كانا يتناولان الترمس على شاطئ البحر، يطعمها وتطعمه، يضحكان معاً ويثرثران، وبين حين وآخر يتعانقان، وقد أشرق وجهاهما بابتسامة تعكس الحب والتفاهم.. الزوجان سارة ووائل، بلغا من العمر عتيّا، فهي في التسعين، وهو في الرابعة والتسعين، عمر زواجهما سبعون عاماً، مع ذلك ما زال التفاهم والاحترام سائديْن بينهما، وما زال بريق الحب يلمع في عيونهما.
كيف تستمر العلاقة بين الزوجين عمراً طويلاً، وتبقى كلُّ أيامهما جميلة، مثل أول يوم التقيا فيه؟
مع الزمن، تزداد أواصر المحبة والألفة بين الزوجين، ويصبح التواصل والتفاهم أسلس، ولكن كيف يمكن لعمر الزواج أن يطول على هذه الأسس؟
تعلّق وتقدير وتعاهد على الوفاء
اتصلت سيدة كبيرة في السن بمذيع على الهواء، كانت تتحرق شوقاً إلى زوجها الذي توفي منذ أشهر بعدما عاشت معه أربعاً وأربعين سنة في هناء وسعادة، وقالت «لا أعرف كيف سأعيش من دونه؟ لقد كان زوجي وأخي وأبي وسندي في هذه الحياة، أفتقده كثيراً، وأريد أن أقدم نصيحة لكل زوجة؛ حافظي على زوجك قدر ما تستطيعين فلا أحد يمكن أن يحل مكانه».
الزواج رحلة طويلة بنيت على ميثاق غليظ بين رجل وامرأة تعاهدا على الوفاء بالعهد في السراء والضراء. وسواء كان الزواج بعد قصة حب، أو زواجا تقليدياً، فإن المودة تنشأ بين الزوجين وهي أعلى درجات الحب، يعتاد فيها كل طرف على الآخر، ولا يتخيل الحياة من دونه. لكن أخطاء كثيرة قد تصدر من أحد الشريكين، أو كليهما، إما بسبب نمط الشخصية، وإما بسبب السلوك و عدم فهم أحدهما للآخر، تقصِّر عمر الزواج أو تجعله مشحوناً بالحقد وغارقاً في بحر من المشكلات والخلافات.
عندما يرتبط شخصان ببعضهما بعضاً، يصبحان شخصاً واحداً في جسدين، وعليهما من أجل استمرار العلاقة ونجاح الزواج السعي للحفاظ على حياة تصغر فيها المشكلات، وتهمّش فيها الأخطاء، ويطغى فيها الاحترام والحب على كل ما عداهما.
نصائح لاستمرار الزواج طويلاً بسعادة وهناء
الحب وحده لا يكفي
لا أحد ينكر أن الحب بين الزوجين عامل مهم وأساسي لاستمرار الزواج مدى العمر، لكن الحب وحده لا يكفي، فكثير من الأزواج يشعرون بالحب الشديد تجاه الشريك لكنهم لا يتقنون فن العشرة، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إما إلى النفور، وخلق المشكلات، وإما إلى الطلاق حين لا يستطيع الطرفان تدارك الأمر وفهم العلاقة فهماً يقوّي الحب، ولا يذهبه.
وإذا كان الحب بذرة الزواج الناجح، فإن العناية بهذا الحب كي ينمو ويكبر لا بد أن تبنى على العقل والمنطق، وأن يسقى بماء المودة والاحترام.
طول عمر الزواج لا يعني بالضرورة نجاحه
هناك حالات كثيرة استمر فيها الزواج طويلاً، على الرغم من المشكلات والوصول إلى حافة الطلاق أكثر من مرة. فاستمرار العلاقة أربعين، أو خمسين عاماً، لا يعني دائماً السعادة في الزواج، قد يكون السبب في محاولة الحفاظ على الأسرة ولمّ شملها ورعاية الأبناء وتلبية احتياجاتهم، وغالباً ما يكون ذلك على حساب نفسية أحد الشريكين، وقد يؤدي إلى ظلم الزوجة في أغلب الأحيان التي تشعر بأنها ستفقد أبناءها وستضيع في متاهات الحياة، إن هي طلبت الطلاق. وفي أغلب هذه الحالات، يتخلى الرجل عاطفياً عن زوجته ويبحث عمّا يرضيه خارج عش الزوجية، إما بزواج آخر، أو بعلاقة محرمة. لذا كان الطلاق في مثل هذه الحالة أوجب، وأفضل لاستمرار الحياة براحة.
عوامل نجاح الزواج
الحياة مع ضغوطها ومشكلاتها، قد تجعل أكثر المحبين يعيشون لحظات من الغضب والخروج عن السيطرة على المشاعر السلبية التي لا يمكن أن يتحملها الشريكان، فيتبخر الحلم الجميل الذي ارتبطا على أساسه، كما يتبخر الماء في قلب الصحراء، ويتحول إلى سراب ووهم. فما الذي يجعل الزواج يدوم خمسين عاماً، أو أكثر، مع المحبة والوفاق؟
- التواصل مع الشريك بشكل مستمر، والتعبير عن المشاعر بصدق ووضوح من دون المساس بكرامة أحدهما للآخر.
- الاحترام المتبادل ومعرفة حدود كل منهما للآخر.
- الثقة بين الزوجين، وتقدير كل منهما للآخر.
- دعم أحد الطرفين للآخر في الأوقات الصعبة.
- المرونة وعدم التعنت بالآراء خصوصاً عند حل المشكلات.
- اهتمام كل من الطرفين بتطوير ذاته، واكتساب المزيد من المعرفة.
- قضاء أوقات ممتعة سوياً كالخروج في نزهات أو السفر معاً.
- تفهّم اختلاف الشخصية والعادات وعدم الانتقاد.
- التعاون في تربية الأبناء وتحقيق الأهداف.
- تغذية الحب بالهدايا والكلام والفعل والإبقاء على الاتصال العاطفي والرومانسي.