الإجازات والأعياد تكون دائماً فرصة ذهبية للأزواج لتجديد الحب والمودة وإزالة أي خلافات، فكلاهما في العيد يبحث عن الكلمة الحلوة والمعايدة الرقيقة والابتسامة الجميلة التي ينتظرها من شريك العمر.
لكن في المقابل للأسف تكون فترات الأعياد أحياناً فترة خصبة لوقوع حالات الطلاق والمنازعات الزوجية.. والأيام التي من المفترض أن نعيشها بفرحة تنقلب إلى مشاجرات أغلبها تكون بسبب «العيدية» للزوجة يصل بعضها إلى المأذون للطلاق!
خبراء الطب النفسي والعلاقات الزوجية يؤكدون أن إعطاء العيدية للزوجة يكون له وقع كبير في نفسها ويحسن كثيراً من الحالة النفسية لها ويرفع من معدلات هرمون السعادة لديها حتى وإن كانت الزوجة تعمل أو لديها دخل ولا تحتاج للعيدية، لكن لها مدلولاً نفسياً ومعنوياً رائع لديها.
سألت «كل الأسرة» عدد من أساتذة الطب النفسي وخبراء العلاقات الزوجية والأسرية حول «عيدية الزوجية» ومدى تأثيرها في نفسيتها، كيف يكون العيد فرصة للزوجين لتجديد المحبة والمودة؟
عيدية الزوج لها مفعول السحر على الزوجة
في البداية، تؤكد الدكتورة نسرين البغدادي، أستاذة علم الاجتماع والمديرة السابقة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، على دور العيد في التقارب بين الزوجين، وتقول «إعطاء الزوجة العيدية يكون رسالة محبة وجسر مودة بين الزوجين ويفضل تقديمها في صباح العيد، يقدمها الزوج لزوجته مع بعض كلمات المحبة والتقدير والإعزاز ويجب على الزوجة أن تتقبل العيدية حتى ولو كانت رمزية بمنتهى الحب والامتنان ولا تتخذ قيمة العيدية كذريعة للخلاف والنكد».
العيد ليس فرصة للنقاش مهما كان حجم المشاكل بين الزوجين
وتضيف «إن أيام العيد قد تكون مناسبة لكي يتفق الزوجان على تخطي الخلافات، ولكن بشرط ألا يكون هناك جرح لكرامة أحد الطرفين إذا حدثت مشاكل حتى لا تتسع الهوة بين الطرفين. فالعيد من المواسم التي تسمو فيها النفوس.لذلك من الأفضل للزوج أن يفرغ نفسه تماماً لأسرته خاصة في أول أيام العيد ويعد نفسه لإنفاق بعض المبالغ لإسعاد أسرته سواء بالعيدية أو الخروج والتنزه».
وتنصح البغدادي الزوجين باستغلال العيد وفتح صفحة جديدة بعيداً عن الخلاف وأن يعاهدا نفسيهما على تقبل رأي الطرف الآخر ورغم أن مناقشة المشاكل الزوجية أولا بأول أمر مهم ومطلوب في الحياة الزوجية ولكن يجب الابتعاد عن هذا الأمر تماماً خلال العيد فهو ليس فرصة للنقاش مهما كان حجم المشاكل بين الزوجين، يجب عليهما ضبط النفس واحترام ومشاعر ورغبات الطرف الآخر والسعي دائماً لفهم الشريك الآخر».
الرومانسية أهم طقوس العيد
الدكتور تامر الجنايني، استشاري العلاقات الأسرية والزوجية بالقاهرة، يؤكد هو الآخر أهمية أن يحرص الزوج على إعطاء زوجته عيدية خلال المناسبة نفسها وليس قبلها ولا بعدها، ويقول «في العيد تنتظر الزوجة العيدية كجزء من الروتين مثل الأطفال تماما لأنهاً تعتبر من العادات والتقاليد التي كانت تميز حياتنا جميعاً ونحن أطفال، وبعيداً عن قيمة العيدية المادية إلا أنها تعتبر من الأمور التي تزيد التودد والرحمة بين الزوجين. وعلى العكس يمكن للعيدية إذا ما تجاهلها الزوج عمداً أو حتى بدون قصد أن تحول العيد كله إلى ذكرى سيئة وفرصة لتصاعد الخلافات بعد أن جاء رد فعل الزوج مخيباً ومحبطاً لآمال الزوجة».
ويرى الدكتور تامر الجنايني أنه يجب على الزوجين أيضاً أن يهنئا بعضهما بالعيد بحب وود أمام الأبناء كي يشعروا بقيمة كل منهما لدى الآخر فهذا الأمر يولد الاحترام لهما من الأبناء. ويحذر الاستشاري النفسي من الصوت العالي في النقاشات الزوجية خلال فترة العيد ويرى أنها من أكثر الأمور التي تزيد من حدة المشاكل الزوجية وتؤدي إلى عدم التوصل لحلول كما أنه كثيراً ما يحذر الأزواج خاصة من النقد والانتقاد لكل ما يحيط بهما خلال أيام العيد، بل على العكس يجب استقبال كل مجهودات الزوجة بشكل لائق من المدح والغزل.
ويشدد الدكتور تامر الجنايني على الأزواج أن يراعوا أن الزوجة تعتبر في داخلها طفلة صغيرة تفرح بالجديد وتنتظره، لذلك قبل قدوم العيد والعيدية وخلافه يجب على الزوج أن يشتري لها ملابس وأغراض جديدة مثلها مثل الأبناء تماماً بل وقبلهم أيضاً حتى يدخل على قلبها البهجة والفرحة والسرور بعد عناء طوال العام.
العيد يكون فرصة عظيمة للاعتذار عن الخطأ في حق الطرف الآخر
ويتفق معه الدكتور أحمد أبو طالب، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية بالقاهرة، في أن العيدية تعتبر رسالة رقيقة ولفتة جميلة من الزوج لزوجته تزيد المودة والحب بينهما، ويبين «الأعياد عادة تعتبر من المناسبات السعيدة وفرصة للتعبير عن الحب والود والعيدية تكمل هذا المعنى لما لها من مفعول السحر في عقل وقلب الزوجة التي تنتظرها بفارغ الصبر مثل الأطفال كل عيد».
ويطالب الدكتور أحمد أبو طالب الزوجات باستغلال عيد الفطر هذا العام لممارسة طقوس الحب داخل الأسرة، وإذابة جليد الملل والخلافات الزوجية الرومانسية من الأمور التي لها تأثير رائع في العلاقة بين الزوجين خلال الأعياد. لذا يجب الاستمتاع معاً بيوم العيد بشكل مختلف.
وينصح أبو طالب الأزواج أيضاً أن يحرصوا على العيدية للزوجة حتى وإن لم يكونوا قد اعتادوا على ذلك من قبل، ويضيف «العيدية تجعل الزوجة تفرح وتملأ قلبها بالبهجة والسرور حتى ولو كانت قيمتها بسيطة لكنها تحمل كل المعاني الجميلة من الحب والود والإخلاص».
وفي المقابل تنقلب حياة الزوجة رأساً على عقب عندما يتجاهلها الزوج في العيدية والتهنئة بقدوم العيد فتشعر بمنتهى الإهمال واللامبالاة وكأن الحب كله يتلخص في كلمات المعايدة الرقيقة التي لم تسمعها والعيدية التي لم تحصل عليها.
ويرى أبو طالب أن العيد يكون فرصة عظيمة للاعتذار عن الخطأ في حق الطرف الآخر وتقديم بعض التنازلات من أجل استمرار العلاقة بشكل أفضل، ويقول «حدة المشاكل عندما تزداد بين الزوجين وجعلهما يتباعدان تدريجياً وتتسع بينهما فجوة كبيرة تجعلهم كالغرباء تحت سقف واحد وبالتالي يكون العيد فرصة جيدة للتواصل من جديد».
الكلمات الرقيقة بين الزوجين في هذه الأيام لها سحر خاص
أما الدكتورة دينا كرم، استشاري الطب النفسي وخبيرة العلاقات الأسرية والنفسية بالقاهرة، ترى أن الإجازات وخاصة الأعياد تعتبر فرصة لتعويض التراكمات من إهمال الطرف الآخر والذي أصبح متفشياً بشكل ينذر بالخطر على العلاقات الزوجية، لذلك تنصح الزوجين بتأجيل الخلافات والمشاكل والهموم والمناقشات الساخنة بينهما والاستمتاع بالعيد وتفريغ الطاقة السلبية المتجمعة طوال العام.
وتؤكد « يجب ترتيب كل ما يخص العيد بوقت كاف خاصة الخطة المتبعة لكيفية قضاء الإجازة ووضع ميزانية لقضاء تلك الفترات وعدم تضييق كل منهما على الآخر».
وتنصح الدكتورة دينا كرم الزوجات بود عائلة الزوج ومحادثتهم أو زيارتهم بمشاركة الزوج مع الحرص على التباعد والإجراءات الاحترازية لأن ذلك من الأمور التي تكسبها رضا الزوج وتجعله أكثر حباً ووداً معها، ويجب على الزوجات أيضاً ألا يثقلن كاهل الزوج بطلبات الهدايا وخاصة إذا كانت ظروفه المادية لا تسمح،
وتشير استشاري الطب النفسي إلى أن الكلمات الرقيقة بين الزوجين في هذه الأيام لها سحر خاص، فكثيراً ما تسد هذه الكلمات النقص في أمور كثيرة ولها صور متعددة بين الزوجين مثل المباركة بالعيد والتعبير عن السعادة بالتواجد سوياً والإعراب عن الشكر لكل الأعمال التي قام بها الآخر لإسعاد الأسرة وكلمات الغزل والمحبة والاشتياق.