كيف تدعمين شريك حياتك عندما يهزمه الزهايمر؟ إليك نصائح الخبراء وتوصياتهم
التعامل مع مريض الزهايمر أمرٌ في غاية الصعوبة، لأن رعايته رحلة طويلة ومرهقة، نفسياً وبدنيّاً.. لكنها في كل الأحوال، مهمة ليست مستحيلة، تحتاج إلى الكثير من الحب والصبر فقط، وعندما يكون المريض هو شريك الحياة، فالأمر لن يكون اختيارياً، لأن سنوات ما قبل المرض تحمل معها مودّة، وعشرة، وحباً يكفي كرصيد كبير لدى الطرف الآخر ليكون سنده، وعكازه، في مواجهة تحدّيات المرض، والتخفيف من أعراضه.
سألت «كل الأسرة» عدداً من خبراء الصحة النفسية والعلاقات الزوجية عن كيفية التعامل مع مريض الزهايمر، وكيف ندعمه نفسياً، وما هي أهم الطرق للتعامل السليم مع شريك الحياة عندما يهاجمه داء الموت البطيء (الزهايمر)؟
ما هو الزهايمر؟ وما أعراضه؟ وكيف نكتشفها مبكراً؟
بداية، تؤكد الدكتورة منى رضا، أستاذة الطب النفسي في جامعة عين شمس، بالقاهرة، أن أوقات المرض هي إحدى المحطات المهمة التي تُظهر المعدن الأصيل لشريك الحياة.
والدعم النفسي في الأوقات الصعبة من الأمور الواجبة على رفيق العمر، حتى إن كانت الحياة الزوجية بينهما ليست على أفضل حال، وتقول «الزهايمر هو مرض يصيب المخ، ويتطور في مراحل متدرّجة يفقد فيها المريض ذاكرته، وقدرته على التركيز والتعلّم، وقد يتطوّر الأمر إلى حدوث تغييرات في شخصية المريض، فيصبح أكثر عصبية، أو قد يصاب بالهلوسة، أو بحالات من الجنون المؤقت».
وتضيف «لا يوجد حتى الآن علاج لهذا المرض الخطر، إلا أن الأبحاث في هذا المجال تتطور وتتقدم، من عام لآخر، وأثبتت أن العناية بالمريض، والوقوف إلى جانبه يؤديان إلى أفضل النتائج، مع الأدوية المتاحة».
وحول الأعراض التي تظهر على المريض، ويجب الانتباه لها مبكراً، توضح الدكتورة منى رضا:
- يبدأ المريض بنسيان مواعيده.
- لا ينتبه إلى مرور الوقت.
- لا يتذكّر أحداث الماضي القريب.
- ينسى أشخاصاً تعامل معهم قريباً ولا يتذكر أسماءهم ولا أين قابلهم.
- يميل إلى العزلة والانطواء.
- يتفوّه بجمل لا معنى محدد لها وينسى الكثير من الكلمات التي يعرفها.
- يعاني نوبات غضب وإحباط وكذلك نوبات توهان.
وتشدد الدكتورة منى رضا على أن الزهايمر، هو في الأساس، مرض تطوّري، وبالتالي نحن لا نستطيع إيقافه، أو إيقاف أعراضه، ولكن بالعلاج الصحيح نستطيع إبطاء هذه الأعراض.
ومن أهم الأعراض التي تظهر على مريض الزهايمر هو الاكتئاب، لأن المريض يدرك أنه، بالتدريج، سيفقد جزءاً من قدراته العقلية، وهويته الشخصية، وهي أكثر مرحلة يحتاج فيها إلى الدعم، والمساندة النفسية من المقربين منه، بخاصة شريك الحياة. كما أن القلق يلازم مرضى الزهايمر طوال فترة المرض لأنهم بالتدريج لا يعرفون الأشخاص المحيطين بهم، والذين يجدونهم في المساحة الخاصة بهم طوال الوقت.
وتستطرد «هذا المرض، بشكل خاص، من أصعب الفترات التي يكون فيها الشريك المصاب به في أشد الاحتياج النفسي إلى الدعم المعنوي، بخاصة من أقرب الناس إليه، وهو رفيق عمره، وكذلك أولاده، فإن وجد أنهم واجهوا هذه الأمور معه بلامبالاة، يكون ذلك بمثابة صدمة نفسية قوية، تجعله فريسة للاكتئاب، والضعف، والاستسلام»..
مشيرة إلى أن قيام الزوج، أو الزوجة، بواجبه تجاه الطرف الآخر في هذا التوقيت يحسّن من نفسيته، ويقوّي إرادته، ويأخذ بيده إلى بَر الأمان، ويعزز ثقته بنفسه.
ماذا يحتاج مريض الزهايمر من شريك حياته؟
ويتفق معها الدكتور أمجد خيري، استشاري الطب النفسي والعلاج الزواجي، بالقاهرة، في أن عدم تقديم الدعم المعنوي وقت المرض من شريك الحياة للطرف الآخر، من أكثر الأمور المؤلمة للشخص المصاب، والتي تؤدي إلى التدهور السريع لحالة المريض «دائما ما أنصح الزوجات والأزواج، بعدم التخلّي عن شريك الحياة، حتى إن لم يكن الزواج ناجحاً وموفقاً، فهذا ليس وقت التقييم، بل يجب على الأزواج أن يقوموا بواجبهم مع الزوج المريض، على أكمل وجه».
وعن أهم الأمور التي يحتاج إليها مريض الزهايمر من شريك حياته خلال رحلة مرضه، يقول الدكتور أمجد خيري:
أولاً: ألّا يتأخر شريك الحياة عن القيام بمرافقة شريكه المريض عند ذهابه إلى الطبيب، أو المستشفى.
ثانياً: إظهار الخوف الشديد عليه من أن يصيبه أي أذى أو مكروه، ودعمه له.
ثالثاً: عند تطوّر المرض في مراحله المختلفة، وما يصاحبها من مشاكل نفسية، فإن الطرف الآخر يكون في حاجة إلى معاملة خاصة، حتى لا تتفاقم حالته النفسية سوءاً، وحتى لا تنقلب حياة الزوجين إلى جحيم.
رابعاً: على الرغم من أن الزوج يحتاج من الزوجة إلى أن تكون وفيّة له، وتسانده، وتدعمه، لكنه في الوقت نفسه ينتظر منها الاهتمام والمساندة بلا ضجر، ولا ملل، وأن تسانده وتقف إلى جواره، وتدعمه، معنوياً ونفسياً، من دون أن تثقل عليه باللوم، والعتاب، وتحميله مسؤولية أيّ شيء.
خامساً: يجب على الزوج، أو الزوجة، أن يحرص على هدوئه، واتزانه، وألّا يلجأ إلى استخدام العبارات القاسية التي تثير غضب الشريك المريض.
تحذيرات هامة ونصائح عملية لمواجهة الزهايمر
من جانبها، توضح الدكتورة هبة العيسوي، أستاذة الطب النفسي والسلوكي في جامعة عين شمس، بالقاهرة، مجموعة من التحذيرات ينبغي مراعاتها عند التعامل مع شريك الحياة المريض بالزهايمر، حتى لا تتدهور حالته سريعاً:
- الملل عندما يطول المرض يكون بمثابة طعنة كبيرة في قلب المريض، بخاصة إن بدا الأمر واضحاً في تصرفات شريك الحياة.
- التوقف عن الاهتمام بالمريض تدريجياً بخاصة عندما تتطور الحالة، ويشتد المرض، لأنه رغم إصابته بفقدان الذاكرة، وعدم القدرة على استرجاع الأحداث فإن المريض لديه حساسية شديدة نحو من يهتم به في مرضه، ومن يعامله بإهمال.
- البخل المادي في التعامل مع المريض تحت أي حجج، أمر مرفوض، لأنه ليس معنى أنه مرض لا يوجد علاج شافٍ منه تماماً، أن نهمل المريض ونتوقف عن علاجه، لأن الرعاية، الطبية والعلاجية، له تخفف من حدة الأعراض، وتقلل من التدهور السريع للحالة.
أمّا بخصوص أهمّ النصائح العملية للتعامل مع مريض الزهايمر خلال رحلة مرضه، فتشرح الدكتورة هبة العيسوي:
- أكثر ما يؤلم ويزعج مريض الزهايمر في بداية المرض، هو الخوف والقلق من تطور المرض وتقدّمه، وهنا يكون في أمسّ الحاجة إلى دعم المقربين منه، سواء من الأهل، أو الأصدقاء، والمطلوب في هذه الحالة أن نتفهم تلك المخاوف، ونساعده على تجاوزها.
- من أكبر التحدّيات التي تواجه مرافق مريض الزهايمر، هو ضياع المريض بسبب خروجه من المنزل، وتغيّبه في غفلة من المحيطين به، لأنه قد ينسى من هو، وأين يعيش، ولن يستطيع العودة بمفرده، لذلك فإن تأمين وجوده لا يقل أهمية عن رعايته، النفسية والبدنية، ولا يجب تركه بمفرده تحت أي ظروف.
- رعاية مريض الزهايمر تفرض على من يرافقه نوعاً من العزلة الاجتماعية بسبب قضاء أغلب الوقت مع المريض، وعدم القدرة على تركه وحيداً في المنزل، لذلك من الأفضل التفكير في أنشطة، ورياضات، وهوايات مسلية للمرافق، يمكنه ممارستها من المنزل، من دون الحاجة لترك المريض وحده، وفي نفس نفسه ألا يستسلم للعزلة.
- يجب على الزوج، أو الزوجة، أن يساعد شريك حياته المصاب على تذكّر الأسماء، والكلمات، وحفظ المواعيد، وتنظيم حياته، ومتابعة العلاج الخاص به، وأن يتم ذلك كله برفقٍ ولِين، من دون قسوة، أو تسلّط، وتحكم فيه، حتى لا يشعر بالمرارة، والاكتئاب.
- الإرهاق، والمجهود البدني الشاق، يتضاعفان بمرور الوقت، لذلك يجب على المرافق أن يطلب المساعدة من الأبناء، أو الأقارب، أو حتى الاعتماد على مساعد بمقابل مادي، ليتمكن من رعاية المريض بشكل أفضل، ومن دون أن يشعر بأنه يستنزف كل طاقته في هذا الأمر.
- الأفضل أن يحافظ الشريك على روتين يومي يسير عليه في التعامل مع المريض، كتناول الطعام في وقت محدّد، حتى لا يشعر بالارتباك، والقلق.
- الصبر، ثم الصبر، لأن رعاية مريض الزهايمر لا تكون سهلة، ولكنها أيضا ليست بالشاقة، بل تحتاج إلى صبر وقوة تحمل فقط، حتى يتمكن المرافق من مواصلة المشوار، وهذا الأمر قد يتطلب طلب المساعدة من الآخرين، ولو لمرات معدودة، يستريح فيها المرافق لالتقاط الأنفاس.
- أحياناً يحتاج المرافق إلى دعم نفسي، أكثر من حاجة المصاب نفسه، لذلك قد يكون من المناسب أن يطلب استشارة نفسية من المتخصصين لتمكينه من مواصلة المشوار بثبات.
- يجب على المرافق أن يحافظ على صحة مريض الزهايمر، فلا يتهاون في نظامه الغذائي، وممارسة الرياضة، وتناول الأدوية الخاصة بالأمراض الأخرى، حتى لا تتدهور حالته الصحية، ويصبح العبء ثقيلاً جداً عندما تهاجمه الأمراض الأخرى.
- المحافظة على وزن المريض حتى لا يصاب بالسّمنة، فتكون سبباً في ثقل حركته، وعدم قدرته على التحرك بسلاسة، فيزداد العبء على المحيطين به، فإن كان المريض مثلاً، ينسى أنه تناول وجبة معيّنة، ويطلب الطعام مراراً وتكراراً، نتعامل مع الأمر إما بتقديم وجبات صغيرة جداً، وصحية، حتى نستطيع تلبية طلباته المتكررة من دون أذى، وإما نلهيه عن هذا الطلب بشغله بأنشطة أخرى.
- كلمة (حاضر)، وعدم الجدال مع المريض، لهما مفعول السحر في التعامل معه، والمحافظة على اتزانه، وهدوئه.
اقرئي أيضاً: كيف تعتنين بزوجك المريض وتدعمينه نفسياً؟