ماذا تعرف عن العلاج الوظيفي؟ وما المجالات التي يجري استخدامه فيها؟ وكيف يمكنه تحسين حياة المرضى؟
هذه الأسئلة تواكب العلاج الوظيفي باعتباره «تخصصاً طبياً يحسّن قدرات الأفراد على أداء الأنشطة اليومية والمهنية، حيث يستخدم في مجالات متعددة، منها إعادة التأهيل بعد الإصابات، أو الأمراض، وتعزيز الاستقلالية لدى الأشخاص ذوي الإعاقات، وإعادة تأهيل اضطرابات الكلام، وتحسين الحركة، وتحسين التركيز، وتطوير المهارات الحركية، وتعزيز التكامل الحسي، ما يسهم في زيادة الاستقلالية».
عن فوائد هذا العلاج ومجالات استخدامه والفئات المستهدفة، تحدثنا الدكتورة شيماء عبدالله إسماعيل عبدالله، أخصائية العلاج الوظيفي في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، والتي تشدّد على أهمية هذا العلاج في «تحسين جودة حياة الأفراد عبر تعزيز القدرات وتحسين الأداء اليومي».
ما هو العلاج الوظيفي وكيف يمكن تقريب مفهومه للأفراد؟
العلاج الوظيفي هو إحدى المهن الطبية المساندة، يهدف إلى مساعدة الأفراد في التغلب على التحديات والصعوبات، سواء جسدية، أو عصبية، أو إدراكية، بهدف تمكينهم من المشاركة في الأنشطة اليومية، (مثل العناية الشخصية)، والعمل والترفيه، بشكل مستقل.
يهدف العلاج الوظيفي إلى:
- تأهيل، أو إعادة تأهيل المهارات والقدرات التي تساعد على التكيّف الوظيفي والسلوكي للأفراد، للمشاركة في أنشطة الحياة اليومية بشكل مستقل.
- تعديل الوظيفة، أو إدخال تعديلات/ تغييرات في البيئة لدعم مشاركة الأفراد في الوظائف التي يريدونها، أو يحتاجون إليها، أو يتوقع منهم القيام بها بشكل أفضل.
ويحرص أخصائيو العلاج الوظيفي على التعديل المستمر للخطط العلاجية استناداً إلى احتياجات وأهداف الفرد (الشخص – الوظيفة – البيئة).
ما المجالات والحالات التي يختصّ بها العلاج الوظيفي تحديداً؟
يهتمّ العلاج الوظيفي بمجموعة واسعة من الجوانب، بما في ذلك:
التركيز على المهام الخاصة بالعناية الشخصية، مثل اللباس، والاستحمام، وتناول الطعام، وأنشطة الحياة اليومية، ومنها:
- الأنشطة اليومية الحيوية: تعزيز الأنشطة اليومية الحيوية مثل الطهو، وإدارة الأمور المالية، واستخدام وسائل النقل.
- العمل والأنشطة الإنتاجية: مساعدة الأفراد على المشاركة في الوظائف والمهن التي اختاروها، أو المهمة لهم.
- التكامل الحسّي: يساعد على معالجة مشاكل الحواس لجهة تحسين كيفية تفسير الدماغ، والاستجابة للمعلومات الحسية، من خلال أنشطة تحفيز، أو تهدئة الحواس.
- المهارات الحركية: تعزيز المهارات الحركية الدقيقة والكبيرة لتحسين التناسق الحركي في الأنشطة اليومية.
- المهارات الذهنية: تعزيز الذاكرة والانتباه والمساعدة على حلّ المشكلات.
- الدعم النفسي والاجتماعي: تعزيز الرفاهية العاطفية والاجتماعية، المساعدة في معالجة الجوانب الصحية العقلية والنفسية للأفراد.
ما التقنيات المستخدمة لتدريب المريض؟
هناك مجموعة من التقنيات المستخدمة من قبل أخصائي العلاج الوظيفي بهدف تدريب الأفراد، تبعاً لاحتياجات كل مريض:
- تحليل المهمة: تفكيك الأنشطة إلى خطوات صغيرة وقابلة للإدارة لتسهيل عملية التعلّم.
- التعديل على البيئة: تعديل البيئة لجعلها أسهل في إمكانية للوصول، وأكثر أماناً، باستخدام الأدوات أو الأجهزة المساعدة.
- تدريب الذاكرة: تمارين تستهدف تحسين وظائف الذهن مثل الذاكرة والانتباه وحلّ المشكلات.
- الأنشطة العلاجية: مشاركة الأفراد في أنشطة هادفة تتناسب مع أهدافهم، وتساعد على بناء المهارات، أو استعادة المهارات التي فُقدت بسبب الإصابة، أو المرض.
- العودة إلى العمل: مساعدة الأفراد في التدريب على روتين العودة إلى العمل.
- التمثيل والمحاكاة: ممارسة سيناريوهات حياتية واقعية لتحسين المهارات الاجتماعية والوظيفية.
- تمارين المفاصل والعضلات: أنشطة فيزيائية لتعزيز المهارات الحركية وزيادة قوة عضلات الجسم.
- تقنيات تنظيم الذات: تعليم الأفراد استراتيجيات في كيفية إدارة الضغوطات، والعواطف، والسلوك، في أنشطة الحياة اليومية، والعمل.
يتم تخصيص هذه التقنيات حسب وضع كل فرد، مع التركيز على تعزيز الاستقلالية، وتحسين قدرته على المشاركة في الأنشطة ذات معنى له، والعودة إلى العمل قدر المستطاع.
كيف يتّم تطبيق هذا العلاج على كبار السن؟ وما هي التدريبات التي يقوم بها مرضى باركنسون؟
يتركز دور العلاج الوظيفي مع كبار السن، خاصة عند وجود حالات مثل مرض باركنسون، في الحفاظ على القدرة الوظيفية، أو تحسينها، من خلال قيام أخصائي العلاج الوظيفي بما يلي:
- تثقيف وتدريب المريض، وأهل المريض، على تمارين مخصصة لتعزيز المهارات الحركية وتحسين التوازن، ما يقلّل من خطر السقوط.
- تدريب المريض على ممارسة مهارات وأنشطة معينة لتحسين التناغم بين اليد والعين، وتعزيز المهارات الحركية الدقيقة، وتحسين الانتباه في الأنشطة اليومية (العناية الشخصية)، مثل ربط الأزرار، وتناول الطعام دون سكبه.
- تدريب المريض والأهل على استخدام الأجهزة المساعدة، وتقييم وتعديل بيئة المنزل لضمان السلامة وزيادة استقلالية الأفراد.
- تشجيع المريض والأهل على الاندماج في المجتمع من خلال مشاركتهم في الأنشطة الاجتماعية والترفيهية مثل اجتماعات الأهل وزيادة المشاركة في المناسبات المختلفة وتجنّب الانطواء.
كيف نستخدم العلاج الوظيفي مع الأطفال، وأيّ الحالات يمكن تلمّس نتائج إيجابية معها؟
العلاج الوظيفي للأطفال يتضمن نهجاً قائماً على اللعب لتطوير حالات التأخر النمائي وتعزيز المهارات الوظيفية. لقد أسفرت هذه الطريقة عن نتائج إيجابية في العديد من الحالات، مثل تحسين المشاكل السلوكية والمهارات، وصعوبات التكامل الحسي، وتعزيز المهارات الاجتماعية والسلوكية للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، تعزيز التركيز وتنظيم النفس للأطفال الذين يعانون اضطراب فرط النشاط، وفرط الانتباه، تحسين المهارات الحركية والتناسق الحركي وزيادة الاستقلالية في أداء الأنشطة اليومية لأطفال الشلل الدماغي وأطفال متلازمة داون، وتطوير مهارات الإدراك البصري و المهارات الحركية الدقيقة في تحسين مهارات الكتابة والمهارات الأكاديمية.
وتشمل جلسات العلاج الوظيفي غالباً أنشطة جذابة تحاكي اللعب، مثل الألعاب والحِرف، لجعل العلاج ممتعاً للأطفال. ويتعاون المعالجون مع الآباء والمربّين لدمج الاستراتيجيات في الروتين اليومي للطفل، ويعدّ تعديل الخطط العلاجية لتلبية احتياجات كل طفل أمراً حاسماً لتحقيق نتائج ناجحة.