03 فبراير 2021

كيف أصبحت الأميرة نسل شاه سيدة مصر الأولى في يوم وليلة؟!

صحافية ومترجمة مصرية

كيف أصبحت الأميرة نسل شاه سيدة مصر الأولى في يوم وليلة؟!

لم يخطر يوماً ببال الأميرة العثمانية المصرية وصاحبة السمو الإمبراطوري، الأميرة فاطمة نسل شاه، أن تشاء لها الأقدار أن تجلس يوماً على عرش مصر. عشرة أشهر فقط كانت الفترة التي تولى فيها زوجها الأمير المصري محمد عبد المنعم، ابن الخديوي عباس حلمي الثاني، الوصاية على العرش بعد حركة الضباط الأحرار التي أطاحت بالملك فاروق عام 1952، والتي آل الحكم من بعدها إلى ابنه الملك الرضيع، فؤاد الثاني. وهكذا وجدت الأميرة نسل شاه نفسها سيدة مصر الأولى لفترةٍ وجيزة انتهت باعتقالها هي وزوجها ونفيهما إلى الخارج.
ولكن كيف بدأت قصتها؟

مولدها في إسطنبول ونفيها إلى فرنسا

 الأميرة نسل شاه سيدة مصر الأولى

وُلدت الأميرة فاطمة نسل شاه عثمان أوغلو، بقصر نستاشى في إسطنبول يوم 4 فبراير عام 1921، وهي حفيدة آخر خليفة عثماني، السلطان عبد المجيد الثاني من جهة الأب. أما من جهة الأم فهي حفيدة الخليفة العثماني محمد وحيد الدين، ووالدها هو صاحب السمو الإمبراطوري الأمير شاه زاد عمر فاروق، ووالدتها هي صاحبة السمو الإمبراطوري الأميرة رقية صبيحة. إلا أن الأميرة نسل شاه لم تنشأ في إسطنبول وإنما نشأت في مدينة نيس الفرنسية، والتي انتقلت إليها حينما كانت تبلغ من العمر ثلاثة أعوام فقط، وذلك بعد نفي آل عثمان جميعاً خارج البلاد عقب إعلان الجمهورية التركية وتولِي أتاتورك حكم البلاد عام 1924.

انتقالها إلى مصر ولقاؤها بزوجها

 الأميرة نسل شاه سيدة مصر الأولى

انتقلت الأميرة مع أسرتها إلى مصر في أول شبابها، والتقت بالأمير المصري محمد عبد المنعم، ابن آخر خديوي لمصر، الخديوي عباس حلمي الثاني، والذي أعلن عن رغبته في الزواج منها بعد لقائهما بمدة قصيرة، وبالفعل تم الزواج عام 1940 بعد استحصال موافقة الملك فاروق. وهكذا أصبحت الأميرة نسل شاه أميرةً مصرية بحكم الزواج. وأثمر الزواج عن طفلين هما الأمير عباس حلمي ، عام 1941 ، والأميرة إقبال حلمي ، عام 1944.

الإطاحة بالملك وانتقال الوصاية إلى زوجها

الأميرة نسل شاه مع زوجها الأمير محمد عبد المنعم-  موقع الملك فاروق الأول
الأميرة نسل شاه مع زوجها الأمير محمد عبد المنعم-  موقع الملك فاروق الأول 

بعد عزل الملك فاروق في يوليو 1952 وقع الاختيار على الأمير محمد عبد المنعم ليصبح رئيساً لمجلس الوصاية على العرش والذي كان يتألف من ثلاثة أعضاء تلخصت مُهمتهم في تولي صلاحيات الملك فؤاد الثاني الذي كان طفلاً رضيعاً في ذاك الوقت. إلا أنه في يوم 7 سبتمبر 1952 تم حل مجلس الوصاية واعتُقل أحد أعضائه بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم، وتم تعيين الأمير محمد عبد المنعم وصياً وحيداً على العرش.

نسل شاه سيدة للعرش

صورة من  موقع الملك فاروق الأول
صورة من موقع الملك فاروق الأول 

وجدت الأميرة نسل شاه نفسها فجأة في وضعٍ جديد وغريب بالنسبة إليها، فبالأمس فقط كانت تحضر حفلات الأوبرا والمناسبات الخيرية مع الأميرتين فوزية وفائزة، شقيقتّي الملك فاروق، أما الآن فقد رحل فاروق وناريمان إلى منفاهما في إيطاليا، وأصبح زوجها وصياً وحيداً على العرش وبالتالي أصبحت هي بمثابة ملكة البلاد أو سيدة مصر الأولى! ونظراً لهذا الوضع الطارئ وعدم وجود ملكة فعلية للبلاد، كان على نسل شاه أن تقوم بمهام السيدة الأولى. وبالفعل كانت تحضر المناسبات الرسمية وتقوم بالعديد من الأنشطة الخيرية، كما كانت تحضر المباريات الرياضية المهمة مثل مباريات البولو وبطولات التنس الدولية، إلا أنها لم تكن تشعر بالأمان ولم تكن تدري كيف سينتهي بها الحال وبأسرتها . 

نزع الوصاية من الأمير عبد المنعم

الأمير محمد عبد المنعم والأميرة نسل شاه وأبنائهم-  موقع الملك فاروق الأول
الأمير محمد عبد المنعم والأميرة نسل شاه وأبنائهم-  موقع الملك فاروق الأول 

كانت مخاوف نسل شاه في محلها، حيث دامت وصاية الأمير عبد المنعم على عرش الملك فؤاد الثاني عشرة أشهر فقط، قام بعدها مجلس قيادة الثورة رسميًا بإنهائها وأمر بنفي كافة أفراد الأسرة الحاكمة في 18 يونيو 1953. وفي عام 1957 تم اعتقال الأمير عبد المنعم والأميرة نسل شاه وتوجيه تهمة التآمر ضد الرئيس جمال عبد الناصر إليهما ومصادرة ممتلكاتهما. إلا أن الرئيس التركي قام بالتدخل لإطلاق سراحهما، وبالفعل تمت الاستجابة لطلبه وخرجت نسل شاه وزوجها من السجن، ووجدت نفسها مرة أخرى تتجه إلى منفاها، تماماً مثلما حدث لها في طفولتها.

حياتها بعد النفي ووفاتها

صورة من موقع الملك فاروق الأول
صورة من موقع الملك فاروق الأول 

عاشت الأميرة بعد ذلك لفترةٍ قصيرة في أوروبا، إلا أنها لم تتحمل الغربة فعادت إلى وطنها تركيا حيث استكملت حياتها مع زوجها الأمير عبد المنعم إلى أن توفاه الله عام 1979 في إسطنبول، لتعيش من بعده الأميرة نسل شاه سنين طويلة مع ابنتها الأميرة إقبال التي لم يُكتب لها الزواج أو الإنجاب. توفيت الأميرة نسل شاه في 2 أبريل عام 2012 عن عمرٍ ناهز الـ 91 عاماً، وبذلك يكون قد أُسدل الستار على حياة آخر أميرة عثمانية، بل وآخر فرد من أفراد آل عثمان الذين ولدوا في العصر العثماني.