10 أغسطس 2023

لمن يريد تخفيض الوزن.. السر ليس في ممارسة الرياضة بل في توقيتها

محررة ومترجمة متعاونة

لمن يريد تخفيض الوزن.. السر ليس في ممارسة الرياضة بل في توقيتها

يبحث الملايين في هذا العالم عن طرق سريعة تخفيض الوزن، أو أي نظام غذائي يجعلهم يخسرون الدهون المتراكمة والمزعجة في أجسامهم.. ولكن ماذا لو أن السر ليس في ممارسة الرياضة لحرق هذه الدهون، بل الوقت الذي نختاره لفعل ذلك؟

يكتشف العلماء بشكل متزايد مدى أهمية الساعة البيولوجية في أجسامنا، أي الساعة الداخلية، وكيف أنها تلعب دوراً مهماً في مدى كفاءة أداء أنسجة الجسم في أوقات مختلفة من اليوم.

على سبيل المثال، تشير الأبحاث إلى أن الرياضيين يميلون إلى تقديم أداء أفضل في وقت متأخر من النهار وفي بداية المساء. وعندما فحص علماء الرياضة الهولنديون أداء السباحين في أولمبياد أثينا وبكين ولندن وريو، وجدوا أنهم حققوا أسرع أوقاتهم في حوالي الساعة 5 مساء، وهم يعتقدون أن هذه المبادئ تنطبق علينا جميعاً.

تقول جولين زيراث، أستاذة علم وظائف الأعضاء التكاملي في معهد كارولينسكل بالسويد، وخبيرة رائدة في العلاقة بين ساعة الجسم وعلم الأحياء، أن توقيت التمرين قد يلعب دوراً في ضبط بعض نتائج التمارين الرياضية، مضيفة «الكثير من علم وظائف الأعضاء لدينا، من درجة حرارة الجسم إلى معدل ضربات القلب والجينات، تتحكم في التمثيل الغذائي للدهون، وتعمل على مدار 24 ساعة».

لمن يريد تخفيض الوزن.. السر ليس في ممارسة الرياضة بل في توقيتها

لماذا ممارسة الرياضة في الصباح هي الأفضل؟

بدأ العلماء يتعلمون أن جميع الأنسجة والأعضاء لها جداولها الفريدة وفقاً لتقلبات الهرمونات المختلفة، فبينما تكون عضلاتنا في أقوى حالاتها ومرونتها في وقت لاحق من اليوم، يوضح بحث جديد أنه يمكننا حرق الدهون بشكل أكثر كفاءة عندما نمارس الرياضة في الصباح. وتبين البروفسورة جولين زيراث أن هناك آلاف الجينات التي تنتج الأنزيمات التي تساعد في تحويل الدهون في الخلايا إلى طاقة نستخدمها عند ممارسة الرياضة، ويبدو أن هذه الجينات تكون في أوج نشاطها في الصباح. ربما تشعر أنك ليس في أفضل حالاتك وأسرعها، إلا أن هذه الفترة هي الأفضل لممارسة الرياضة من أجل فقدان الوزن.

في دراسة حديثة نشرتها هذه البروفسورة في إحدى المجلات العلمية الرائدة، تحققت هي وفريقها من هذا الأمر للمرة الأولى باستخدام الفئران. وجدوا أنه عندما تمارس الفئران التمارين على جهاز المشي في الساعات الثلاث الأولى بعد استيقاظها في الصباح، أظهرت دهون جسمها مستويات أعلى بكثير من الأنزيمات المستخدمة في التمثيل الغذائي للدهون (تحويل الدهون إلى طاقة). وعندما قامت الفئران بنفس التمارين في وقت لاحق من اليوم، كانت هناك مستويات أقل بكثير من هذه الأنزيمات. وهذا يعني، طبقاً للبروفسورة جولين، أنك إذا ما مارست التمارين الرياضية بانتظام في الصباح فمن المرجح أن يكون جسمك أكثر استعداداً لتفكيك الدهون واستخدامها كطاقة. وهذا يعني أيضاً أنه من المحتمل أن يكون الشخص قادراً على فقدان المزيد من الوزن. كما أن ممارسة التمارين تجعلك تحافظ على وزنك، لذا فإن ممارستها في الصباح قد تمنع عنك زيادة الوزن.

من جهتهم، يرى العلماء أن تفضيل الجسم لحرق الدهون عقب التمارين الصباحية هو أمر مرتبط بالنمط الطبيعي للهرمونات المسماة الجلوكوكورتيكويد، التي تتحكم في كيفية حفاظ الجسم على الدهون وتراكمها. هذه الهرمونات موجودة في جميع أنحاء الجسم، وعلى الأخص في الأنسجة الدهنية، نمطها الطبيعي هي أن تبلغ ذروتها في حوالي الساعة 8 صباحاً، وهذا يجعلنا نتحرك ونحفز شهيتنا، قبل أن تصل إلى أدنى مستوى لها في حوالي الساعة 3 صباحاً، عندما نكون نياماً.

لمن يريد تخفيض الوزن.. السر ليس في ممارسة الرياضة بل في توقيتها

الفارق بين العاملين صباحاً وأصحاب الدوام الليلي

على هذا الأساس، تتناسب ممارسة الرياضة في الصباح بشكل جيد مع هذه الدورة اليومية، حيث إن مستويات هذه الهرمونات تكون مرتفعة وبالتالي لا ينتج الجسم أي خلايا دهنية إضافية. ومع ذلك، إذا كنا نمارس التمارين في المساء فإن هذا يتسبب في زيادة نسبة هذه الهرمونات مما يحفز الجسم على إنتاج خلايا دهنية جديدة لتحل محل بعض الخلايا التي أحرقناها للتو، وهذا يقلل من الفوائد التي كان من الممكن أن تحصل عليها. وربما هذا يفسر سبب كون العاملين في الدوام المسائي هم أكثر عرضة لزيادة الوزن، لأن أنماطهم الليلية من الإجهاد والنشاط تسبب في ارتفاع كبير لهذه الهرمونات في الأوقات التي من المفترض أن يكون فيها الجسم نائماً بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى تكوين المزيد من الخلايا الدهنية. وعليه، من المرجح أن يكتسب هؤلاء العاملين وزناً أكبر مقارنة بالأشخاص الذين لديهم أنماط يومية طبيعية، حتى لو تناولوا عدداً مماثلاً من السعرات الحرارية في اليوم.

كل ذلك يتعلق بنمط الاستيقاظ أثناء النهار والنوم في الليل، حيث تتأثر الدهون بشدة بهذه الهرمونات، فإذا تعطلت مستويات الجلوكوكورتيكويد فسيكون لذلك تأثير كبير في الدهون، أي إذا مارست الرياضة في وقت لاحق من اليوم، سيبدأ جسمك في إفراز كمية كبيرة من هذه الهرمونات في المساء، وهذا ليس جيداً. إذ يريد جسمك أن يرتاح في هذا الوقت، وإذا قمت بإجهاده، فهذا يعادل السهر وعدم النوم. بدلاً من ذلك، إذا مارست التمارين في الصباح، بغض النظر عن طول مدة التمارين أو نوعها، ستجني من هذه الخطوة فوائد أكبر على صعيد تخفيض الوزن.

لمن يريد تخفيض الوزن.. السر ليس في ممارسة الرياضة بل في توقيتها

أفضل وقت لممارسة مرضى السكري للتمارين

يمكن أن يكون لممارسة التمارين بعد الغداء فوائد مختلفة. حيث إن نسبة السكر في الدم ستكون أكثر استقراراً إذا مارست الرياضة في فترة ما بعد الظهر، مما يعني أنه أفضل وقت للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2 أو المعرضين لخطر الإصابة به. وهذا أمر مهم، لأنه إذا تذبذب السكر في الدم بشكل كبير، فسيبدأ تخزين السكر الزائد على شكل دهون.

لقد درس العلماء الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2 ووجدوا أنهم عندما أجروا تدريبات متقطعة عالية الكثافة في فترة ما بعد الظهر، زادت لديهم القدرة على التحكم في نسبة السكر في الدم مقارنة بالتمارين الصباحية أو المسائية. كما أشارت دراسة أجريت على أكثر من 92000 شخص، نشرت في مجلة علمية في فبراير الماضي، إلى أن أولئك الذين مارسوا الرياضة بين الساعة 11 صباحاً و5 مساء كانوا أقل عرضة للوفاة بأمراض القلب، مقارنة بمن مارسوا الرياضة في وقت مبكر من اليوم أو بعد ذلك، في الليل، ربما بسبب الارتباط بين استقرار نسبة السكر في الدم وصحة القلب.

بشكل عام، في حين أن التمرين الصباحي أو النهاري قد يكون له أفضل النتائج، فإن ممارسة الرياضة في أي وقت أفضل من عدم ممارسة الرياضة على الإطلاق، حيث أظهرت هذه الدراسة أن الأشخاص الذين كثيراً ما يمارسون نشاطاً بدنياً متوسطاً إلى قوي عاشوا أطول من أولئك الذين كانوا بالكاد يفعلون أي شيء.