26 مايو 2022

من قتل مارلين مونرو؟ أضواء جديدة بعد 60 عاماً على رحيلها

كاتبة صحافية

من قتل مارلين مونرو؟ أضواء جديدة بعد 60 عاماً على رحيلها

قبل أيام بيعت لوحة للفنان الأمريكي آندي وارهول بمبلغ 195 مليون دولار. وبهذا فإنها أغلى لوحة في القرن العشرين. هل كان إبداع وارهول هو الذي أوصل السعر إلى ذلك الرقم القياسي أم موضوع اللوحة، أي صورة نجمة هوليوود مارلين مونرو التي فارقت الحياة قبل 60 عاماً في ظروف ما زالت غامضة؟

هل كان رحيلها المفاجئ هو السبب في أن تتحول إلى أسطورة تقاوم النسيان؟

في الخامس من أغسطس 1962 عثروا على الممثلة الأمريكية مارلين مونرو ميتة في سريرها. لم تكن تضع سوى قطرات من عطرها المفضل «شانيل 5». وكانت الرواية الرسمية أنها فارقت الحياة بسبب جرعة زائدة من الحبوب المنومة.

ثم اشتعل سوق الشائعات وانطلق مزاد التكهنات، قيل إن الأجهزة السرية تخلصت منها بسبب علاقتها العابرة بالرئيس الأسبق جون كنيدي ثم بشقيقه السيناتور روبرت. لكن أحداً لم يتمكن من إثبات ذلك.

من قتل مارلين مونرو؟ أضواء جديدة بعد 60 عاماً على رحيلها

تحقيق معمق بعد 60 عاماً على فرضية انتحارها

اليوم، بعد 6 عقود، يظهر تحقيق معمق ومثير قام به الصحافي البريطاني أنطوني سامرز وتولت منصة «نتفليكس» تحويله لفيلم وثائقي.

لقد عاد سامرز إلى نبش الملفات القديمة وراجع كل ورقة وقصاصة في أوراق التحقيق ولم يكتف بذلك بل استجوب من بقي على قيد الحياة من رجال شرطة ومسعفين ومقربين من الممثلة التي كانت رمزاً للفتنة ولها معجبون في كل العالم.

في الوقت نفسه عرضت القناة الفرنسية السادسة تقريراً مطولاً عن ظروف وفاة مارلين وهي في السادسة والثلاثين من عمرها.

الإعلان الترويجي للفيلم الوثائقي The Mystery of Marilyn Monroe


كانت أشهر شقراء عرفتها الشاشة الفضية. ممثلة نصف موهوبة لكنها تملك جاذبية طاغية وروحاً خفيفة ووجهاً تحبه الكاميرا. أما شخصيتها فكانت صعبة الوصف، فهي تبدو أحياناً في هيئة الضحية، وتجيد المفاوضات في أحيان أخرى، أو نسوية تتبنى قضايا بنات جنسها، أو إنسانة مجتهدة تسعى للقراءة وتثقيف نفسها، أو امرأة تتلاعب بالرجال.

إنها الكائن الذي أعيد اختراعه مرات عديدة، كل حسب مزاجه، وما زال هناك من يجرب صياغته مرة جديدة. بل أن هناك من حاول إسقاط أوهامه وتخيلاته على رواية موت المرأة التي وصفت بأنها الأنثى الأكثر إغراء في العالم.

من قتل مارلين مونرو؟ أضواء جديدة بعد 60 عاماً على رحيلها

كان الصحافي أنطوني سامرز موفداً خاصاً إلى هوليوود، عام 1982، لمدة أسبوعين للاطلاع على ما عثر عليه النائب العام في لوس أنجلوس من أدلة جديدة تخص وفاة مارلين مونرو. وبدل المكوث 15 يوماً بقي هناك 3 سنوات.

لقد وجد نفسه يغرق في دهاليز المدينة التي تعتبر عاصمة للسينما في العالم، يستعيد الشهادات الموثقة لمئات الشهود، يقرأ آلاف الوثائق وليعود بأكثر من 650 تسجيلاً صوتياً هي حصيلة تحقيقات سابقة.

ومن خلال هذه المادة الفريدة من نوعها، نشر في عام 1985 كتابه «الآلهة» الذي ظهرت ترجمته الفرنسية بعنوان «الحياة السرية لمارلين مونرو».

إنه الكتاب نفسه الذي أعيد إصداره في الولايات المتحدة مؤخراً في طبعة مزيدة ومنقحة وبلغ عدد صفحاته 500 صفحة.

دليل سميك يمكن اعتباره حلقة المفاتيح لفهم لغز المرأة التي كانت تكمن وراء هالة النجمة.

كتاب «الآلهة» أو «الحياة السرية لمارلين مونرو»
كتاب «الآلهة» أو «الحياة السرية لمارلين مونرو»

خصص المؤلف الصفحات المئة الأخيرة لوقائع الأيام الأخيرة في حياة مارلين. وكان لهذه الصفحات وقع داخل أمريكا وخارجها لأن الكتاب يربط بصراحة بين موتها وبين علاقتها بالأخوين كنيدي. لكن هناك من يأخذ على الكتاب احتواءه على شهادات لأشخاص اشتهروا بالمبالغة والترويج لمقولات غير معقولة، وكذلك نشره لصورة غير معروفة للممثلة وهي ميتة بعد تشريحها، بملامح لا تشبه ملامحها وشعر مبلل ملتصق بوجهها. إنه أمر يتعدى على حرمة الأموات عدا عن أنه لا يلتزم بشرف المهنة.

من قتل مارلين مونرو؟ أضواء جديدة بعد 60 عاماً على رحيلها

الفيلم الذي عرضته «نتفليكس» في 27 من الشهر الماضي لا يتضمن مقابلة تبث لأول مرة مع مارلين، وهو ما كان يوحي به الإعلان التمهيدي للفيلم، لكنه يسترجع مقابلتين قام بهما الصحفيان الفرنسيان جورج بلمون من مجلة «ماري كلير» وريتشارد ميريمان من مجلة «لايف».

وليس هذه المقابلة هي الأهم ما في الفيلم بل الأشرطة المسجلة الكثيرة التي جمعها أنطوني سامرز خلال التحقيقات التي قام بها في لوس أنجلوس أثناء إقامته السابقة هناك عام 1982.

من قتل مارلين مونرو؟ أضواء جديدة بعد 60 عاماً على رحيلها

تعرف إليها جون كنيدي في منزل على الشاطئ لحفلات الأنس

في ذلك الوقت، لم يكن قد مر على رحيل مارلين سوى 20 عاماً. وبهذا فإن أغلب معارفها وزملائها العاملين معها كانوا على قيد الحياة وما زالوا في نشاطهم ويمارسون المهنة. وهكذا أتيح للمتفرج سماع الأصوات الحقيقية لأولئك الذين كانوا شهوداً على الحادث، رغم أن الفيلم جاء بممثلين ليقوموا بالمشاهد التعبيرية والرمزية للوقائع.

ومن خلال الفيلم عرفنا تفاصيل تعرف الممثلة على جون كنيدي قبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية. فقد كان الممثل بيتر لوفورد، زوج شقيقته، يمتلك منزلاً معزولاً على شاطئ المحيط، وقد اعتاد ترتيب حفلات يدعو لها عدداً من الجميلات لقضاء أوقات طيبة مع معارفه من السياسيين ومنهم السيناتور كنيدي.

من قتل مارلين مونرو؟ أضواء جديدة بعد 60 عاماً على رحيلها

تورط كنيدي، سليل العائلة الثرية والشهيرة، بعلاقة مع مارلين التي يصعب مقاومة سحرها. لكن تلك العلاقة باتت تشكل تهديداً له حين أصبح رئيساً للولايات المتحدة، لذلك راح يتهرب منها ولا يرد على اتصالاتها.

ولكي تحرجه، تعمدت أن تحضر حفلة عيد ميلاده وأن تغني له «هابي بيرثداي مستر برزيدنت» بطريقة حسية فضحت ما بينهما. كانت ترتدي فستاناً ضيقاً مطرزاً باللآلئ الصغيرة قيل إنه جرت خياطته ليلتصق بقوامها الملفوف، وهي قد أدت مطلع الأغنية ببطء شديد وكأن كل حرف فيها هو قبلة ساخنة تبعثها لحبيبها.

مارلين مونرو تغني للرئيس الأمريكي السابق جون كنيدي في عيد ميلاده


ما عاد يمكن السكوت على تصرفات الممثلة. وأرسل كنيدي لها شقيقه روبرت ليتفاهم معها لكن الشقيق وقع في شباكها بدوره. إنه الرجل الذي كان موجوداً في بيتها بعد تبلغه بخبر العثور عليها ميتة في سريرها، وكان معه الطبيب الذي أشرف على علاج مارلين من الكآبة في أشهرها الأخيرة.

ويقول أحد رجال الشرطة إنها لم تكن قد لفظت أنفاسها الأخيرة عند وصول الطبيب. لكن هذا الأخير أعطاها حقنة في الصدر بهدف تنشيط القلب، لكن أحداً لم يتحقق من محتوى تلك الحقنة القاتلة.

من قتل مارلين مونرو؟ أضواء جديدة بعد 60 عاماً على رحيلها

هل كان الطبيب يتصرف بأوامر من الأجهزة السرية؟

رغم عشرات التحقيقات والشكوك بقي موت شقراء هوليوود لغزاً تتوارثه أجيال الصحفيين ومؤلفي كتب النجوم، وكأن الجميع متفقون على استمرار الغموض لأنه يواصل تحريك ماكينة الإعلام ويثير اهتمام القراء والمتابعين.

كانت مارلين الدجاجة التي تبيض ذهباً للمنتجين في حياتها وهي قد بقيت كذلك بعد مماتها. والحقيقة الوحيدة أنها لم تمت ميتة طبيعية وأن لعائلة كنيدي يد في الموضوع. ولعل عدالة السماء تحققت بشكل ما عندما اغتيل جون كنيدي ومن بعده شقيقه روبرت، بعد رحيل مارلين بفترة قصيرة، وهما في أوج شبابهما وسطوتهما.