كشف استطلاع للرأي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي التي يرتادها الملايين من الشباب أن نسبة تتخطى 47 % من الفتيات لا يرين أهمية لفارق السن بين الزوج والزوجة ويرين أن الأهم أن يكونا على درجة نضج متقاربة كما يرين أنه لا توجد قاعدة ثابتة بالنسبة للسن تضمن نجاح الحياة الزوجية.
خبراء العلاقات الزوجية والأسرية يرون أن فرق السن بين الأزواج سواء كان كبيراً أو صغيراً لا يعتبر عائقاً للزواج لكنهم يحذرون من الفوارق الكبيرة التي تتخطى 10 أعوام حتى يكون بينهما تقارب فكري وتشابه في الاهتمامات وطريقة الحياة.
طرحت «كل الأسرة» قضية فارق السن بين الزوجين على عدد من أساتذة الطب النفسي والعلاقات الأسرية والزوجية وسألتهم لماذا أصبحت الفتيات يقبلن بالزواج من زوج كبير بفارق عمري يزيد على المعقول؟ وهل يمكن أن يكون هذا النوع من الزواج ناجحاً؟ وهل فارق السن يمكن أن يكون سبباً في زيادة الخلافات الزوجية أو قلتها؟
العلاقة بين الزوجين غير المتكافئين في السن لا تسير على وتيرة واحدة
في البداية يؤكد الدكتور هشام ماجد استشاري الطب النفسي والأمراض النفسية والعصبية وعلاج الخلافات الزوجية بالقاهرة أن لفارق السن أهمية كبيرة في الزواج ويرى أن هذا العامل الذي يبدو لأغلب الأزواج أنه لا يشكل أي مشكلة في بداية الارتباط لكنه يمكن أن يكون له ثقله الكبير فيما بعد فالاختلاف والمشاكل لا تظهر في مدى التفاهم بينهما بل إن الأمر يتعدى ذلك ليجد الزوجان نفسيهما مختلفين من الناحية النفسية والبيولوجية فمثلاً عند ارتباط فتاة في العشرين من عمرها برجل في الأربعينات قد يكون هناك اتفاق في البداية..
لكن عندما تمر السنوات يظهر الفارق بشكل واضح كأن يكون الزوج في حاجة إلى الراحة في كبره في حين ترغب الزوجة بالاستمرار في ممارسة أنشطتها الاجتماعية من سهر وغيره وغالباً ما يلبي هذا الفارق حاجة الشريك الأكبر سناً جنسياً فقط.
ويرى استشاري العلاقات الزوجية أن فارق السن لا يظهر أثره بشكل كبير عندما يكون الزواج عن حب فوقتها حقاً يتلاشى أي فارق وتكون الحياة بين الزوجين أفضل ويحقق السعادة والتفاهم بينهما. لكن في الحقيقة فإن العلاقة بين الزوجين غير المتكافئين في السن لا تسير على وتيرة واحدة بسبب تصيد الأخطاء.
كلما اتسع الفارق العمري بين الزوجين كلما زادت احتمالات الخلافات بينهما وزادت حدتها وأصبح رد فعل كل منهما عند الخلافات مختلفة ومتباينة
ويشدد الدكتور هشام ماجد على الفتيات المقبلات على الزواج ألا يتسرعن في قبول الزواج من رجل تتسع فجوة السن بينهما ويقول: كلما اتسع الفارق العمري بين الزوجين كلما زادت احتمالات الخلافات بينهما وزادت حدتها وأصبح رد فعل كل منهما عند الخلافات مختلفة ومتباينة ويكون من المنتظر في بعض الأحيان إمكانية نهاية العلاقة بالطلاق.
زواج البنت من عريس «متريش» رغم فارق السن لا يعوض التباعد النفسي والعاطفي
وتتفق معه الدكتورة علياء أمين مدربة المهارات الشخصية واستشارية العلاقات الزوجية وتحذر البنات في سن الزواج من الاستهتار بمسألة فارق السن وترى أن الاستشهاد بزيجات أخريات نجحن في إقامة أسرة سعيدة على الرغم من فارق السن الكبير أمر خطأ والمسألة نسبية لأن لكل حالة ظروفها كما أن استمرار الزيجة ليس معناه أنها كانت الأفضل.
وتقول: هذه الحالات وإن كانت موجودة فنسبتها قليلة ونسبة الزيجات التي فشلت كثيرة ولا يستهان بها فالفتاة في الوقت الراهن تعاني الصراعات النفسية والمشكلات الناتجة من هذا الزواج وزواج البنت من عريس «متريش» رغم فارق السن لم يستطع تعويض التباعد النفسي والعاطفي بينهما، الأمر الذي يؤدي إلى إصابتها بإحباط شديد.
كما أن افتقاد الزوجين لعنصر التفاهم يعتبر أحد نتائج الفارق العمري مما يؤدي إلى عدم قدرة كل من الطرفين على استيعاب الآخر ونتيجة لذلك قد يلجأ أحد الأطراف إلى البحث عن طرف ثالث يحقق معه التفاهم بالإضافة إلى اختلاف نمط الحياة بين الطرفين واختلاف الرغبات والميول مما يسهم في عدم التواصل بينهما حتى في الأمور التي تبدو بسيطة.
الفتيات أصبحن يخشين علي أنفسهن من العنوسة خاصة أمام عزوف الكثير من الرجال عن الزواج وأمام هذه الهواجس قد تقبل الكثيرات منهن بأزواج أكبر منهن
وتلفت الدكتورة علياء أمين إلى أن الفارق العمري المناسب بين الزوجين يتراوح ما بين 4 و6 سنوات وهو الأمر الذي يجب على الطرفين وضعه في الاعتبار عند التفكير في الزواج.
وتستطرد الدكتورة علياء أمين وتقول: للأسف الكثير من الفتيات أصبحن يخشين علي أنفسهن من هاجس العنوسة خاصة أمام عزوف الكثير من الرجال عن الزواج بسبب ارتفاع تكاليفه وأمام هذه الهواجس قد تقبل الكثيرات منهن بأزواج أكبر منهن.
وهذا خطأ فادح فما تضحي به الفتاة في البداية هرباً من العنوسة لا يحميها من المشكلات التي تقع فهي لا تستطيع الاستمرار في تقديم التنازلات لأنها تصدم بالواقع والحياة اليومية التي تحتاج الكثير من التكافؤ لكي تستمر الأمور والعلاقة بينهما كما ينبغي أن تكون كما أن زوجها لا يستطيع هو الآخر الاستمرار في علاقة تشعره دائماً أنه أقل وتبدأ الضغوط من الطرفين حتى يصلا لطريق مسدود ويقع الطلاق وبدلاً من العنوسة تواجه الفتاة لقباً آخر أشد وطأة وهو لقب المطلقة.
الحب وحده لا يكفي
أما الدكتورة شيرين درديري استشارية العلاقات الزوجية والنفسية وخبيرة تعديل السلوك بالقاهرة فترى أن طبيعة التغيرات الاجتماعية وظروف الحياة الاقتصادية وتكاليف الزواج الباهظة، من الأمور التي فرضت واقعاً جديداً على الشباب، وجعلتهم يوافقون على الزواج من طرف آخر يكبرهم بسنوات من أجل توفير حياة كريمة.
وتقول: فارق العمر لا يؤثر إطلاقاً إذا وجد التوافق والانسجام فالأرواح جنود مؤلفة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف وليس من شروط السعادة الزوجية أن يكون عمر الزوج متقارباً مع الزوجة.
وتوضح الدكتورة شيرين درديري أن الزواج الذي يوجد فيه فارق عمري كبير بين الزوجين يعتبر زواجاً محفوفاً بالكثير من المخاطر فصحيح أن الزواج في كل الأحوال تصاحبه بعض المشكلات إلا أن المشكلة القائمة بين الزوجين اللذين يفصل بينهما فارق كبير في السن لها طابع أكثر شدة وأكثر سرعة.
وتواصل: ومن أخطر العيوب التي يخلفها هذا الزواج الكثير من الشك والغيرة القاتلة من ناحية الزوج كما أن الزوجة هي الأخرى لا تمنح زوجها الحب المطلوب وتندم بعد الزواج وتترصد لزوجها وتتصيد له الكثير من الأخطاء وفي المقابل يحاول هو تقليل دائرة العلاقات الاجتماعية لإبعاد زوجته عن محيط الشباب بل وإجبارها على ترك عملها إذا كانت امرأة عاملة وهي عوامل تؤدي إلى نشوب خلافات قد تسبب فشل الزواج والانتهاء بالطلاق.