الهدوء والسكينة من الصفات المحببة التي يُحسد عليها صاحبها، إلا أنها قد تتحول في بعض الأحيان إلى اضطراب نفسي، عندما تقدّم صورة زائفة بعيدة عن المشاعر الدفينة، ويُعد هذا التناقض بين المظاهر الخارجية والحقائق الداخلية ظاهرة نفسية تؤثر على الصحة العقلية، وتعرف باسم «متلازمة البط».
تحدثنا مرام المسلم، أخصائية نفسية، عن هذا الاضطراب، وتقول «متلازمة البط مصطلح غير رسمي كونه لا ينتمي للدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات النفسية، إلا أنه يستخدم لوصف الحالة التي يمر بها من يعاني الضغوط النفسية والقلق ولكن يبدو عليه الهدوء وسيطرته على الأمور على عكس ما يخفيه بداخله وما يشعر به من ألم وتوتر وضيق.
الحقيقة أنه تم ربط هذه الحالة بالبط لما يبدو عليه من هدوء وهو يطفو على سطح الماء في حين يعيش معركة الحياة وهي التجديف وصولاً لهدفه النهائي دون أن يشعر بذلك من يتابعه، وهذا التشبيه متقارب مع حالة الإنسان الذي يعاني في صمت، خاصة في بيئات العمل وما يحدث فيها من تنافسية وصراع على البقاء، أو من يعيش ظروفاً صعبة في معترك الحياة.
وأحياناً يعاني منها بعض الطلاب الذين يقعون فريسة توقعات أهاليهم ومقارنتهم بمن في مثل سنهم وصعوبة التحصيل الدراسي، وحديثنا عن هذا الاضطراب بتسميته المتداولة إنما الهدف منه زيادة الوعي به والتعامل معه بشكل صحيح».
تستعرض مرام المسلم أعراض اضطراب متلازمة البط، وتشير إليها في نقاط:
- الشعور بالفشل
- الاكتئاب والقلق
- الشعور بتلاعب الآخرين به
- الخوف من النقد
- الانشغال العقلي باستمرار
- الصداع الشديد والمتكرر
- اضطرابات في النوم
- الانهيار العصبي
- الإحساس بالذنب
وفيما يتعلق بتشخيص اضطراب متلازمة البط ومدى ارتباطه بالاكتئاب، توضح مرام المسلم «نتعرف كأخصائيين نفسيين من خلال جلساتنا مع الحالات عن معاناتهم بهذا الاضطراب، من ثمّ نربطه بالأمور والمواقف التي يشعرون فيها بالرغبة في إظهار هدوءهم وإخفاء ما يعانونه من ضغوط داخلية تؤدي في النهاية إلى إصابتهم بالاكتئاب.
ودائماً ما تكون نصيحتنا منصبة على وجوب علاج هذه الإشكالية لأن تجاهلها وعدم معالجتها بشكل صحيح يزيد على المدى البعيد من التأثيرات السلبية على الصحة النفسية».
كيف تتجنب الوقوع فريسة اضطراب «متلازمة البط»؟
ثمة تحصينات يجب الالتفات إليها حتى لا يقع الإنسان فريسة اضطراب متلازمة البط، تلفت النظر إليها الأخصائية النفسية:
- التعبير عن المشاعر وعدم إخفاء الحقيقة بداية الطريق الصحيح للتخلص من هذا الاضطراب، فإظهار ما نشعر به لصديق مقرب أو أحد أفراد الأسرة أو لأخصائي نفسي والتعبير عنه دون حرج وخوف من الظهور بشكل غير لائق يساعد كثيراً في العلاج.
- تنظيم الوقت وإدارة حياتنا بطريقة فعالة ومعرفة المهام المطلوبة دون المبالغة في الوصول إلى المثالية في كل شيء، أيضاً يقلل من توترنا.
- ممارسة الرياضة كون الأنشطة البدنية وسيلة مجدية تمدنا بحالة من الرضا عن ذواتنا وأنفسنا، ولا ننسى التأمل وجلسات الاسترخاء واليوغا التي تساعد في التخلص من الضغوطات.
علاجات «متلازمة البط»
تبين مرام المسلم بعض العلاجات المعتمدة لهذا الاضطراب «نعتمد في التخلص من هذه المتلازمة على أكثر من علاج، منها العلاج السلوكي المعرفي، فيه يتم تغيير أنماط التفكير السلبية التي يمر بها الشخص، والتي تجعله يضغط على نفسه ويكبت مشاعره إرضاء للآخرين، وبتغيير تلك الأفكار يمكن أن نساعده لكي يعترف بتلك المشاعر وبالتالي سيتغير سلوكه بالتدريج.
كما يوجد العلاج الدوائي والأدوية المضادة للاكتئاب، ففي حال أصبح الشخص غير قادر على ممارسة الأنشطة اليومية وأصبح انعزالياً، يميل إلى الانطواء، هنا يتم اللجوء للعلاج الدوائي، لا ننسى أهمية الدعم الاجتماعي وما يتركه من أثر طيب في نفس المريض يساعده في التخلص من أعراض هذا الاضطراب».