17 أكتوبر 2022

إنعام كجه جي تكتب: ألا تملّ النساء من حضور حفلات عروض الأزياء؟

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

إنعام كجه جي تكتب: ألا تملّ النساء من حضور حفلات عروض الأزياء؟

باريس عاصمة الموضة. يعمل فيها الآلاف وتعود على خزينة الدولة بالملايين. وإذا أضفنا إليها المجوهرات والعطور فإنها تعود بالمليارات. لكن هذه الصناعة المزدهرة تبدو شديدة البريق من الخارج، قاتمة من الداخل. إن القائمين عليها يتغاضون عن الكثير من التجاوزات، وأولها عدم احترام البيئة.

أميلي بيشار، مصممة موضة، كانت لها الجرأة لأن تنتقد بالصوت العالي الوسط الذي تعمل فيه. وهي تؤكد أن كبار العاملين في صناعة الموضة يعرفون بأن وسطهم مريض لكن لا أحد يخطو نحو العلاج. تقول «ليس من مصلحتهم أن يركلوا عش النمل».

تعاني الشعوب أزمة اقتصادية عالمية لكن مواسم الموضة لا تلتفت للمعاناة. هذا موسم لندن، وذاك موسم ميلانو، ثم أسبوع باريس أو نيويورك للموضة، والعروض تتوالى والقاعات تحتشد بالمصورين والعارضات يتهادين على المنصات والصفقات تستمر وراء الستار... واقرأ على الدنيا السلام. كان يمكن، حسب هذه المصممة، أن ينتهز أرباب الموضة هذه الأزمة وتناقص موارد الطاقة لكي يعيدوا النظر في مفهوم صناعتهم.

خلال فترات العزل الصحي بسبب الجائحة، توقفت ورشات كثيرة عن العمل. تباطأت العجلة في دورانها وما عادت النساء مهتمات بالموضة ويبحثن عن الجديد. وتلك كانت فرصة أخرى لأن تراجع هذه الصناعة حساباتها وتبتكر حلولاً جديدة لواقع مرعب يقوم على قشة، يمكن أن يهدده فيروس غير مرئي. كان على المستثمرين التفكير في «عالم ما بعد كورونا».

تصمم أميلي بيشار الحقائب والأحذية، وهي تبحث منذ عشر سنوات عن خامات بديلة للجلد الحيواني. إن كبار المصممين يطلبونه ولا يرتضون الجلود الصناعية.

لذلك شاهدنا لها مصنوعات من مواد نباتية بديلة. وهناك حقيبة يد مصنوعة بالكامل من ورقة شجرة استوائية عريضة. كما أنها تجازف وتقدم أحذية من خامات يعاد تدويرها. وقد تبدو تصاميمها فاقعة في ألوانها لكن ذلك لا يقلقها وتحاول اجتذاب الشباب إلى جانبها.

«بزنس الماركات»

هل هرم أسلوب القرن العشرين؟ لا تفهم أميلي كيف يمكن للمصممين أن يعيدوا اجترار أنفسهم موسماً بعد موسم، مع فوارق طفيفة في الألوان والأحجام. وتقول إن من يأتي بنموذج مثل كيم كارداشيان للترويج لبضاعته فإنه لا يفكر في الموضة وما تقتضيه من ذوق ورهافة وأناقة. إنه تاجر يسعى وراء المال. وهو ما يسمى بـ «بزنس الماركات» والعلامات التجارية.

يبدو لي أن هذه المصممة تنفخ في قربة مثقوبة. ودائماً ما كنت أتساءل: ألا تملّ النساء من حضور حفلات عروض الأزياء؟ إن الوجوه هي ذاتها، والمصورون والمحررون والعارضات لا يتبدلون، وثوب العروس يأتي في الختام لينفضّ الجمع على أمل الاجتماع في محفل مملّ تالٍ. لا أحد يركل عش النمل.

 

مقالات ذات صلة