«زوجي كثير التدخل في شؤون المنزل وهو شيء لم أعد أتحمله، فبمجرد عودته من الدوام يبدأ ممارسة سلوكياته التي تزعجني كثيراً، وتكون أرفف المطبخ أولى محطاته، إذ يقوم بترتيب محتوياتها وفق ما يراه مناسباً غير مبال برغبتي في تنظيمها بما يسهل علي الوصول إليها، ثم يتوجه إلى الثلاجة وينظمها، وعندما أعترض وأعبر عن رفضي لتدخله فيما لا يعنيه يتشاجر معي ويتحول المطبخ إلى ساحة معركة تربك كل من في المنزل".
يعد المنزل مملكة المرأة الخاصة التي لا تقبل أن يشاركها أحد تفاصيله، فهو بالنسبة لها السفينة التي لا تدار سوى بربان واحد، إلا أن هناك من تشعر بالضيق بسبب تدخلات الزوج الذي دفعته الظروف للتواجد في المنزل باستمرار، إما لأسباب تتعلق بطبيعة العمل وممارسته عن بعد أو لأمور أخرى متعلقة بظروف صحية أو بلوغ سن التقاعد وغيرها، لتتحول الحياة بين الطرفين إلى علاقة شد وجذب نتيجة هذا التدخل في تفاصيل يراها هو جزءاً من ممارسة حقوقه كأب وزوج، وتراها هي تدخلاً في أمور ليست من اختصاصه، وهو ما يشعل فتيل الأزمات بين الطرفين.
فما الحل؟
أقول للرجل كن مصدر سعادة لمن حولك وكما يترك لك ممارسة عملك دون تدخل من الزوجة فلتجعلها هي أيضاً تمارس دورها دون ضغوط
تبين الدكتورة فاطمة الرويمي، أستاذة بالكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية بعجمان سابقاً، «هناك فرق بين المشاركة والتدخل سواء في أمور المنزل أو شؤون الأبناء، وكثيراً ما تشعر بعض الأسر بعدم ارتياح بعد أن يلتزم الأب أو الزوج المنزل وتحدث خلافات كبيرة بينه وباقي أفراد أسرته، خاصة إذا ما دقق في كل تفصيلة لم يكن يهتم بها في السابق، مثل أين خرجتم ومتى تعودون؟ ولماذا هذا الشيء ليس في مكانه؟ ولم ذاك المكان غير مرتب؟ ولماذا تتحدثون بصوت عال؟ وغيرها من الأمور التي لم يعتد الجميع عليها فيتسبب ذلك في توليد نوع من الضغط النفسي عليهم، وهو ما يدفع ببعض الزوجات إلى طلب أن يبحث شريك الحياة عن عمل إضافي كي ينشغل به بعيداً عنهن».
وتضيف «نفور بعض الأبناء من وجود الأب في المنزل سببه التدخل في أمور ليست من اختصاصه أو بمعنى آخر لم تكن ضمن اهتمامه، فالأب من المفترض أن وجوده ينشر نوعاً من السعادة التي يتشوق إليها الجميع، فبمجرد أن تلامس يداه باب المنزل يجري الجميع إليه طلباً في الدفء والحنان وقضاء بعض الوقت معه دون توتر، أما من يرتبط وجوده بتغير مزاج الزوجة وتقلب أجواء المنزل إلى مشاحنات وشد وجذب، فبكل تأكيد سينفر الجميع منه وينتظرون خروجه أو انشغاله بسفرة طلباً في عودة الهدوء إلى المنزل مرة أخرى. وللأسف هناك حالات لا تستوعب ما تفعله وهو ما قد يؤدي بالزوجة إلى طلب الانفصال من كثرة الانتقادات والتقليل مما تفعله وتقوم به من دور، فكم من زوجات كرهن تواجد الرجل في المطبخ أثناء إعدادهن الطعام، وكم من أخريات بغضن مشاركة الزوج الوقت في المنزل مفضلات الجلوس وحيدات أو مع الأبناء بعيداً عنه، حتى لا تشب الخلافات على أتفه الأمور، وأقول للرجل كن مصدر سعادة لمن حولك وكما يترك لك ممارسة عملك دون تدخل من الزوجة فلتجعلها هي أيضاً تمارس دورها دون ضغوط».
على الزوجة أن تستخدم فطنتها وتشغل شريك حياتها بأمور أخرى تفيد أفراد الأسرة وبنفس الوقت تشغله عن التدخل الذي يزعجها
مها سليم، كوتش ومدرب معتمد في المهارات الحياتية والأمومة الإيجابية، توضح في هذا الشأن «البيت هو المساحة التي تظهر فيها الزوجة مهاراتها وتسعد فيها بإنجازاتها وتحب أن تضع فيها لمساتها الساحرة وتعتني بكل تفاصيله، وحين يأتي الزوج ويرفض تلك اللمسات أو يعترض عليها أو يغيرها تشعر بالضيق والكدر وبأنه يتدخل في شؤونها ويحرمها من ممارسة حقها الطبيعي في مملكتها الخاصة، وهذا ما يثير مشاعر الغضب فيها. ولكن حقيقة الأمر أن الزوج في كثير من الأحيان لا يقصد ذلك أبداً، بل مقصده غالباً، كونه المسؤول الأول عن النفقة والأمور المادية، هو أن ينظم الميزانية ويقلل من المصاريف غير الضرورية كي يسد الاحتياجات الأساسية أولاً، وكذلك لا ننسى أن الرجل عملي أكثر بطبيعته فهو ينظر للضروريات فقط بينما أغلب النساء تعنيهن الناحية الجمالية في كثير من الأمور حتى لو كانت تزيد من الأعباء والتكلفة المادية، لأنها من وجهة نظرهن تزيد الراحة والمتعة لديهن وتضيف شعوراً بالاستمتاع والسعادة.
وتكمل"أحياناً قد لا يكون تدخل الرجل هو دافعه وهدفه الأساسي بل تكون نظرته في تدبير شؤون المنزل وترتيبه بطريقة مختلفة عن الزوجة نابعاً من كونه تربى في بيت كان يديره والده بأفكاره وتوجهاته المختلفة وأحياناً تترك البيئة هي الأخرى أثراً ما بداخله، كل ذلك يكون مختلفاً عن بيت وبيئة الزوجة فينسج كل واحد لنفسه عالمه الخاص ويشعر وكأن رأيه هو الأصح.
كما يلعب اختلاف العقليات وطريقة التفكير دوراً أيضاً، لذلك على الطرفين أن يتفهما هذا الاختلاف ويسعيا للحد منه لا زيادته ومضاعفته، وعلى الزوج أن يستوعب حاجة شريكة حياته للتصرف بحرية وأريحية في مملكتها ويتركها لتمارس حقها الطبيعي في منزلها ولا يؤذيها بكثرة تدخلاته أو انتقاده ويدرك أن إدارة المنزل مساحتها التي تتفنن فيها وأحد أسباب سعادتها، وعليها هي أيضاً أن تستوعب مبرراته ولا تربط تدخلاته بأسباب وهمية وتضخم من شعورها بالانزعاج».
وتضيف «لا ننكر بالطبع أن هناك أزواجاً يتدخلون لأسباب غير صحيحة، مثل أنهم لا يثقون بتدبير الزوجات أو لا يعترفون بحقوهن في تدبير أمور المنزل أو هم من الشخصيات الناقدة أو المسيطرة والمتحكمة أو ببساطة هم أزواج يعانون الفراغ، وبالطبع لكل حالة طريقة للتعامل معها تحد من الخلاف الذي قد تسببه وتوقف تفاقم الوضع، فمثلاً في حالة الفراغ على الزوجة أن تستخدم فطنتها وتشغل شريك حياتها بأمور أخرى تفيد أفراد الأسرة وبنفس الوقت تشغله عن التدخل الذي يزعجها.. وهكذا، ولنكن عادلين مع الطرفين فهناك أيضاً بعض الزوجات يبالغن في انزعاجهن حيث إنهن يرفضن أي تدخل حتى لو كان بسيطاً أو إيجابياً، وأقول لا بأس بالقليل من التدخل الذي قد يكون في محله ولتكن المرأة مرنة حتى تسير عجلة الحياة دون منغصات».
اقرأ أيضا: نصائح للتعامل مع الشريك العنيد