تعتبر فترة الخطوبة من أهم المراحل التي تمر بها أي علاقة زوجية، فيها يتم التعارف الحقيقي بين الشريكين وفيها يتم الانصهار الكامل بين شخصين، لكل منهما عاداته وسلوكياته ولكل شخص منهما ما يحبه وما يكرهه، وفيها تكون العواطف والمشاعر في أوجها فيعيشان معاً أحلاماً وردية لا تنتهي ، في انتظار اللحظة السعيدة التي ستجمعهما تحت جدران بيت واحد.
كثير من أسس الحياة الزوجية يتم وضعها والاتفاق عليها في فترة الخطوبة وعلى أساسها يتحدد كيف ستكون الحياة فيما بعد ، وفيها سيدرك الطرفان حجم الاختلاف بينهما في الأسلوب والطريقة والاختلافات بينهما في الطباع.
طرحت «كل الأسرة» العديد من التساؤلات الخاصة بفترة الخطوبة على عدد من أساتذة الطب النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية ، وسألتهم: كيف تنجح فترة الخطوبة في التقريب بين الطرفين؟ وما هي الأخطاء الشائعة في فترة الخطوبة؟
1- التريث في الاختيار
في البداية ينصح الدكتور وائل وهبة، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية بالقاهرة، الشباب الذين يقدمون على الزواج بضرورة التريث في الاختيار مع احترام رأي الأسرة وإشراكها في ذلك ويقول «ليس هناك مدة محددة تكون مناسبة كفترة خطبة فهذا الأمر متروك لحين التفاهم وتقارب وجهات النظر والاتفاق على كل شيء حتى يصبح الطريق إلى الحياة الزوجية ممهداً ومفروشاً بالورود. فترة الخطوبة فرصة ذهبية أمام كل شاب وفتاة للدراسة والتأكد من تبادل المشاعر ومحاولة التأقلم في الميول والطباع، هذا كخطوة أولى تليها الخطوة التالية التي لا تقل أهمية وهي مناقشة الأمور التي تتعلق بحياتهما الخاصة في جو يسوده الود والروح الرياضية العالية حتى تسير حياتهما هادئة ومستقرة بعد الزواج».
ويضيف «أغلب الزيجات الفاشلة تكون فترة الخطوبة فيها لا تتعدى أشهراً بسيطة لم تسمح لهما بدراسة بعضهما للآخر، لذلك تدب الخلافات السريعة بين الطرفين لأسباب تافهة لكنهما بسبب العناد وعدم التوافق لا يتمكنان من الوصول إلى حلول ترضيهما. لذا أنصح كل أسرة أن تستجيب لرغبة الفتاة إذا بغضت خطيبها وكرهت الحياة معه، ففسخ الخطبة أهون بكثير في آثاره من الطلاق خاصة أن الأمور تكون واضحة منذ البداية، كما يجب على الزوج الذي وجد في زوجته نفوراً وكرهاً ألا يزيد في عناده ويرفض طلاقها لأن الطلاق أحياناً يكون الحل الذي يمنع الجريمة قبل وقوعها، أما العناد والإصرار على البقاء مع زوجة كارهة له سيدفع المرأة إلى خيارات أخرى، وربما تنتهي العلاقة بارتكاب ما حرمه الله».
2-التخطيط للحياة المستقبلية بعد الزواج
أما الدكتورة هند البنا، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية والزوجية، فتشدد على أن حسم كافة القرارات المتعلقة بشكل الحياة الزوجية خلال فترة الخطوبة يحمي الطرفين من الخلاف المبكر والطلاق السريع، وتوضح «من أسباب التعاسة الزوجية وجود مجموعة من التصورات الوردية والأحلام الخيالية حول الزواج في ذهن الزوجين خاصة الزوجة لطبيعتها العاطفية وغالبا تصطدم بالواقع حين تجد العكس، لذلك على الزوجة أن تهيئ نفسها للواقع وأن تكون عملية في تصوراتها فالزوج مثلك تماماً يخطئ ويصيب وفيه من الصفات الحميدة ما يجعلك تغضين الطرف عن الصفات التي لا تعجبك».
وترى الدكتورة هند البنا أن الدخول في علاقة جديدة أمر ممتع ومثير بالتأكيد، وتعتبر المرحلة الأولى في أي علاقة زوجية هي أجمل مرحلة، فدائما البدايات هي الأجمل ولكن بعد مرور بعض الوقت يبدأ كل من الطرفين في اكتشاف بعضهما البعض مما قد يعرضهما إلى الاصطدام بالواقع المؤلم أو قد يكتشفا أشياء في شخصية وحياة كل منهما تكون كفيلة بتدمير علاقة الحب، لذا تنصح دائما بضرورة وجود بعض الأسئلة الحوارية بين المخطوبين أو المقبلين على الزواج لاكتشاف شخصية بعضهم البعض لتكتمل علاقتهم ويكتشف كل منهم شخصية الآخر.
وتشير استشاري الطب النفسي إلى أهمية الحديث بين المخطوبين حول التخطيط لحياتهما المستقبلية بعد الزواج، والمشاركة في التخطيط للحياة يظهر مدى الحب الذي يكنه الطرف الآخر، وكذلك يجب أن يتناقشا في طريقة تربية الأبناء في المستقبل وأهم الأسس التي ستستمر عليهما حياتهما وغيرها من الأمور التي ترسم الخطوط العريضة للحياة بينهما فيما بعد.
وتنبه الدكتورة نهلة عبد السلام إلى عدة أمور يجب مناقشتها بين المخطوبين قبل إتمام الزواج، منها التحدث حول إمكانية عمل الفتاة بعد الزواج وإلى أي مدى يمكن أن يتأثر بيت الزوجية بهذا العمل ويجب أن يقوم المخطوبان بمناقشة الأفعال والتصرفات التي تتسبب في غضب كل طرف منهما. كما يجب مناقشة العلاقة مع الأهل، فهي من أهم الأمور التي يجب أن يتم النقاش فيها أثناء فترة الخطوبة ووضع حدود لها، ويجب أيضا مناقشة الإمكانات المتاحة التي ستسير وفقها.
3- لا يجب أن تزيد فترة الخطوبة عن عام إلى عامين على الأكثر
الدكتور أحمد على مصطفى، استشاري الطب النفسي والأمراض العصبية بالقاهرة، يؤكد أنه لا يمكن لأحد إنكار أهمية فترة الخطوبة لأنها تكون البداية للتعارف بين الطرفين لحدوث علاقة مصاهرة صحية. ويبين «التعرف إلى طبيعة شخصية كل طرف قبل الزواج مهمة حتى لا تحدث مفاجأة بعدها فيضطرا إلى الانفصال مثلاً، إلى جانب ذلك فترة الخطوبة تكون فرصة جيدة للتخطيط المادي للزواج والاستعداد له والتقارب بين خطط الطرفين للوصول إلى نموذج حياة سعيدة».
لكن الدكتور أحمد على مصطفى يرفض طول فترة الخطوبة ويرى أنها قد تؤدي إلى حدوث الكثير من المشكلات، لذلك لا يجب أن تزيد الفترة عن عام إلى عامين على الأكثر لأن الفترة إن زادت عن ذلك ستنتهي باندلاع الكثير من المشكلات. وعلى الرغم من كون الخطوبة خطوة رسمية إلا أن كثيرين يرون أن الانفصال خلالها أسهل من الزواج، لذلك مع طول الفترة واكتشاف أبعاد جديدة تجد نفسك تميل إلى فكرة الانفصال بعكس الزواج حيث تجد نفسك تميل إلى فكرة التكيف ومحاولة التعايش مع هذه الصفات وتبدأ في التفكير في كون الأشخاص غير كاملين وأن لكل شخص مميزاته وعيوبه، لكن في فترة الخطوبة سترى أنه من الأفضل فسخها حتى لا ينتج عنها زواج تعيس.
ويؤكد استشاري الطب النفسي أن في فترة الخطوبة خير الأمور الوسط، وعليه يفضل أن تكون المدة ليست قصيرة ولا طويلة ليتمكن الطرفان من معرفة بعضهما البعض وفي الوقت نفسه لا تحدث مشكلات، وإن حدثت سيكون من الممكن تجنبها.
اقرأ أيضًا: ما الأسئلة التي يجب أن يطرحها الخطيبان قبل الزواج؟