الزوجة الغنية.. هل ثروتها تكفل لها حياة زوجية سعيدة أم أن ثروتها تكون سبب تعاستها؟.. دراسة جديدة صدرت عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تناولت أسباب الخلافات الزوجية من خلال تناول عدد من القضايا المرفوعة أمام محاكم الأسرة ومكاتب تسوية المنازعات، كشفت عن أن ميراث المرأة وثروتها وكذلك دخلها الكبير الذي تحصل عليه من عمل أو تجارة يتسبب في أنها تكون مطمعاً للرجال للزواج منها.
أما في حالة كونها متزوجة بالفعل فإن الكثيرات فوجئن بعد الزواج أنهن وقعن في براثن زوج طماع وانهارت أحلامهن واصطدمت بالواقع المؤلم بعد اكتشاف طمع الزوج.
حيث باتت ظاهرة طمع الأزواج في أموال زوجاتهم مشكلة حقيقية تهدد الحياة الأسرية وتضرب العلاقة بين الزوجين في مقتل.
طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات حول طمع الزوج في ثروة زوجته أو راتبها على عدد من خبراء الطب النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية وسألتهم: كيف تتعامل الزوجة مع زوجها الطماع؟ وما الخطوات التي تضمن بها لنفسها حياة سعيدة مع هذا الزوج دون أن تتنازل عن أموالها له؟ وهل للزوج حق في راتب زوجته وثروتها؟
ضرورة حسم الأمور المالية بين الزوجين
بداية تؤكد الدكتورة شيرين درديري، استشارية العلاقات الزوجية والنفسية وخبيرة تعديل السلوك بالقاهرة، أن الكثير من الخلافات الزوجية التي وصلت لمحاكم الأسرة والتي تنهي العلاقة بين الزوجين بالطلاق يكون سببها طمع الأزواج في راتب وثروة الزوجة وممتلكاتها بعد الزواج خاصة إذا ما واجهت الزوجة هذا الطمع والجشع بالعناد والرفض وتمسكت بحقها في الحفاظ على أموالها ورفضت المساهمة مع الزوج في أي خطط له أو حتى الإنفاق على بيتها وأولادها من أموالها الخاصة.
وتطالب الاستشارية النفسية الزوجين بحسم الأمور المالية بينهما في فترة الخطبة بدءاً من الراتب وحتى الممتلكات والثروة والميراث حتى لا تفرقهما الأموال بعد الزواج ويضيع الأبناء، وتعتبر الصراحة الحل الأمثل الذي يجنبهما الكثير من المشكلات الزوجية التي تعكر صفو حياتهما لأن العديد من المشاجرات المادية بين الزوجين ينشأ بسبب الحرج من مناقشة هذه الأمور وتأجيلها فيما بعد.
تكمن المشكلة أحياناً في اختلاف المستوى المادي للزوجين قبل الزواج حيث تكون الزوجة من أسرة ميسورة الحال بينما الزوج من وسط أقل
وترى الدكتورة شيرين درديري أن العلاقة الزوجية ليست استغلالاً وإنما هي تعاون بين الزوجين، ولكن للأسف أحياناً يؤدي الطمع بين الزوجين إلى الشك والريبة ويظل كل منهما لا يشعر بالأمان ويتصور أن الآخر سيغدر به مما يؤدي ذلك إلى حذر ونفور ينتهي بالطلاق، وتقول «تكمن المشكلة أحياناً في اختلاف المستوى المادي للزوجين قبل الزواج حيث تكون الزوجة من أسرة ميسورة الحال ولديها ثروة كبيرة بينما الزوج من وسط أقل وليس من نفس طبقتها ولا يستطيع أن يوفر لها كل احتياجاتها، فتصر هي على ألا تتنازل عن طلباتها ولا حتى أن تشارك في تلبيتها».
وتشدد على أهمية أن تتعاون الزوجة مع زوجها في متطلبات الحياة خاصة إذا كان لديها ما يكفي لمساعدته في شؤون الحياة، فإذا احتاج الزوج المال من زوجته لتربية أبنائهما أو لمصلحتهما فالواجب عليها أن تشاركه الإنفاق في حدود المعقول، فالأديان تحتم التعاون بينهما، أما إذا احتاج المال لنفسه لكي ينفقه على حياته الخاصة فيجب ألا تعطي له أي نقود.
الحياة مع زوج استغلالي وطماع ليست مستحيلة بل تحتاج لزوجة ذكية
أما الدكتور ياسر يسري عبدالمحسن، استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك بالقاهرة، فيحذر السيدات أولاً من العناد الذي يتملك البعض منهن ونصائح الصديقات والأهل التي تتوالى على مسامعهن منذ اليوم الأول بأن تحافظ على أموالها ودخلها لنفسها بعيداً عن أعين الزوج وألا تتنازل ولو عن جزء منه بحجة أنه لا أمان للرجل.
إعطاء المرأة راتبها لزوجها خطأ كبير، وعليها ألا تفعل ذلك، وأن تحرص على الحفاظ على أموالها وتكون متيقظة، ولا تأمن للزمن مع رجل مهما كانت صلة المحبة بينهما
ويشرح «للأسف من هنا تبدأ الخلافات تدب بين الزوجين، فالبنت قد ضمنت زوجها بمجرد ارتباطها به وتبدأ تستقوي بدخلها وعملها عليه وتنسى أن خروجها للعمل يكلف الأسرة أعباء مالية كثيرة وبالتالي يجب أن تنعم الأسرة بجزء من مردود هذا العمل. ولكن لتدرك الزوجة أن إسهامها يكون تعويضاً عن التقصير الذي ينتج من غيابها لساعات طويلة خارج البيت التي هي حق الزوج والأسرة».
ويؤكد الدكتور ياسر عبد المحسن أن الحياة مع زوج استغلالي وطماع ليست مستحيلة بل هي تحتاج لزوجة ذكية تتحلى بالصبر ولا تفقد أعصابها بسهولة، ولا يجوز للزوجة التي ابتليت بمثل هؤلاء الأزواج المبادرة بطلب الانفصال خصوصاً إذا امتلأ البيت بالأطفال.
ولكن في الوقت نفسه يرى الاستشاري النفسي أن إعطاء المرأة راتبها لزوجها خطأ كبير، وعليها ألا تفعل ذلك، وأن تحرص على الحفاظ على أموالها وتكون متيقظة، ولا تأمن للزمن مع رجل مهما كانت صلة المحبة بينهما، أو حتى ابنها، كما أنها ممكن أن تكون في أي لحظة مهددة.
بعض النساء مسؤولات عن طمع الزوج
ومن جانبها تؤكد الدكتورة دينا هلالي، خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية والتنمية البشرية وتعديل السلوك بالقاهرة، أن بعض النساء مسؤولات عن طمع الزوج في ثروتها ودخلها نتيجة تبرعها دائماً لحل أزمات الزوج وعرض الأموال عليه في حالة ضيق الحال بالنسبة له فيتعود الزوج على ذلك ويريد منها المزيد.
وتشدد الدكتورة دينا هلالي على أهمية التفاهم في الأمور المادية بين الزوجين لما له من أثر كبير في تعميق التواصل وتقوية العلاقة بينهما حيث يجعلهما ينصهران داخل الأسرة إذا ما حدث هذا التفاهم مبكرا، ويفضل أن يكون قبل الزواج وأن يلتزم الطرفان بما اتفقا عليه.
والأفضل للزوجة التي تشعر باستغلال زوجها أن تتروى قليلاً قبل تصعيد الخلاف معه وأن تتحين الوقت المناسب والطريقة المثلى لمناقشة الأمر معه ولا داعي للعناد والمعاتبة الشديدة للزوج وتهديده فربما يكون السبب في طلبه لبعض المال منها وجود أهداف مستقبلية لتحسين وضع الأسرة ولا يستطيع هو وحده تحقيق هذه الأهداف.
وتحذر الدكتورة دينا هلالي النساء والبنات من التمادي في حالة الريبة والحذر التي أصبحت تصيب البنت من بداية العلاقة وتخوفها من أن تخسر في الزواج كل شيء وهي لا تضمن لحياتها الزوجية الاستمرار والنجاح ويتسبب ذلك في رفضها القاطع مشاركة زوجها نفقات الحياة.