة الذاتية؟

كما نعرف، تكمن وظيفة الجهاز المناعي في حماية الجسم من الأمراض ومقاومة العدوى، لكن في حالة أمراض المناعة الذاتية، فإن جهاز المناعة يبدأ في مهاجمة خلايا الجسم وأعضائه السليمة. ولا تزال أسباب هذه الحالة المرضية يكتنفها الغموض على الرغم من وجود عشرات الأنواع من أمراض المناعة الذاتية؛ وأشهرها التهاب المفاصل الروماتويدي والصدفية ومرض التصلب المتعدد MS، وأيضاً مرض السكري من النوع 1.

إلا أن الباحثين قد وجدوا بعض الدلائل التي تشير إلى اقتران أمراض المناعة الذاتية بالتوتر الزائد المستمر لفترات طويلة، فضلاً عن بعض الأسباب الوراثية خاصة لدى النساء.

ما تعريف التوتر؟

التعريف الشائع للتوتر هو أي تجربة تُسبب إجهاداً عصبياً وانفعالاً للشخص، سواء كان انفعالاً جسدياً أو نفسياً أو عاطفياً، حيث تطلق الغدة الكظرية هرمون الأدرينالين لتهيئة الجسم لمواجهة هذا الشعور بالانفعال، مما يؤدي إلى سرعة النبض ومعدل التنفس وزيادة ضغط الدم. مع العلم أن مسببات التوتر تختلف من شخصٍ لآخر.

نتائج الدراسة

في الدراسة الرصدية طويلة الأمد التي أجرتها د. سونج، والتي وجدت من خلالها ارتباطاً بين التوتر وأمراض المناعة الذاتية، تابع الفريق البحثي حوالي 106,000 مريض تم تشخيصهم باضطرابات الإجهاد العصبي، مثل اضطرابات ما بعد الصدمة، وردود الأفعال الحادة المرتبطة بالتوتر، واضطرابات التكيف ..وغيرها، على مدار 32 عاماً.

 قارن الباحثون هؤلاء الأفراد مع أشقائهم ونحو مليون شخص من عامة السكان الذين لا يعانون اضطرابات الإجهاد العصبي، ووجدوا أن هناك صلة وثيقة بين التوتر الشديد ومجموعة كبيرة من المشاكل الصحية وخاصةً المناعية. 

via GIPHY

كيف يُغير التوتر من كيمياء الجسم؟

وفقاً لموقع webmd.com الطبي الأمريكي، يرى الدكتور ماير بلهسن ، مدير مركز الصحة السلوكية لقدامى المحاربين وأسرهم في «نورثويل هيلث» - باي شور، نيويورك، «أنه وعلى الرغم من أنه ليس معروفاً بشكل أكيد لماذا يزيد التوتر من فرص الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، إلا أن هناك العديد من التفسيرات المحتملة وتشمل الآثار السلبية المترتبة على التوتر، والتي تؤثر في نمط حياة الشخص المصاب؛ مثل انخفاض جودة النوم وقلة ساعاته وتأثير التوتر بشكل مباشر على الجهاز العصبي».

الجهاز المناعي حساس بشكل خاص تجاه هرمون التوتر وهو الكورتيزول، والذي يتمتع بدور رئيسي في توازن الجهاز المناعي

كذلك ترى الدكتورة غريتشن ناي، الأستاذ المساعد بجامعة فرجينيا كومنولث، وفقاً لما ورد في موقع healthline.com، أنه «عندما يعاني الشخص توتراً شديداً لفتراتٍ طويلة، فإن ذلك يسبب تغييرات فسيولوجية في الطريقة التي تتفاعل بها أجهزة الجسم، لأن كيمياء الدماغ – المسؤول الأول عن تنسيق عملية التفاعل بين أعضاء الجسم المختلفة - تتغير بسبب التوتر، مما يؤثر في الطريقة التي تعمل بها هذه الأعضاء».

كما أضافت د. غريتشن «إن الجهاز المناعي حساس بشكل خاص تجاه هرمون التوتر وهو الكورتيزول، والذي يتمتع بدور رئيسي في توازن الجهاز المناعي. لهذا ، عندما يكون التوتر شديدًا، تضعف سيطرة الكورتيزول على الجهاز المناعي بشكل دائم، مما يعرض الجسم لزيادة مطردة في التهاب أنسجته، الأمر الذي قد يؤدي بالتالي إلى مجموعة من الأمراض والاضطرابات، بما في ذلك اضطرابات المناعة الذاتية وأمراض القلب والسكري». 

علاج التوتر يحد من الإصابة بأمراض المناعة الذاتية

وفقاً لموقع webmd.com الطبي، صرحت د. سونغ ، القائمة على الدراسة البحثية ، أن علاج الاضطرابات المرتبطة بالتوتر والإجهاد العصبي قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية. وقالت «هناك الآن العديد من العلاجات التي ثبتت فاعليتها، سواء بالأدوية أو وسائل العلاج المتعلقة بالسلوك المعرفي». كما أضافت أن علاج المرضى الذين يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) بالعقاقير المضادة للاكتئاب قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، خاصة إذا تم أخذها في السنة الأولى بعد التشخيص.

أخيراً، لا شك أن التوتر هو مرض العصر، ولكن لحسن الحظ هناك طرق عديدة يمكننا بواسطتها السيطرة على التوتر أو تقليله بنسبةٍ كبيرة للحد من الانسياق وراء الانفعالات الحادة التي غالباً لا يكون هناك طائل منها ويكون ضررها أكثر بكثير من نفعها.

* المصادر:
موقع webmd الطبي
مجلة الجمعية الطبية الأمريكية "جاما"
كلية الطب بجامعة هارفارد