قد تجهل بعض الأمهات تأثير عدم قدرتها على التحكم بغضبها فيرتفع صوتها بالصراخ على أبنائها لتصبح موضع اتهام من قبل زوجها غير عابئ بحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها وحقها في الحصول على مساعدته، إذ مع بداية جائحة «كورونا» وجدت الزوجة نفسها مثقلة بالمزيد من الأعباء بين مسؤولياتها المنزلية والوظيفية أحياناً ودروس الأبناء الإلكترونية التي جعلتها في موقف لا تحسد عليه ليزداد التوتر وتصبح المتهم الأول في تهديد استقرار الحياة الأسرية.
على الأم استيعاب أن ما تمر به هو مرحلة انتقالية وأن تمنح أبناءها مساحة للاعتماد على أنفسهم
تشير الدكتورة مايا الهواري، خبيرة الذكاء العاطفي وتطوير الذات، إلى اقتصار مسؤولية الأب في المجتمعات عامة على دعم الأسرة مادياً ومعنوياً بينما تحمل الأم مسؤولية الواجبات التربوية والأخلاقية باعتبار الأسرة نواة المجتمعات، إضافة إلى أعباء الاهتمام بمتابعة المناهج الدراسية التي تضعها تحت ضغوط كثيرة جعلتها في حالة غضب وصراخ مستمرين حتى أثناء النقاشات العادية مع الزوج والأبناء.
شكل فيروس «كورونا» وما رافقه من تبعات تحدياً جديداً يضاف للتحديات الأخرى التي تواجهها الأمهات «الانتقال من مرحلة إلى أخرى أكثر صعوبة ازدادت فيها المسؤوليات، أثر في تعامل الأمهات مع الوضع، ما جعلها في حالة توتر طوال الوقت خوفاً من ألا تكون على قدر المسؤولية المعطاة لها، أو من شعورها بالضغط النفسي بسبب صدمة الانتقال إلى مرحلة أخرى، من متابعة الواجبات المدرسية بطريقة أكثر تعقيداً تجسدت بالتعليم الإلكتروني وأخذها دور المعلم والأم في وقت واحد».
تبين الهواري «الغضب شعور طبيعي وصحي يساعد على التخلص من شحنة التوتر، إلا أنه عندما يتحول إلى أسلوب حياة يتحول من كونه شعوراً صحياً إلى شعور يؤثر بالسلب في الإنسان وفي محيطه الأسري، لذلك من الضروري أن تكون الأم أكثر انفتاحاً على الآخرين والبحث عن شخص محل ثقة يشاركها همومها ويخفف من توترها».
تخلص الهواري «على الأم استيعاب أن ما تمر به هو مرحلة انتقالية وأن تمنح أبناءها مساحة للاعتماد على أنفسهم أوتتعامل معهم على أنهم أشخاص مسؤولون قادرون على تولي زمام قيادة بعض الواجبات، تحاول أن تغير طريقة الحوار والتعامل مع الأمور بهدوء لأن الضغط والعامل النفسي أهم بكثير من الطعام الصحي، لأنهما سبب أمراض القلب والضغط والسكري».
ساعد الأم على الاسترخاء من خلال ارتياد أماكن هادئة تخفف فيها عن ضغوطها النفسية
تتحدث الدكتورة هالة الأبلم، مدربة ومستشارة نفسية وأسرية، أن عصبية الأم وظاهرة الصراخ تكاد أن تكون ظاهرة في المجتمعات نتيجة إهمال الأبناء لدراستهم أو نزاعهم وخلافاتهم المستمرة أو تعرضها لضغوط نفسية لجهة عدم قدرتها على تحقيق رغباتها وطموحها الشخصي بسبب تكبيلها بمسؤوليات أسرية متشعبة.
هذه الطريقة توتر العلاقة بين الزوجين حيث يرفض أغلب الأزواج هذا الأسلوب «لا يتقبل الأزواج تقلبات مزاج الزوجة ونفسيتها وهذا يزيد من حجم الخلافات والمشاكل بينهما، فهو يتوقع منها دائمًا أن تكون مبتسمة هادئة وقوية، في الوقت الذي يحتم عليه الوقوف جانبها ومراعاة الضغوط والظروف الصحية والنفسية التي تمر بها، العلاقة الزوجية شراكة بين طرفين لكل شخص منهما دوره في دعم الطرف الآخر، فالطاقة الإيجابية تعود على الطرفين بالاستقرار النفسي والجسدي».
ومن خلال عدة نقاط، تطرح الدكتورة هالة الأبلم طرقاً تساعد الأم على احتواء غضبها وصراخها: