12 يونيو 2021

هل تصبر زوجة البخيل على الحياة معه؟

محررة متعاونة

هل تصبر زوجة البخيل على الحياة معه؟

الزوجة أولى الناس بالحفاظ على أموال الزوج، فإن كانت حريصة على ماله اطمأن على ما عنده وإن أسرفت أو فرطت في المال الذي يجمعه بكده من هنا وهناك فهي خائنة للأمانة. لكن في السنوات الأخيرة تزايدت شكاوى كثير من الزوجات من أن أزواجهن لا ينفقون على بيوتهم ويمسكون أيديهم عن متطلبات أبنائهم وزوجاتهم والدليل على ذلك عدد القضايا المرفوعة في أروقة المحاكم تحت عنوان كبير هو بخل الأزواج والذي يرى الكثير من المتخصصين في الشؤون الأسرية أنه مرض لا علاج له.

لذلك نجد بعض الزوجات لا يستحيين أن يمددن أيديهن إلى جيوب أزواجهن على الرغم من أنه لا يليق بالزوجة الإقدام على هذه التصرفات، لكن علماء الاجتماع والطب النفسي يلتمسون لهن العذر عندما يكون الزوج بخيلاً قابضاً بيده المغلولة على كل الأموال على الرغم من ثرائه واتساع ذات اليد.

«كل الأسرة» سألت عدداً من المتخصصين في الطب النفسي والشؤون الأسرية والزوجية حول سطو الزوجات على جيوب الأزواج: هل هو سلوك مقبول أم مرفوض؟ وهل تصبر زوجة البخيل على الحياة معه؟ وكيف تعالج احتياجاتها اليومية والأساسية إذا كان الزوج وهو المنوط بذلك رافضاً أي استجابة لها؟

أعتقد أن وراء كل زوجة لا تحافظ على مال زوجها قصة من الحرمان الذي مارسه الزوج ضدها

في البداية يؤكد الدكتور أيمن البارودي، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة بني سويف، أن الحفاظ على مال الزوج حق أساسي له من حقوقه على زوجته إذ إنه يترك لها أمر إدارة مالية الأسرة في الصرف والإنفاق وعليه تأمين الاحتياجات المتعلقة بالمأكل والملبس وغيرها فهي مسؤولة عن صرف الأموال المكتسبة في أوجه الحلال وعلى مطالب الأسرة دون تبذير أو في غير وجه حق.

ويقول «بعض النساء يرين في الزوج خزينة أموال تأخذ منها لتنفق فيما يفيد وما لا يفيد دون النظر إلى مصلحة الأسرة، حتى أن بعض الزوجات يجدن لأنفسهن مبررات للسطو على جيب الزوج واقتناص بعض الأموال منه دون أن يشعر ويعتقدون أن ذلك لا يعتبر سرقة».

ويحذر الدكتور البارودي الأزواج من البخل والتقتير على الزوجة والأبناء لأن هذا يولد شعوراً بالقهر داخلهم يبرر لهم فعل أي شيء للحصول على أي مال يحرمهم منه الزوج حتى ولو كانت الوسيلة المتبعة في ذلك ملتوية، ويقول «أعتقد أن وراء كل زوجة لا تحافظ على مال زوجها قصة من الحرمان الذي مارسه الزوج ضدها أو رجل اعتدى على حقوقها المادية».

via GIPHY

التعامل مع الزوج البخيل يقتضي حكمة ولباقة وصبراً طويلاً

أما الدكتورة آمال عطية، خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية والمتخصصة في المشكلات الأسرية، فترى أن البخل ليس مرتبطاً بالثراء أو الفقر فقد نرى شخصاً من الأغنياء ومع ذلك بخيل كما أننا قد نرى شخصاً فقيراً ويتسم بالبخل، والبخل أنواع.. هناك البخيل بشكل مطلق على نفسه في المأكل والملبس على الرغم مما لديه من مال كما يمكن أن يكون بخيلاً على الناس كلها ما عدا نفسه.

وتشرح «مشكلة الزوجة التي يتصف زوجها بالبخل كبيرة لأن هذه الصفة ليس لها علاج فتجد نفسها في صراع معه بصفة مستمرة كلما طلبت منه تلبية الاحتياجات المنزلية واحتياجات أبنائها حتى ولو كانت من الضروريات الأساسية والأمر يقتضي حكمة ولباقة وصبراً طويلاً من الزوجة في تعاملها مع هذا الزوج».

وتؤكد الدكتورة آمال عطية أن البخل له علامات ودلالات تكشف صاحبه، وهناك بعض البخلاء لا يرون في أنفسهم هذه الصفة وإنما يرون أنفسهم حريصون أو محافظون ولكن في كل الأحوال يصعب عليه تغيير نفسه والتخلي عن هذه الصفة لأنها راسخة في شخصيته وسلوكياته حتى ولو تسبب في تعاسة الأولاد وخلق مشكلات أسرية.

وتحذر الدكتورة آمال عطية الزوجات من سرقة مال الزوج وتؤكد أن الزوج الذي يكتشف هذه السرقات لا يغفر هذا الخطأ لزوجته أبداً بل يعتبرها مقدمة لتصرفات أخرى غير لائقة وغير مسؤولة وتتساءل: لماذا لا تتحاور الزوجة مع زوجها حول ظروفها ومسؤولياتها ومتطلباتها الشخصية والأسرية ومتطلبات الأبناء قبل أن تقدم على هذا التصرف؟

الإنسان البخيل يشبه الطفل في شعوره بعدم الأمان والخوف ويجد سعادته وأمانه في جمع المال

تقول الدكتورة ميسون الفيومي، أستاذة العلوم السلوكية وخبيرة العلاقات الأسرية «إن هذا الأمر يختلف من زوجة إلى أخرى حسب نوع البخل أو درجته ولا يمكن أن تنفع النصائح العامة فلكل حالة ظروفها ودرجة حدتها وآثارها، وبصفة عامة النصائح العامة لا تجدي كما أن التحدي والشجار عادة ما ينتهي إلى مزيد من الشقاق، لكن الأنسب في مثل هذه الحالات أن تقسم ميزانية الأسرة إلى اختصاصات لكل طرف وفي حدود مبلغ معين ولا يتدخل الزوج البخيل في تفاصيل ما وافق عليه الطرف الآخر».

وتحذر الدكتورة ميسون الفيومي الزوجات من ذكر أسعار ما تشتريه أمام زوجها البخيل وألا تشكو له من عجز الميزانية أو ارتفاع الأسعار كل لحظة لأن ذلك يثير فيه مزيداً من عدم الأمان.

وتوجه أستاذة العلوم السلوكية الزوجة التي تقع في فخ الرجل البخيل أن تتعامل معه وكأنه طفل فهذا المرض ليس له علاج أو مسكن، وتقول «الإنسان البخيل يشبه الطفل في شعوره بعدم الأمان والخوف ويجد سعادته وأمانه في جمع المال والطفل عادة يأخذ موقفاً دفاعياً في حالة اتهامه بالتقصير ولذلك يجب عدم اتهامه بالتقصير أو مهاجمته أو توبيخه لأنه في هذه الحالة سيزداد سوءاً».

ولتعرف زوجة البخيل أن مفهومها عن البخل ليس هو ما يراه زوجها، فالرجل بطبعه إنسان واقعي وليس خيالياً ولذلك يجب عدم التعامل معه بواقعية ومنطق، وعلى سبيل المثال إذا رفض زيادة المصروف جربي أن تصطحبيه معك إلى السوق ليجرب ارتفاع الأسعار وضرورة التضحية بجزء من أمواله لصالح الأسرة ومن الممكن على المدى الطويل والصبر والذكاء تعديل بعض من سلوكه ليصبح أقل بخلاً وحرصاً على تكنيز الأموال. وفي المقابل يجب أن تتوقف الزوجة عن الإسراف والصرف فيما لا يفيد، فهناك من يتجاوزن الحق في الشكوى وينسبون للزوج البخل وهم من البخل براء وقد يكون هذا الزوج أشد حرصاً من زوجته على مصلحتها ومصلحة الأسرة فيدخر ماله لينفعهم في المستقبل وقد تكون هي مسرفة في الإنفاق ولا تعلم أنها كذلك.