نقول للطفل: «لا تكثر من الحلوى فهي تضر بأسنانك»، لكن هل صار لزاماً علينا أن نقول له كذلك: «لا تكثر من الحلوى فهي تضر بدماغك؟»
السكر يحلي الحياة وبالأخص صغارها، بيد أن الطعم الممتع لا يعبر دائماً عن الخيار الجيد في ما يتعلق بالسكر والصحة. فالسكر الزائد يتسبب بالتسوس وبزيادة الوزن وصارت الشكوك تحوم حوله باعتباره عامل خطر في احتمال إصابة الطفل باضطرابات على مستوى الانتباه يرافقه فرط النشاط.
حين نتحدث عن السكر، نعني به السكر اليومي، وليس فقط ذاك الذي نستعمله في الحلويات ونجده في كل أنواع المشروبات الغازية؛ بل أيضاً ذاك الذي يتوفر لنا عبر الخبز والمعجنات والحبوب والأرز والبطاطس والفاكهة وسواها.. ومعروف أن الدماغ هو المستهلك الأكبر للسكر، فهذا الأخير هو وقوده الوحيد ولا يستطيع العمل من دونه.
وفي السنوات الأولى من الحياة، يشهد الدماغ نمواً متسارعاً وهو بحاجة تالياً إلى كمية كبيرة من الطاقة، لكنه حساس كذلك إزاء التأثيرات الخارجية كالطعام، فهل يمكن للإفراط في تناول السكر أن يضر بالدماغ مباشرة علماً بأنه يحظى بوقاية من أي أثر سام مباشر؟ هذا أمر مستبعد.. لكن...
ثمة علماء حللوا كمية السكر التي يستهلكها الأطفال يومياً ولاحظوا تبدلاً في النشاط الكهربائي في بعض الأماكن من الحصين لديهم بقدر ما تزداد كمية السكر التي يتناولونها. ويعتبر دور الحصين حاسماً في جميع آليات الذاكرة على المدى القصير والطويل، كما أنه يلعب دوراً في ضبط الانفعالات والشعور بالجوع والشبع. نجهل حتى اليوم ما إذا كان لهذا تأثيرات سلبية في الوظائف المعرفية كالقدرة على تركيز الانتباه أو فرط النشاط. لا تزال الدراسات مستمرة، وفي المقابل نعلم أن التغذية بمجملها تؤثر في الدماغ، فالتغذية النوعية تحسن القدرة على التركيز لدى الأطفال بغض النظر عن استهلاك السكر.
وهذا يعني أن الطعام السليم يساعد على النمو وعلى تطوير قدرات وكفايات الصغار ويسهم في إنضاج قدرات الدماغ. والمقصود بهذا أن على الصغار أن يجدوا في أطباقهم اليومية كمية كافية من الطاقة والمغذيات الأساسية في وجبات منتظمة وغنية بالفواكه والخضار يرافقها الكثير من الماء. كما ثبت أن النوم الكافي والتمارين المنتظمة، والمفضل أن تكون في الهواء الطلق، تحسن كذلك قدرتهم على التركيز. وفي هذه الحالة، يمكن مكافأتهم ببعض الحلوى من وقت إلى آخر.