في رواية «الخيميائي» لباولو كويلهو، خاطب الخيميائي الحكيم الفتى الراعي الباحث عن الكنز، قائلاً له «إن كان ما وجدته مصنوعاً من مادة صافية فلن يفسد أبداً، وستستطيع أن تعود إليه يوماً، وإن لم يكن إلا لحظة ضياء، كانفجار نجمٍ، فلن تجد شيئاً منه عند عودتك، ولكنك ستكون قد شهدت انفجاراً عظيماً، وهذا في حد ذاته يستحق منك أن تعيشه».
كان الرجل يتكلم بلغة كيمياء، ولكن الفتى فهم أنه كان يلمح إلى فاطمة الفتاة التي وقع في حبها، واضطره بحثه عن الكنز للرحيل عنها على أمل العودة ظافراً، وظلّ مسكوناً بالخوف من أن تتخلى عنه الفتاة حين يطول غيابه.
الحب قائم على كيمياء من نوعٍ آخر، هي كيمياء الأرواح، وكان الخيميائي الحكيم وهو يخاطب الفتى يفرق، من حيث أراد أو لم يرد، بين نوعين من الحب: الأول هو ذاك الذي تتكون عناصره من مادة صافية لا تفسد أبداً، فيظل يقاوم الزمن ويعيش، أما الثاني فهو ذاك الذي يولد ويموت كانفجار نجم، مشتعلاً مالئاً الدنيا بأضوائه ثم لا يلبث أن ينطفئ.
لم ينظر الحكيم باستخفاف إلى تلك المشاعر العظيمة التي تنتاب العشّاق في حالة الحب الثاني، الذي يولد ويموت كانفجار نجم، فالناس ليسوا نتاج قصة الحب الوحيدة التي انتهت بنجاح، وإنما أيضاً نتاج قصص الحب التي انطفأت كانطفاء النجوم بعد انفجارها العظيم.
نستعيد ما جاء في رواية باولو كويلهو ونحن نقرأ عن بروتين صغير، يُطلق عليه أحياناً اسم «هرمون الحب»، دوراً أكبر مما كان العلماء يعتقدون سابقاً، ويُطلق على هذا البروتين الصغير، المؤلف من تسعة أحماض أمينية فقط، اسم «هرمون الحب»، لأنه يعزز الروابط الزوجية، والرعاية لدى الأمهات، وغيرها من الروابط الاجتماعية الإيجابية.
ظلّ علماء الأعصاب يعتقدون لفترات طويلة أن ضخ الأوكسيتوسين في الدماغ يمكن أن يكون ناتجاً عن التفاعلات الاجتماعية مع أفراد معينين مثل الأبناء أو الناس القريبين منا، أو حتى التفاعل مع الحيوانات، لكن التقدم في تقنيات علم الأعصاب سمح للباحثين بتغيير قناعاتهم خلال السنوات الأخيرة، من خلال تحديد وتسجيل نشاط الخلايا العصبية الفردية المنتجة لهرمون الأوكسيتوسين في الدماغ.
وتشير تلك التسجيلات إلى قصة مختلفة عن وجهة النظر القديمة - بطرق بسيطة، لكنها مهمة.
لاحظ علماء الأعصاب أن الأوكسيتوسين يلعب دوراً مهماً بشكل واضح في تنظيم السلوكيات الاجتماعية إلا أنه ليس المساهم الوحيد في ذلك، وحسب أحد العلماء المختصين فإن «الوقوع في الحب تجربة متكاملة للعقل والجسم، تحتوي على عناصر حسية وعناصر معرفية»، كما أن للذاكرة حضورها في الأمر.