مجلة كل الأسرة
26 أكتوبر 2022

كيف نحمي نفسية أولادنا وقت الخلافات الزوجية؟

محررة متعاونة

كيف نحمي نفسية أولادنا وقت الخلافات الزوجية؟

الأسرة هي الملاذ والمأوى والأمن للأبناء، لكن ماذا لو كانت هذه الأسرة مشتتة وملأى بالخلافات التي لا تتوقف بين الزوجين، كيف سينمو حينها الأبناء ويكبرون؟ وما تأثير هذه الخلافات في نفسيتهم وتكوينهم؟

طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات على خبراء العلاقات الزوجية والأسرية، وسألت أساتذة الطب النفسي والعلاج الزواجي حول تأثير الخلافات الزوجية في صحة الأطفال النفسية، وكيف يتجاوز الأبوان مرحلة الخلاف الزوجي بأقل الخسائر، وكيف يخفف الوالدان من صدمة الخلافات الزوجية على الأبناء.

تأثير الخلافات الزوجية في صحة الأطفال النفسية:

1- التعثر الدراسي

التعثر الدراسي

تؤكد الدكتورة نسرين البغدادي، أستاذة علم الاجتماع والرئيسة السابقة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، أن الخلافات الزوجية تعتبر من أبرز الأشياء التي تؤثر نفسياً في الأبناء، إذ إن هذه الخلافات تزرع الخوف داخل الأبناء والشعور بفقد الاستقرار والأمان، فالأبناء هم أول من يحصدون النتائج السلبية المترتبة على المشكلات الزوجية.

وتقول «للمشكلات الأسرية تأثير كبير في التحصيل الدراسي لأبنائنا، إذ أظهرت دراسة متخصصة قام بها المركز القومي للبحوث في القاهرة أن نسبة التعثر الدراسي لدى الأطفال في المدارس المصرية زادت كثيراً في الفترة الأخيرة نتيجة للعديد من الأسباب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية. وقالت الدراسة إن التعثر التعليمي يعد إحدى المشكلات التي تمس العديد من الأسر ليس في مصر وحدها بل العديد من المجتمعات في الدول الأخرى. وذكرت أن ظاهرة التعثر الدراسي تعد ظاهرة مرضية وأحد الاضطرابات التي تؤدي إلى إصابة الطفل بعدم المقدرة على ترجمة ما يراه أو يسمعه أو عدم قدرة الطفل على ربط المعلومات في ذهنه.

2- ظهور الاضطرابات النفسية

ظهور الاضطرابات النفسية

وقالت إن لهذه الظاهرة أسباباً نفسية واجتماعية على الطفل تظهر في المشاكل الأسرية مثل الطلاق والتفكك الأسري مما يتبعها من اضطرابات نفسية للأبناء. ودعت الدراسة كل الأمهات والأسر إلى الاهتمام بأطفالهم سواء نفسياً أو اجتماعياً أو غذائياً وذلك حتى يساعدوا أبناءهم في التركيز على التعليم والبعد بهم عن مشاكل التعثر الدراسي العديدة».

ومن جانب آخر، تحذر الدكتورة نسرين البغدادي الأزواج والزوجات من الانشغال عن أولادهم في الصغر وإهمال تربيتهم، وتؤكد أهمية العلاقة النفسية التي تربط بين الآباء وأبنائهم وأهميتها منذ الصغر وذلك بوسائل مختلفة ومن ضمنها عدم إيكال رعاية الأطفال لغير الوالدين، فتوطيد العلاقة بين الآباء وأبنائهم شيء مهم لتنمية الرابط النفسي للابن وتعليمه كيف يكون ذاكراً للجميل ووفياً لوالديه عند الكبر.

3- يصبح الطفل عدوانياً

يصبح الطفل عدوانياً

أما الدكتورة رضوى فتحي، استشارية العلاقات الأسرية والسلوكية والخبيرة في تعديل السلوك بالقاهرة، فترى أن الكراهية من قبل الأبناء قد تأتي بسبب الخلافات والشجار أمامهم بشكل مستمر مما يدمر نفسيتهم ويحدث خللاً نفسياً كبيراً في حياتهم، وتوضح «دائماً ما أحذر الأبوين من استخدام الأبناء في الصراع الدائر بين الأبوين سواء قبل الطلاق أو بعده بل يجب عليهما إبعادهم تماماً عن تلك المشاحنات ويجب عليهما أن يدركا جيداً أن إنجاب الأبناء لا يعني أننا نملكهم ونحركهم مثل العرائس المتحركة دون أي اعتبار لرغباتهم حتى وإن كان ذلك بدافع الحب، بل علينا أن نترك لهم الفرصة أن يختاروا ويجربوا اختياراتهم حتى وإن كانت خطأ.. ومن الواجب على الأبوين عدم إدخال الأطفال في خلافاتهما والعمل على أن يعيش الأبناء في أجواء هادئة لا يشعرون فيها بقدر الإمكان بالانفصال بين أبويهم».

وترى د. رضوى فتحي أن رؤية الطفل لهذه الخلافات الأسرية تجعله عدوانياً سواء مع المحيطين به من الأهل والأصدقاء وحتى زملائه بالمدرسة، ومن المتوقع في بعض الأحيان أن يتحول الطفل للعصبية والتخريب والعدوانية حتى مع إخوته بسبب فقدان الثقة بنفسه وبالآخرين وأحياناً يتصرف الطفل بشكل أكبر من سنة.

وتبين «أحياناً يتصور الطفل أنه سبب الصراع بين الوالدين والكثير من الأطفال يحملون أنفسهم مسؤولية الخلافات الزوجية ويأخذوا على عاتقهم مسؤولية إعادة الوالدين للعلاقة الزوجية وعندما يفشلون في ذلك تسوء حالتهم النفسية ويتعرضون للاكتئاب مع أنهم ليس لهم أي ذنب في تواجدهم بين أبوين غير متفاهمين».

4- يواجه الطفل صعوبة في التحكم في انفعالاته و حل المشكلات

يواجه الطفل صعوبة في التحكم في انفعالاته و حل المشكلات

يؤكد دكتور أحمد علام، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة، أن الخلافات الزوجية لها تأثير سيئ جداً في كل أفراد الأسرة، فهي تؤثر بشكل مباشر في نفسية الأم والأب وتؤثر بشكل غير مباشر في الأطفال لأن الأم يصعب عليها أحياناً فصل إحساسها ومشاعرها الحزينة الغاضبة بسبب الخلافات الزوجية عن مشاعرها كأم ومربية فتغضب سريعاً وتتعصب إن فعل طفلها شيئاً خطأ حتى لو بسيطاً".

ويقول «من أكثر العادات السيئة التي تحصل في البيت ولا نرى نتائجها ومدى خطورتها إلا بعد أن تنتهي، والتي نرى ملامحها على أطفالنا، هي شجار الأهل أمام الأطفال. قد لا يكون ذلك مقصوداً من الأهل ولكنه يحصل وبالرغم من سرعة حصوله إلا أن زواله من ذاكرة الطفل بطيء جداً. ما قد نجهله هو خطورة حصول ذلك، ليس فقط على الأطفال بسبب سماعهم صراخ والديهم أو مشاهدتهم لموقف ضرب أو عنف فذلك قد يكون في تلك اللحظة بالنسبة للأهل لحظة غضب ستزول، ولكنها للأبناء لحظة لا يمكن لهم أن ينسوها لأنها حفرت داخلهم اضطراباً نفسياً».

ويستطرد «لا يدرك الآباء ذلك وقد يطلبون من أبنائهم الذهاب إلى غرفهم مباشرة عند بدء الشجار ظناً منهم بأن أبناءهم في غرفهم يقومون بواجباتهم ولن يؤثر ذلك فيهم. لكن للأسف يكون الأبناء في غرفهم بعيدين كل البعد عن التركيز والبحث عن المعلومة والدراسة كغيرهم من أبناء جيلهم، وهم منشغلون فقط بالتفكير متى ستنتهي تلك المشاجرة التي تشعرهم بعد الأمان. هؤلاء الأطفال هم أكثر الأطفال الذين يواجهون صعوبة كبيرة جداً في تنظيم أمورهم وأكثرهم عرضة لقلة التركيز في المدرسة وصعوبة تنظيم عواطفهم وقلة المعرفة في حل المشاكل وذلك بسبب كثرة واستمرارية تعرضهم لها».


كيف نحمي أطفالنا من هذه التأثيرات السلبية؟

  • تأجيل النقاش

يشير الدكتور محمد حسين رضوان، الخبير التربوي والأسري، إلى نقطة مهمة وهي أنه عند الشعور بظهور الخلافات، يجب على الزوجين تأجيل النقاش في الأمور الخلافية إلى ما بعد إبعاد الأطفال، وفي اللحظة المناسبة، قبل تطور النقاش إلى حدته ويصبح من الصعب التغلب على الوضع.

  • التدخل السريع

ويلفت إلى أن وقوع صراعات بين الأبوين يؤدي إلى أضرار دائمة لدى الأطفال، ولذلك يجب عدم الإهمال، والتدخل فوراً في الوقت المناسب، إما مساعدتهم بنفسهما أو اللجوء إلى المختصين النفسيين لإنقاذهم، قبل تطور حالاتهم إلى أوضاع خطرة يصعب التعامل معها والسيطرة عليها.