رسمت مشاركة مظاهر الحب بين الأزواج عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة لامعة لشكل العلاقات العاطفية، وكيف يجب أن تكون كي يُطلق عليها لقب علاقة ناجحة، الأمر الذي زاد من التحديات التي تواجه الشباب للشعور بالرضا تجاه تعاملهم مع الطرف الآخر في العلاقة.
قصص الحب الناجحة تحفّز الشباب لتقليدها عند مشاركتها على مواقع التواصل، خصوصاً مع اقتراب موعد يوم الحب، وما سيكتب من تعليقات طيبة، وأمنيات بالسعادة والاستمرار، يعزز ثقتهم بطريقة تعاملهم مع بعضهم بعضاً، ليصبح شغلهم الشاغل هو كيفية تصوير كل لفتة، ولحظة طيبة تحدث بين الطرفين، بل ومشاركة تلك اللقطات الرومانسية مع الأصدقاء، والمتابعين.
بين مشجع ومعارض، تنقسم الآراء حول تصديق كل ما يتم نشره عبر صفحات الـ«سوشيال ميديا»، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمشاعر تزداد حالة التركيز والفضول لاستلهام أفكار يمكن تطبيقها في العلاقات العاطفية، حتى أن كان هناك شك في عدم مصداقية ما يشاهدونه من مبالغة في التعبير عن الحب، والمشاعر، إذ على الرغم من ذلك تبقى المبالغة مطلوبة في التعبير عن الحب، في ظل الكثير من الضغوط التي يواجهها الشباب، بخاصة المتزوجين الجدد، في حياتهم اليومية.
نشر اللحظات الرومانسية له حدود
تفاوت الآراء لا يمنع تصوير ونشر اللحظات الرومانسية، ولكن في حدود لا تصل إلى انتهاك الخصوصية، هذا هو رأي علياء مالقاني، التي تحب مشاركة يومياتها بشكل عام على الـ«سوشيال ميديا»، وتقول «لا مانع من تصوير بعض اللقطات الرومانسية كجزء من حياتنا اليومية، ولكن المبالغة هي التي تشكك الناس في مصداقية هذه العلاقة، وبالنسبة إلي أحب أن أشارك، بالفعل، لقطات من الرحلات التي نقوم بها، وبعض للحظات الرائعة في حياتنا، ولكن في حدود».
رومانسية حقيقية وبلا مبالغة
من جهته، يبيّن محمود الخواجة، وهو زوج علياء «يمكن أن أصور لحظة رومانسية، أو رائعة، مع زوجتي، ولكن ماذا بعد إغلاق الكاميرا؟ هذا هو المهم، لا يمكن أن نخدع أنفسنا قبل الأشخاص الذين يشاهدون الفيديو الذي قمنا بتصويره، ولتكن المشاركة لهدف، أو في مناسبة معينة، كي لا نتحول إلى ممثلين في مشاهد غير حقيقية».
فيديوهات لتحفيز اختيار الشريك المناسب
ترى داليا كوكش، أن الفيديوهات التي ينشرها المشاهير عن حياتهم العاطفية قد تلهمها لاختيار شريك حياة تجمعه معها صفات مشتركة «نرى ثنائيات ناجحة في الظاهر لما يشاركونه من لحظات تجمعهم مع بعضهم بعضاً أثناء ممارسة هوايات مشتركة، أو القيام بأشياء بسيطة، ولكن بحب واهتمام، بطريقة ممتعة تحفز المتابعين لهم على الارتباط وتطبيق هذه الأفكار في حياتهم المستقبلية، وهذا هو الجانب الإيجابي من وجهة نظري في مشاركة المواقف الرومانسية».
ترندات رومانسية.. ليس للجميع
تعجب رضوة عادل ببعض الفيديوهات لمشاهير الثنائيات على الـ«سوشيال ميديا»، ولكن لا تحب أن تفعل ذلك في حياتها «هناك ظواهر جديدة خلقها المشاهير، ووضعت تصوّراً لكيفية الارتباط مستقبلاً بالنسبة إلى كل شاب وفتاة، خصوصاً في إقامة مناسباتهما الخاصة، بدءاً من حفل الزفاف الذي يكون في جزيرة معروفة، وبتصاميم مكررة تشبه الترند، هذه الترندات غير مقبولة في العلاقات العاطفية من وجهة نظري، حتى إن كنت استلهم منها بعض الأفكار التي تعجبني».
صورة مثالية غير موجودة
تعرّضت «د.و» لموقف ترى أنه درس لكل فتاة تصدق الحب الذي يتم نشره في مواقع التواصل الاجتماعي «لقد وقعت في حب أحد الأشخاص المشاهير على الـ«سوشيال ميديا»، وهو معروف بتقديم محتوى فيه نصائح عن الحب والعلاقات العاطفية، وبالفعل، تواصلنا ونشأت علاقة حب بيننا، لكن مع الوقت اكتشفت أنه غير صادق في النصائح التي كنت أستمع لها، واكتشفت أنه غير قادر على تجاوز حبّه القديم، ولم يمكن صادقاً معي، هذا الدرس لم يشكّكني في كل الناس، ولكن أصبحت لا أبحث عن الشخصية المثالية التي أشاهدها على مواقع التواصل».
فيديوهات تمنح الأمل بوجود الحب
أما أسماء محمد، فلفتت إلى زيادة وعي الشباب، وحكمهم المنطقي على ما يشاهدونه «في البداية كنا نرى أن ما نشاهده في الـ«سوشيال ميديا» هو الواقع، وهو الشكل المطلوب في أي علاقة زوجية، ولكن كلما زادت المبالغة كلما قلت المصداقية، ولكن لا أنكر أنني أشعر بسعادة وإيجابية عند مشاهدة هذه الفيديوهات، خصوصاً إنها تعطينا أمل أن الحب مازال موجوداً، مهما اختلفت طرق التعبير عنه».
مبالغات تنتهك الخصوصية
من جهته، يحذّر صانع المحتوى الاجتماعي بدر الشمري، من المبالغة في نشر أي محتوى خاص يحدث داخل البيوت «إظهار الحب وصدق المشاعر ليس عيباً، ولكن العيب هو تجول الكاميرا في المنزل لبث كل صغيرة وكبيرة للناس، بشكل مبالغ فيه يعطي انطباعاً للمشاهدين أن ما يحدث أمامهم واقعي، ويجب أن يقوموا به في حياتهم الشخصية، هذه المبالغة باتت تهدد الكثير من البيوت العربية، لأنها دخيلة على مجتمعاتنا المحافظة، وخلقت حالة من عدم الرضا تجاه العلاقات السوية الطبيعية، وهذا الأمر هو ما يسبب اختلاق المشاكل التي تؤدي إلى الانفصال، وعدم اكتمال أي علاقة أحياناً لأكثر من أشهر معدودة».