8 سبتمبر 2022

كيف تتعامل مع الحساسية المفرطة لشريك حياتك؟

محررة متعاونة

محررة متعاونة

كيف تتعامل مع الحساسية المفرطة لشريك حياتك؟

الزواج ليس مجرد حياة وردية يعيش خلالها الزوجان لحظات لا تنتهي من الحب والرومانسية، فقد أثبتت التجارب أن مشكلات وخلافات كثيرة تجتاح الحياة الزوجية وتعرّضها ربما لخطر الطلاق والانفصال، وهذا ما وثّقته أيضاً الأبحاث ونسب الطلاق المرتفعة.

طرحت «كل الأسرة» قضية الخلافات الزوجية التي تسببها الحساسية المفرطة لأحد الشريكين، وسألت عدداً من خبراء الطب النفسي وأساتذة العلاقات الزوجية عن كيفية التعامل مع الحساسية المفرطة في الحياة الزوجية، وما هي أفضل النصائح للتعامل مع هذه الشخصية للتقليل من نوبات «الزعل» والغضب والخصام التي يسببها فرط الحساسية.

أسباب الحساسية المفرطة

كيف تتعامل مع الحساسية المفرطة لشريك حياتك؟

يؤكد الدكتور رأفت حلمي بسطا، استشاري العلاج النفسي والاستشارات الزوجية وتعديل السلوك في جامعة القاهرة، أن أغلب المشاكل الزوجية سببها الحساسية المفرطة، نتيجة كلمة غير مقصودة أو تصرف عادي يتعامل معه الشخص الحساس بطريقة خاصة، مشيراً إلى أن السبب الأول للحساسية المفرطة يتعلق بالتربية، والسبب الثاني هو تكرار الضغوط، وفقدان عامل المرونة، ليتراكم داخل الشخصية بشكل سيئ.

ابتسم في وجه زوجتك تكسب قلبها وتدفعها إلى معاملتك بالمعروف حتى وإن كانت شخصاً كثير الخصام والزعل

ويقول: «التعامل مع الزوجة الحساسة كثيرة «الزعل» يعد فناً من الفنون التي يجب على الزوج الذكي تعلّمها وإتقانها، خاصة أن هذا النوع من الزوجات على الرغم من كثرة زعله، فإنه الأكثر حناناً».

ويضيف: «ابتسم في وجه زوجتك تكسب قلبها وتدفعها إلى معاملتك بالمعروف حتى وإن كانت شخصاً كثير الخصام والزعل مع الآخرين في معاملاتها، وكذلك دائماً ما أنصح الزوج بالتعامل مع نكد الزوجة بالابتسام في وجه زوجته والتعامل معها بمرح وأن يدخل عليها دائماً ضاحكاً مشتاقاً إليها، ما يجعلها تحرص على إرضائه وانتظاره على أحر من الجمر».

كما يلفت الاستشاري الأسري إلى أن بداية العلاقة بين أي طرفين في الحياة، تحتاج إلى حكمة وإحسان وتفهّم وتعامل مع الطرف الآخر وفق احتياجاته هو، فإن تعامل شركاء الحياة بهذه الضوابط، ستمر عواصف الحياة برداً وسلاماً على أصحابها.

والزوجان الحساسان عادة ما يبذلان ما في وسعهما لإشباع حاجة بعضهما بعضاً من عاطفة فياضة ومشاعر حنونة، لكن الحياة لا تعتمد فقط على الحب والمشاعر.

اختلاف الطباع بين الرجل والمرأة

كيف تتعامل مع الحساسية المفرطة لشريك حياتك؟

أما الدكتور باسم سليمان، استشاري الطب النفسي في كلية الطب بجامعة الإسكندرية، عضو الجمعية المصرية للطب النفسي، فيرى أن هناك اختلافات في طباع كل امرأة عن الأخرى، وعلى هذا الأساس يجب على الشريك أن يعرف كيفية التعامل معها، فهناك المرأة المزاجية، والمرأة الحساسة، والمرأة الغيورة، «فعليه أولاً أن يكون على يقين من طباع شريكته لئلا يقع في دوامة المشكلات الزوجية التي لا تنتهي. فالشراكة الزوجية تُبنى على أساس تعامل الأزواج مع بعضهم، فاحرص على معاملتها كما تُمليه عليك طباعها فتكسب زواجاً مثمراً وناجحاً. لا تخلو الزيجات طبعاً من المشكلات، ولكن المشكلات السطحية سرعان ما تحل، أما العميقة فتولد صعوبات وحواجز».

ينبغي على الأسرة أن تربي الابن على أهمية وضرورة التسامح والاحترام والحوار الهادئ لمناقشة المشكلات وحلها لا الهروب منها

ويشدد د. باسم سليمان على أن للتربية دوراً كبيراً في تكوين شخصية متزنة وبشوشة للرجل أو المرأة، لذلك ينبغي على الأسرة أن تربي الابن على أهمية وضرورة التسامح والاحترام والحوار الهادئ لمناقشة المشكلات وحلها لا الهروب منها، والمهم أن نربي أجيالنا الجديدة على ألا يفسدوا حياتهم بالنكد وتصيد الأخطاء، والصبر على ما لا يعجبنا في شريك الحياة.

ويلفت الاستشاري النفسي إلى أنه يجب أن يعرف الزوج أن زوجته الحساسة ليست اجتماعية، فهي بطبعها لا تكوّن الكثير من العلاقات، قد تمتلك صديقة واحدة أو اثنتين على الأكثر، وهذا لأنها لا تثق بمن حولها بسهولة، وأنها تبحث عن صديقة من الممكن أن تتفهم طبيعتها الحساسة، كما أنها عندما تجلس مع صديقة تكون صديقة واحدة فقط ولا تجلس مع الكثير من الأصدقاء؛ لهذا يجب أن تقلل من التجمعات ومن «العزومات» التي تتضمن عدداً كبيراً من الناس.

الزوجة الحساسة تكره العنف البدني أو اللفظي

كيف تتعامل مع الحساسية المفرطة لشريك حياتك؟

وتوضح الدكتورة إكرام خليل، استشارية العلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة، أن المرأة الحساسة تكون رومانسية بطبعها، تحب الهدوء وأن تشعر بحب من حولها واهتمامهم بها، كما أنها تكره العنف سواء كان بدنياً أو لفظياً، ولو شعرت بحب شخص من الممكن أن تتقبل منه أي انتقادات من باب أنه يحبها ويريد لها الأفضل، لهذا يجب على الزوج أن يُشعرها دائماً بالحب والحنان وأن يكون رومانسياً معها.

وتستطرد: «الزوجة الحساسة بحاجة دائمة لأن تشعر أن زوجها واقف إلى جانبها ويساندها في كل شيء، وعندما تكون بحاجة للمساعدة فلن تخبر إلا الشخص الذي تشعر معه بالأمان والراحة، الشخص الذي تشعر بأنه يفهمها وأن أسلوبه في نصحها يناسب شخصيتها، لهذا لو شعرت بالأمان اتجاه شخص ستسمع نصائحه ويمكن أن تثق بنفسها، ومن الممكن أن يعلمها كيف تتفهم مَن حولها بصورة صحيحة».

صار الرجال يتعاملون مع المرأة على أنها مصابة بفيروس الدراما، وأنهم محصنون من هذا الفيروس بحقنة تطعيم تسمى «اللا مبالاة»

وتفسر الدكتورة إكرام خليل أسباب التصاق صفة الحساسية المفرطة بالمرأة، بسبب تأثير المسلسلات والأفلام والروايات وحتى المقالات التي تتحدث عن المرأة، ووصفها بـ«الدرامية»؛ أي التي تعاني الحساسية المفرطة تجاه أي نقد يوجّهه لها زوجها، وبالتالي تبالغ في ردود أفعالها وتعبر عن غضبها بأسلوب مسرحي يعكس الحزن الذي يعتصرها. وعليه صار الرجال يتعاملون مع المرأة على أنها مصابة بفيروس الدراما، وأنهم محصنون من هذا الفيروس بحقنة تطعيم تسمى «اللا مبالاة».

ما لا يدركه الرجال أن «لا مبالاتهم» قد حولت النساء بالفعل إلى كائنات شديدة العاطفية تميل إلى المبالغة بسبب شعورهن الدائم بأن الرجال لن يتعاطفوا معهن إذا تحدثن بهدوء، وبالتالي يملن إلى إضفاء نوع من الحزن على سردهن لآرائهن. لكن أكثر ما يحزن المرأة هو أن تسمع كلمة «أنتِ تبالغين» بدلاً من كلمة «أنا أفهم ما تشعرين به»، خاصة إذا كانت تحاول جاهدة ألا تبالغ في التعبير عما يقلقها.

وأضافت خبيرة العلاقات أن الرجل سريع الخصام يحتاج إلى اهتمام أكثر من غيره، إضافة إلى كونه يحتاج إلى التعامل بشكل خاص مع شخصية حساسة مثله، فعلى شريكة حياته الأخذ بعين الاعتبار أن تخصص له وقتاً إضافياً للاهتمام به خاصة إذا كانت تحبه، حتى لا يترجم عدم تفاعلها مع حزنه بأنها تهمل مشاعره وأحاسيسه.

مشاكل الطفولة تجعل المرأة تشعر بعدم الأمان

كيف تتعامل مع الحساسية المفرطة لشريك حياتك؟

وتحذر الدكتورة مايسة كمال، استشارية العلاج النفسي والزواجي، من إهمال الزوجة الحساسة لأن ذلك يؤدي إلى متاعب كثيرة لزوجها، فهي امرأة طبيعية تعاني مشكلات نفسية في الشخصية، قد يكون ذلك بسبب التنشئة التي تعرضت لها، أو التجارب المؤلمة التي مرت بها وجعلتها تشعر بعدم الأمان.

فعندما لا يجد الإنسان الأمان في طفولته يصعب عليه أن يشعر بالأمان عندما يكبر، هكذا تكون المرأة الحساسة دائمة البحث عن الحنان الذي لم تحصل عليه من والدها وأسرتها، وعندما تتزوج هذه المرأة تعيش مع زوجها في خوف وقلق من أن تفقد حب شريكها وحنانه في أي لحظة، وبالتالي حتى تحافظ على زوجها تتحول إلى امرأة مزعجة سريعة الغضب تريد أن تمتلك الزوج ومشاعره بطريقة استبعادية، فتكون حساسة في التعامل معه، وتخلق المشاكل وتتأثر وتبالغ عند مواجهة أي مشكلة.

على شريكة الحياة التعامل مع حساسية الزوج بهدوء وعدم افتعال المشكلات تماماً، وتجنب الصدام معه بأي شكل

وترى الاستشارية الأسرية أن الرجل الحساس لا يستطيع تحمل العبارات القاسية، فهو كالطفل الصغير الذي لا بد من رعايته والتحدث معه بلطف وحنان، وعدم توجيه ملاحظات له وانتقاده بطريقة لاذعة؛ «بل إذا كنت تودّين معاتبته ولومه على تصرف ما، فيجب عليك انتقاء عباراتك بدلاً من القسوة عليه. وهكذا تسعين للمحافظة على سعادتكما مع الاستمرارية الزوجية».

وتنبّه أنه على المرأة أن تدرك وتعرف متى تناقش الرجل الحساس، ومتى لا تقوم بتلك الخطوة، ولكن عليها أن تكون مصرة لإرسال وجهة نظرها وعدم مسايرته بشكل مبالغ فيه؛ لذلك عليك الابتعاد عن بعض العبارات التي تهدّد حياتك الزوجية.

وأردفت أنه في بعض الأحيان تندفع المرأة في ردة فعلها نتيجة الحساسية لدى الرجل، وتغضب وتثير تساؤلات معه، موجّهة له عبارات مثل «هل بدر مني شيء؟»، و«ستظل متضايق من غير سبب؟» بطريقة قد يترجمها الرجل بأنها إهانة له؛ لذا على شريكة الحياة التعامل مع حساسية الزوج بهدوء وعدم افتعال المشكلات تماماً، وتجنب الصدام معه بأي شكل.

 

مقالات ذات صلة