02 مارس 2021

بعد التفكير في الطلاق.. هل يمكن إنقاذ الحياة الزوجية؟

محررة متعاونة

بعد التفكير في الطلاق.. هل يمكن إنقاذ الحياة الزوجية؟

العش الهادئ، الزوج الحنون.. حلم كل فتاة، لكن هذا العش قد يتعرض لعواصف ورياح لا تهدأ وتسير الأمور بالأسرة الصغيرة في اتجاه واحد نحو طريق مسدود نهايته الحتمية مأساوية وهي أبغض الحلال عند الله سبحانه وتعالى.

فالحب وحده لا يكفي، والعشرة فقط لا تشفع لاستمرار الحياة الزوجية والغفران، خاصة إذا ما كان الجرح عميقاً ويصيب الكرامة في الصميم. فالواقع يؤكد أن هناك أزواجاً وزوجات برغم الحب الملتهب بينهم فقدوا المشاعر الدافئة التي كانوا يحملونها للطرف الآخر وأصبحت العواطف لديهم معدومة أو فاترة ليقرروا الخروج من الحياة المشتركة بلا عودة.

لكن الانفصال ليس دائماً الحل الأمثل خاصة للأبناء، فهم الضحية الأولى والأخيرة في هذا القرار، فهل يستحقون منا المحاولة من جديد؟ وكيف نستمر في الزواج رغم التحديات والمشاكل؟

طرحنا الأسئلة على عدد من أساتذة الطب النفسي وخبراء العلاقات الزوجية والأسرية: 

بعد التفكير في الطلاق.. هل يمكن إنقاذ الحياة الزوجية؟

يجب على الطرفين الالتزام بقواعد الحوار و اختيار التوقيت المناسب لبدء النقاش بعيداً عن أعين الأبناء

تطالب الدكتورة ولاء شبانة، استشاري الصحة النفسية وخبيرة التنمية البشرية، بوجود فترة خطوبة طويلة حتى لا يتعرض الزوجان للصدمة الشديدة بعد الزواج بسبب اكتشاف كل منهما فروق الطباع التي يستحيل معها العشرة.

وتضيف «قبل بدء الحياة الزوجية يجب على الطرفين ألا يتسرع في الاختيار، فالشباب أحياناً تجذبهم الفتاة الجميلة خفيفة الظل تأسر قلب الشاب وتأخذ عقله متصوراً أن الحياة الزوجية مجرد جلسات حب وود ومزاح، والفتاة أيضاً يجذبها الشاب الأنيق المرح الذي يبدو من ظاهره أنه فتى أحلامها، لكن هذه المعايير ليست وحدها التي تضمن لنا السعادة ولا تكفي لبناء أسرة قوية لا تهزها الخلافات ولا تعصف بها المشاكل».

وتشدد الدكتورة ولاء شبانة على أنه مهما بلغت درجة التفاهم بين الزوجين من الصعب بل من المستحيل أن يخلو البيت من الخلافات التي قد تصل إلى حد الشجار والاختلاف في وجهات النظر وهو أمر طبيعي في الحياة الزوجية، فلا يوجد زر تضغط عليه ببساطة لتدع الحب وحده يقود العلاقة ويحافظ على نفسه ذاتياً دون مجهود منك.

لذا لابد أن تكرس وقتاً وجهداً حقيقيين لفهم شريك حياتك وتقديره، وهنا يجب على الطرفين الالتزام بقواعد وأصول الحوار إلى جانب اختيار التوقيت المناسب لبدء النقاش بعيداً عن أعين الأبناء وأن يظل إطار النقاش الكلامي بينهما هادئاً دون شجار ودون أن يتطور إلى التفوه بألفاظ تسيء إلى الطرف الآخر.

وتقول «أنصح الأزواج والزوجات خاصة المتزوجين حديثاً بالبعد عن مناقشة خلافاتهما في لحظات الغضب التي قد تؤدي بهما للتهور بإتمام الطلاق تحت وطأة هذا الغضب، وتأجيل مناقشة الأمور الخلافية بينهما للحظات هدوء يستطيع كلاهما سماع بعضهما والوصول لحلول مشتركة».

بعد التفكير في الطلاق.. هل يمكن إنقاذ الحياة الزوجية؟

جروبات النساء على «فيسبوك» بوابة للكثير من المشاكل التي تتعرض لها زوجات اليوم

الدكتور محمود أبو العزايم، استشاري الطب النفسي وعلاج الاكتئاب بالقاهرة، يؤكد هو الآخر أن التفكير في الطلاق لا يصيب فقط حديثي الزواج بل قد يكون أيضاً هاجساً يطارد المتزوجين والمتزوجات بعد سنوات العشرة والسبب في ذلك الشعور بالملل والمقارنات بالآخرين بسبب صفحات الفضفضة وجروبات النساء على «فيسبوك» فهي بوابة للكثير من المشاكل التي تتعرض لها زوجات اليوم، كما أن لها دوراً كبيراً في إفساد العلاقة الزوجية ودفع المرأة للتفكير في الطلاق وخراب بيتها، فكم من امرأة كانت تحمل بين ضلوعها قلباً مليئاً بالأوجاع من المشاكل مع شريك الحياة وبسبب هذه الصفحات تقلبت عليها المواجع ودفعتها للتفكير في هذا القرار المدمر للأسرة والأبناء.

ويقول أبو العزايم «بعض الزوجات ترى أن الزوج هو السبب في تعاستها وعدم تحقيق أحلامها وترى أن الزوج هو العقبة التي أخرتها ولم تعش حياتها، والحقيقة أن فشل الحياة الزوجية يكون مسؤولية مشتركة في كل الأحوال، لذا قبل التفكير في الطلاق يجب المحاولة عدة مرات لتجنب الفشل». ويرى أن الدراما يجب أن تلعب دوراً كبيراً في معالجة القضية بشكل تحذيري للنساء من التسرع في الطلاق وعدم تقديم الطلاق كوسيلة ذهبية للتخلص من المشكلات ويجب إظهار معاناة الأطفال والزوجة بعد الطلاق حتى تتعظ الكثيرات.

ويلفت إلى أن المبالغة في تقديم الرومانسيات من الأزواج في محتوى المسلسلات والأفلام يدفع الكثيرات للتمرد على أزواجهن بدعوى أنهن يفتقدن حباً كهذا رغم أن زوجها قد يكون يحبها بالفعل لكن بطريقة عملية تختلف عن تلك التي تشاهدها في الأفلام.

ويحذر الدكتور أبو العزايم الأزواج والزوجات من إهمال التراكمات والمشاكل التي تجعل كلا الطرفين ينفر من الآخر، والزوجة التي تريد أن تكمل حياتها مع زوجها وتتراجع عن الطلاق ينبغي عليها أن تقف مع نفسها وتحاسب نفسها وتراجع تصرفاتها حتى تستعيد الود المفقود مع الزوج وتنسى ما حدث بينهما ودفعهما للطلاق.

بعد التفكير في الطلاق.. هل يمكن إنقاذ الحياة الزوجية؟

الاستمرار في الزواج قد يكون قراراً تعيساً لكن أحياناً لا محالة عن الانفصال

أما الدكتورة نانسي ماهر، خبيرة العلاقات الأسرية والعلاج الزواجي بالقاهرة، فترى أن من أصعب القرارات التي قد تتخذها المرأة هو التراجع عن الطلاق واستكمال حياتها مع شريك الحياة ومنحه فرصة جديدة ومنح نفسها هي الأخرى الفرصة، لأن الطلاق قرار ليس سهلاً ولا تفكر فيه المرأة بالذات إلا بعدما يطفح بها الكيل، وتبين «الاستمرار في الزواج قد يكون قراراً تعيساً لكن أحياناً لا محالة عن الانفصال، والطلاق أيضا قرار شاق».

وتطالب الدكتورة نانسي ماهر الفتيات المقبلات على الزواج بعدم توقع شكل محدد للحياة الزوجية والسعادة بها، فالواقع لن يطابق توقعاتك بالضرورة وشريك حياتك مهما كانت درجة حبه لك لن يفعل ما تريدين تحديداً، عليك أن تكوني مقدرة وممتنة لما لديك دون السعي لتغيير شريك حياتك أو إجباره على سلوك معين.

وترى خبيرة العلاقات الزوجية أن من أكثر الأخطاء التي ترتكبها الفتيات في بداية الزواج هو أنها لا ترى إلا زوجها وتتصرف معه كفتاة الأحلام وتريد إبهاره بالتركيز على متطلباته والعناية به وتنصرف عن حياتها السابقة وأسرتها وصديقاتها ويصبح تقديرها لنفسها مرتبطاً برد فعله على ما تقوم به من أجله، وهذا الأمر يجعلها دائمة مخيبة الآمال لأنها لن تجد رد الفعل المناسب والذي تتوقعه.

وتلفت الدكتورة نانسي ماهر إلى أن التفكير في التراجع عن الطلاق ينجح لا محالة وتكون الحياة الزوجية بعده أفضل بكثير إذا ما حددنا نقاط القوة في الزواج ونقاط الضعف وركزنا على الأولى وحاولنا تعزيزها والتعامل مع صفات الزوج بهذا المبدأ والتعامل مع الأمر على أنني أيضاً لدي صفات قد تكون مزعجة بالنسبة له.

وتنصح خبيرة العلاقات الأسرية الزوجات بعدم تحميل الزوج فوق طاقته وعدم تحميله مسؤولية فشل العلاقة الزوجية والتوقف عن السماح للآخرين المحيطين بالزوجين بالتدخل بينهما لأن ذلك دائماً ما يكون بوابة المشاكل.
وتقول «على الزوجة أن تعبر عن حبها وامتنانها الدائم بأي حركة بسيطة يقوم بها شريك الحياة ولو كانت هدية بسيطة جداً فلا تكتفي بكلمة أشكرك بل عبري عن تقديرك وامتنانك بما يحب أن يسمع ولا تستهيني بقوة الامتنان والتقدير للآخرين فلها مفعول السحر».