خفقان القلب، وضباب الدماغ، وهشاشة الأظافر.. ليست بالضرورة أعراضاً مرتبطة بنقص الحديد، ولكنها من بين العلامات الشائعة التي تشير إلى أنك تفتقد هذا العنصر الغذائي الأساسي، وهي حالة تؤثر في ما يصل إلى 8 من كل 10 أشخاص في جميع أنحاء العالم، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
الحديد ضروري لنقل الأوكسجين في جميع أنحاء الجسم، ويحافظ على صحة الجهاز المناعي، فضلاً عن تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب، والرئة. ون دون كمية كافية من الحديد.
لا يمكن لخلايانا وأنسجتنا وأعضائنا أن تعمل على النحو الأمثل، لأن الجسم لا يستطيع إنتاج ما يكفي من خلايا الدم الحمراء السليمة. كما أن القليل جداً يمكن أن يؤدي إلى فقر الدم، وهي حالة قد تكون قاتلة إذا لم يتم علاجها.
ما هي كمية الحديد التي تحتاجها؟
يعتمد المدخول اليومي الموصى به من الحديد، على العمر والجنس، ومجموعة من العوامل الأخرى، مثل الحمل.
على سبيل المثال، في بريطانيا أظهر المسح الوطني للنظام الغذائي والتغذية، الذي يقيّم النظام الغذائي، وتناول العناصر الغذائية، وحالة التغذية لعامة السكان في المملكة المتحدة، أن 25 في المئة من النساء، و49 في المئة من الفتيات المراهقات، يعانين تناول كميات منخفضة من الحديد.
ووفقاً لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، يجب أن يستهلك الرجال الذين تراوح أعمارهم بين 19 إلى 50 عاماً 8.7 ملّيجرام من الحديد يومياً، والنساء في الفئة العمرية نفسها 14.8 ملّيجرام.
أما سبب حاجة النساء لكمية أكبر من الحديد، فيعود إلى ضرورة تعويض فقدان الحديد خلال الدورة الشهرية.
وبعد سِن الخمسين، تنخفض الحصة اليومية الموصى بها للنساء إلى 8.7 ملّيجرام يومياً، بما يتماشى مع التوصية للرجال، حيث يُفترض أن انقطاع الطمث يحدث عادة في هذا العمر، فتتوقف عملية فقدان الحديد بسبب الدورة الشهرية.
أما الأولاد، فيجب على الذين تراوح أعمارهم بين 11 و18 عاماً، أن يتناولوا 11.3 ملّيجرام بالنسبة للذكور، و14.8 ملّيجرام للفتيات في الفئة العمرية نفسها.
علامات تشير إلى حاجتك لمزيد من الحديد
في حين أن اختبار الدم سيشير إلى ما إذا كنت تعاني نقص الحديد، فقد تشير مجموعة من الأعراض الأخرى إلى أنك تعاني نقص الحديد:
الإصابة المتكررة بالأمراض مثل السعال ونزلات البرد
يلعب الحديد دوراً في تطوّر وكفاءة الجهاز المناعي، وأولئك الذين يعانون انخفاض حالة الحديد هم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، من الأشخاص ذوي المستويات الطبيعية للحديد في أجسامهم.
إذ إن وجود كمية كافية من الحديد في نظامك الغذائي يساعد على ضمان تكاثر ونضج الخلايا المناعية مثل الخلايا الليمفاوية اللازمة للمساعدة في مكافحة العدوى.
فقد وجدت دراسة شملت أكثر من 1400 شخص أن نقص الحديد كان مؤشراً مستقلاً لالتهابات الجهاز التنفسي، مثل نزلات البرد. وكانت التهابات ما بعد الجراحة، بما في ذلك التهابات المسالك البولية، أكثر شيوعاً أيضاً بين الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من الحديد.
هل تشعر بالإرهاق في كثير من الأحيان، على الرغم من حصولك على قسط وافر من النوم؟ يقول الخبراء إن السبب هو عدم احتواء جسمك على ما يكفي من الحديد، وبالتالي لا يستطيع إنتاج الهيموغلوبين، وهو أمر بالغ الأهمية لنقل الأوكسجين إلى أنسجة الجسم. وهذا النقص في الحديد يمكن أن يؤدي إلى التعب، والضعف.
شحوب الجلد وشحوب تحت العينين
يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات الهيموغلوبين إلى ظهور الجلد شاحباً، والجفون السفلية تبدو أكثر بياضاً. اسحب جفنك السفلي إلى الأسفل أثناء النظر في المرآة، حينذاك يجب أن ترى الطبقة الداخلية حمراء زاهية.
قد تقلل مستويات الحديد من إنتاج الهيموغلوبين ما يؤدي إلى وصول كمية أقل من الأوكسجين إلى الجلد والأغشية المخاطية. وهذا يمكن أن يسبب المظهر الشاحب في هذه المناطق.
ضيق التنفس
من الطبيعي أن تشعر بضيق التنفس عند ممارسة نشاط مكثف، مثل الجري، أو المشي السريع، أو حتى صعود السلالم.
ولكن عندما تشعر بضيق في التنفس بشكل غير عادي، أو ضيق في التنفس أثناء الأنشطة اليومية العادية، فقد يكون ذلك مشكلة.
نقص الحديد يجعل من الصعب على جسمك تكوين خلايا الدم التي تحمل الأوكسجين، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الشعور بضيق في التنفس، بخاصة عند ممارسة الأنشطة.
ويمكن أن يؤدي نقص الحديد الشديد في بعض الأحيان إلى مضاعفات أخطر، مثل الذبحة الصدرية، أو ألم في الصدر، حيث يحتاج القلب إلى بذل جهد أكبر لتدوير الدم المؤكسج.
يُعد الحديد أيضاً عنصراً حيوياً في الميوغلوبين، وهو البروتين الموجود في خلايا العضلات، والذي يسمح للعضلات بالتقلص، حيث يخزن الميوغلوبين الأوكسجين في الأنسجة العضلية، ما يضمن توفره عندما تعمل العضلات بنشاط، وتتطلب المزيد من الأوكسجين لإنتاج الطاقة، عن طريق تحويل الجلوكوز والأحماض الدهنية إلى ATP، وهو جزيء الطاقة الأساسي للخلية..
هذه الآلية ضرورية لكل من تقلّص العضلات، والقدرة على التحمّل المستمر للعضلات.
أظافر هشة
الأظافر التي تتكسر بسهولة، أو تبدو أرقّ من المعتاد، قد تكون مؤشراً على انخفاض مستوى الحديد. كما يمكن أن تكون الأظافر الشاحبة أيضاً علامة على انخفاض الحديد، حيث لا تصل كمية الأوكسجين الكافية، والمناسبة إلى الخلايا، بما في ذلك الخلايا الموجودة في الأظافر.
الرغبة الشديدة في تناول المواد غير الغذائية
تُعرف هذه الحالة أيضاً باسم «بيكا»، والتي تسبب الرغبة الشديدة في تناول أشياء مثل الطين، والثلج، ما قد يشير إلى نقص الحديد.
وعلى الرغم من وجود علاقة بين انخفاض الحديد وحالة «بيكا»، إلا أن الدراسات غير واضحة في ما يتعلق بالسبب الدقيق، ولكن وجد بحث نشر في مجلة علمية أمريكية، أن المرضى في الدراسة الذين يعانون «بيكا» أفادوا بأن حالتهم تحسنت في غضون ثلاثة أسابيع، بعد أول حقنة حديد تلقّوها في الوريد.
متلازمة تململ الساقين
متلازمة تململ الساقين هي حالة تجعل الشخص تتملكه رغبة شديدة في تحريك الساقين، مصحوبة بأحاسيس غير مريحة. هذه الحالة ليست مزعجة أثناء النهار فحسب، بل قد تبقيك مستيقظا أيضاً أثناء الليل.
عندما تعاني نقص الحديد، يمكن أن تنخفض مستويات مادة الدوبامين الكيميائية في الدماغ، ما قد يسبب أعراض متلازمة تململ الساقين.
ويتكون الدوبامين من حامض أميني موجود في الكثير من اللحوم، وكذلك في بياض البيض. وهناك خيارات غذائية أخرى، مثل لحم البقر، و«الأومليت»، تدعم مستويات الحديد والدوبامين.
ارتفاع معدل ضربات القلب أو خفقان القلب
قد تلاحظ أيضا أن معدل ضربات قلبك غير منتظم أو أسرع من المعتاد. ربما لهذا علاقة بحالة نقص الحديد لديك. إذ إن عدم كفاية مستويات الحديد يمكن أن تقلل من قدرة الدم على حمل الأوكسجين، ما يؤدي إلى حاجة القلب إلى العمل بجهد أكبر لتوزيع الأوكسجين في جميع أنحاء الجسم.
ضبابية عمل الدماغ
الحديد ضروري لوظيفة الدماغ الصحية، لذلك يرتبط انخفاض الحديد بضبابية عمل الدماغ، وضعف الإدراك. فالدماغ يحتاج إلى طاقة عالية، وهذه الطاقة العالية بحاجة إلى كمية كافية من الأوكسجين.
كما يشارك الحديد أيضاً في إنتاج الميالين، وهو الغلاف الواقي حول الخلايا العصبية، الذي يعتبر بالغ الأهمية للجهاز العصبي ليعمل بشكل صحيح، ويؤثر في سرعة وكفاءة المراسلات بين الخلايا العصبية.
ونحتاج أيضاً إلى التأكد من أننا نحصل على ما يكفي من الحديد لأن هذا المعدن ضروري لصنع الناقلات العصبية، مثل الدوبامين والسيروتونين، التي تؤثر في المزاج، والإدراك.
مخاطر نقص الحديد
نقص الحديد يمكن أن يؤدي إلى العديد من المشاكل، أبرزها:
قد تشمل العواقب طويلة المدى تأخر نمو الأطفال، وزيادة التعرّض للعدوى، والمضاعفات أثناء الحمل.
كما تم ربط نقص الحديد أيضاً بزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل أمراض القلب، واضطرابات التنكس العصبي، في وقت لاحق من الحياة.
والحديد ضروري أيضاً لصنع هرمونات الغدة الدرقية، الضرورية لتنظيم عملية التمثيل الغذائي، والنمو، وتحويل الطعام إلى طاقة. ويمكن أن يؤدي نقص الحديد إلى انخفاض إنتاج هذه الهرمونات، ما يؤدي إلى ظهور أعراض تعكس نقص نشاط الغدة الدرقية.
أفضل الأطعمة التي تحتوي على الحديد
يوجد الحديد في كل من الأطعمة الحيوانية والنباتية.
المصادر الحيوانية للحديد، مثل اللحوم الحمراء، والدواجن، والأسماك. اللحوم الحمراء هي أول طعام يربطه الناس بالحديد، وتشمل المصادر الحيوانية الأخرى للحديد البيض، والكبد، وبلح البحر، والتي تعد من أغنى المصادر.
المصادر النباتية، مثل الفول، والعدس، والتوفو، والسبانخ، والحبوب المدعمة، وكذلك الفول، والبقول، والخضروات ذات اللون الأخضر الداكن، والشوفان، والكينوا، والتوفو، والمكسّرات.
على الجانب الآخر، يمكن لبعض الأطعمة والمشروبات أن تؤثر سلباً في امتصاص الحديد. لذلك يجب عليك تجنب شرب الشاي مع وجبات الطعام، وترك القليل من الوقت بعد تناول الطعام قبل أن تمسك بكوب الشاي.
فحص كمية الحديد في الجسم
يمكنك زيارة الطبيب لإجراء فحص الدم من أجل التحقق من حالة الحديد لديك. يتضمن اختبار نقص الحديد النظر إلى عدد خلايا الدم الحمراء لديك، إذا كان منخفضاً، فيُنصح بتناول المكملات الغذائية لمدة معينة في سبيل تحسين عدد خلايا الدم الحمراء، وقد يستغرق الأمر نحو ستة أشهر، اعتماداً على مستوى النقص.
ويمكن أن تسبب بعض مكملات الحديد أعراضاً غير مرغوب فيها، مثل الإمساك، أو حرقة المعدة، أو الغثيان، في حين أن أنواع أخرى تكون أكثر لطفاً على المعدة.
كما أن المكملات الغذائية التي تحتوي أيضا على فيتامين «C» ستكون مفيدة في زيادة امتصاص الحديد.
