16 يونيو 2022

لماذا تعرضنا الصدمات والأزمات النفسية للإصابة بالبدانة؟

محررة متعاونة

لماذا تعرضنا الصدمات والأزمات النفسية للإصابة بالبدانة؟

تؤكد العديد من الدراسات العلمية التي تناولت العلاقة بين النمط الغذائي والحالة النفسية أن أكثر من 62% من النساء يقبلن على تناول كميات كبيرة من الطعام وكذلك 35% من الرجال في حالة التعرض للانفعالات النفسية والصدمات والأزمات.

وتشير الكثير من هذه الدراسات إلى وجود علاقة قوية بين الانفعالات والتغذية مما يؤدي إلى زيادة الوزن وهو الأمر الغالب حدوثه بينما هناك نسبة أقل قد لا تزيد على 21% من السيدات لا يقبلن نهائياً على الطعام وتقل أوزانهن بشكل كبير في حالة التأثر بالانفعالات النفسية والمشكلات التي تواجههن.

طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات حول تأثير الحالة النفسية في زيادة الوزن على بعض خبراء التغذية وكذلك الطب النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية للوقوف على العلاقة بين الحالة النفسية والإفراط في تناول الطعام:

لماذا تعرضنا الصدمات والأزمات النفسية للإصابة بالبدانة؟

لدى النساء تكون هناك رغبة وميل أكثر إلى الإفراط في تناول الطعام بينما يكون الميل أكبر لدى الرجال في التدخين

في البداية يؤكد الدكتور أحمد صبري ، استشاري التغذية العلاجية والسمنة والنحافة وتنسيق القوام بالقاهرة ، أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الشخص يقدم على تناول الطعام بشكل زائد مما يؤثر سلباً في الجسم والتي من بينها الحالات النفسية السيئة التي تزيد من تلك المشكلة عند البعض.

ويقول «الأكل العاطفي حقيقة ولها سند علمي فالتوتر وما يصاحبه من هرمونات يفرزها الجسم بسبب التوتر يتسبب في فتح الشهية بشكل مبالغ فيه نتيجة الإفراط في تناول الطعام الغني بالدهون والسكريات. وهناك الكثير من الأبحاث التي أثبتت وجود علاقة طردية بين زيادة الوزن والتوتر خاصة أن الضغوط النفسية تؤثر أيضاً في نوعية الطعام المفضلة فيزداد الإقبال على الأطعمة الغنية بالدهنيات والسكر أو كليهما معاً».

ويشير الدكتور أحمد صبري إلى حقيقة وجود فوارق في التصرفات الناتجة عن التوتر بين الجنسين ، فلدى النساء تكون هناك رغبة وميل أكثر إلى الإفراط في تناول الطعام بينما يكون الميل أكبر لدى الرجال في التدخين. وتظهر المشكلة أكبر لدى الفتيات في مرحلة الشباب وما قبلها المراهقة (صغيرات السن).

ويلفت استشاري التغذية إلى أنه يمكن أن تستمر حالة الشراهة لفترة ثم تتوقف أو يمكن أن تستمر مسببة للمريض أمراضاً كثيرة منها البدانة. ويحذر السيدات خاصة من الوقوع كفريسة للأكل الانفعالي لأن الأكل الزائد لا يستطيع أن يخلص صاحبه من المشاعر المزعجة.

كما يحذر الدكتور صبري من فترات الفراغ الطويلة التي تسبب الإحساس بالملل والشعور بالوحدة مما يجعل الطعام خير صديق لبعض الأشخاص الذين يلجأون إلى الطعام للتغيير والهروب من بعض الظروف أو مشاعر الإحباط أو الإحساس بالذنب والاكتئاب.

وينصح استشاري تنسيق القوام الأشخاص الذين يتبعون نظاماً صحياً معيناً أن يقوموا بتناول القليل من الأطعمة التي يفضلونها حتى لا يشعروا بالحرمان والرغبة في تناول الكثير من الأطعمة وبناء عليه يزيد الوزن والأمراض في المستقبل.

لماذا تعرضنا الصدمات والأزمات النفسية للإصابة بالبدانة؟

السمنة تسبب الشعور بعدم التقبل من الآخرين وزيادة الرفض الاجتماعي وتدني فرص الزواج والفرص الوظيفية

ويتفق معه الدكتور ياسر عبد الرازق، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس، في أن الأسباب النفسية تلعب دوراً مهماً في زيادة الوزن لدى الكثيرين من ذوي البدانة ويؤكد أن علاقة الصحة النفسية بالسمنة علاقة ذات اتجاهين فالسمنة أيضاً لها دور في ظهور بعض الاضطرابات والصعوبات النفسية لأنها تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة كبيرة كما أن الأشخاص البدينين يكونون أكثر عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض النفسية وتدهور المعنويات وضعف الثقة بالنفس والنظرة السلبية للذات.

ويرى استشاري الصحة النفسية أن «السمنة تسبب الشعور بعدم التقبل من الآخرين وزيادة الرفض الاجتماعي وتدني فرص الزواج والفرص الوظيفية مما يزيد من تدهور الصحة النفسية وقد يأتي بنتيجة عكسية والإفراط مجدداً في تناول الطعام ومن ثم اكتساب المزيد من الوزن.

لذلك دائماً ما أنصح مرضى الاكتئاب والقلق خاصة من السيدات بتناول الطعام في أوقات معينة وتخصيص بضع من وقتهم لكي يقوموا فيه بأداء بعض الأنشطة التي تحرق السعرات الحرارية كالمشي مثلاً. كما أن اختيار الوجبات والأطعمة له دور كبير في زيادة الوزن لذلك فمن الأفضل تغيير الحلوى والشكولاتة والتسالي بالخضراوات والفواكه لتجنب زيادة الوزن».

ويحذر الاستشاري النفسي من الاستهتار بمسألة الشراهة في الطعام التي تصاحب بعض الأمراض النفسية وترك الأمور دون علاج لأن القلق النفسي مع استمراره يصيب الجسم بالكثير من المشكلات العضوية مثل الاضطرابات الحادة في الشهية ما بين الإفراط في الطعام أو منعه وبالتالي يظل المريض أسيراً لدوامة السمنة أو النحافة وعلاقتهم بالاكتئاب وهنا ينبغي اللجوء للمختصين النفسيين للسيطرة على الحالة.

لماذا تعرضنا الصدمات والأزمات النفسية للإصابة بالبدانة؟

الطلاق والعنوسة يلعبان دوراً رئيسياً في ارتفاع نسبة السمنة لدى السيدات كما أن الإحساس بالملل أو الفشل يزيدان من التوجه إلى الطعام كتعويض لاشعوري

أما الدكتورة إيمان الريس ، استشارية العلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة، فتحذر هي الأخرى من الاستسلام للأزمات النفسية والوقوع فريسة للسمنة والبدانة نتيجة هذه الأزمات وترى أن الخلافات الزوجية والمشاكل المستمرة بين الزوجين من أكثر الأمور التي لا تؤثر في نفسية الزوجين فقط ولكن أيضاً في أوزانهما وإصابتهما بالسمنة والبدانة، وتضيف «في بعض الأحيان يكون سبب بدانة الزوجين نفسياً بسبب التوتر الناجم عن الخلافات الزوجية ولكن للأسف فإن السمنة المفرطة تحول مريضها إلى أسير لا يستطيع الاستمتاع بحياته أو علاقته الحميمية مع شريك عمره».

وتشير الدكتورة إيمان الريس إلى سبب آخر قد يكون سبباً في زيادة أوزان السيدات خاصة بعد الزواج وهو رفض الزوج لممارسة الزوجة الرياضة وكذلك متابعة طبيب متخصص في التغذية بالإضافة إلى حجم الالتزامات الزوجية المنزلية الملقاة على عاتقها والتي تقلل من دوافعها لتخفيف الوزن، وفي الوقت نفسه يتهم الزوج زوجته بالفشل في إنقاص وزنها ويبدأ في مقارنتها بالأخريات من نجمات السينما والتلفزيون وهو الأمر الذي قد يولد لديها رد فعل عكسي بالإفراط أكثر في معاقبة النفس وتناول كميات كبيرة من الطعام.

وتلفت الاستشارية المتخصصة في العلاقات الأسرية إلى أن الطلاق والعنوسة يلعبان دوراً رئيسياً في ارتفاع نسبة السمنة لدى السيدات كما أن الإحساس بالملل أو الفشل يزيدان من التوجه إلى الطعام كتعويض لاشعوري عن الكبت النفسي والعاطفي لأن الطعام في حد ذاته يقلل من التوتر خاصة لدى النساء.

وتوضح الدكتورة إيمان الريس أن ظاهرة البدانة تنتشر بوضوح بين الزوجات العربيات وترجع السبب في ذلك إلى كون الفتاة في مجتمعنا تهتم برشاقتها جداً قبل الزواج، وتتبع نظاماً غذائياً صحياً وتمارس الرياضة لكنها بعد الزواج وإنجاب الطفل الأول تهمل نفسها، وغالباً ما تترك عملها وتستقر في البيت وما يترافق مع هذا من قلة الحركة، فضلاً عن أنها تطلق العنان لشهيتها، خاصة وأن الزواج يواكبه الاستقرار النفسي والتفنن في إعداد الأطباق الشهية للزوج الحبيب، فيزداد وزنها بشكل كبير، حتى تجد نفسها مضطرة لأن تخوض رحلة البحث عن وسيلة للتخلص من هذه الزيادة.. مرة لدى العطارين ومرة بإجراء عمليات شفط الدهون المتراكمة.

إلا أنها ترى أن المرأة الذكية هي التي لا تترك مسؤوليات عملها واهتمامها بأولادها وزوجها وبيتها تطغى على الاهتمام بنفسها ووزنها.