هالة صدقي: "سر السلطان" و"جعفر العمدة" إطلالتين مميزتين في رمضان
تتويجاً لمشوارها الفني الطويل، تم مؤخراً تكريم النجمة هالة صدقي، مع عدد من نجوم السينما المصرية والإفريقية، في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في دورته الثانية عشرة، التي انتهت فاعلياتها 10 فبراير الماضي، حيث تشارك الآن في مسلسلي «جعفر العمدة» و«سره الباتع» بدورين جديدين لم تقدمهما من قبل.
حول أجواء التكريم، ودورها في المسلسلين، وأسباب ابتعادها عن السينما في الفترة الأخيرة، ورأيها في دراما رمضان، كان لنا معها هذا الحوار:
ماذا تخبريننا عن مشاركتك في مسلسل «سره الباتع»؟
المسلسل عن قصة يوسف إدريس، يصنع تشويقاً يحرك خيال المتابعين، وأعتقد بخبرتي الطويلة بأنه حقق نسبة مشاهدة واسعة، ودوري فيه ليس كبيراً، أظهر في شخصية امرأة ريفية، لكنها فاعلة جداً في الأحداث ومؤثرة بشكل كبير، ومسلسل مميز جداً ومختلف، وسعيدة جداً بعودة المخرج الكبير خالد يوسف، وأتمنى أن نرى مزيداً من أعماله الرائعة في الفترة المقبلة، أي فيلم أو مسلسل عليه اسم خالد يوسف، هو عمل مكفول له النجاح مقدماً، مجرد اسمه يضمن دعاية واسعة للعمل قبل حتى الشروع فيه.
تشاركين أيضاً في الموسم الرمضاني من خلال مسلسل «جعفر العمدة».. ماذا عن دورك فيه؟ أشارك بدور جديد علي تماما، لم أقدمه من قبل، وهو دور سيدة في حي السيدة زينب، حيث تدور الأحداث في إطار اجتماعي شعبي، ولا علاقة له بالدراما الصعيدية كما ذكرت بعض المصادر، وأحب أن أنوه هنا إلى أن الموسم الرمضاني ساحة تتسع للجميع، تدهشني جداً بعض التحليلات التي تقول «الدراما الصعيدية تسيطر على مسلسلات رمضان»، من قال ذلك؟ الصعيد جزء من المجتمع المصري ومن الطبيعي أن تكون هناك بعض المسلسلات التي تدور أحداثها في أجوائه، لكن لا ينبغي أبداً افتراض وجود نمط معين يسيطر على مسلسلات رمضان، لأنه تصنيف غير حقيقي، ولا يجب أن تكون هناك حدود للأفكار فنصنع حاجزاً مع التجديد.
كيف تنظرين لتكريمك في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية؟
سعيدة جداً طبعاً بهذا التكريم، لأنه من بلدي، ومهرجان أعتز به جداً، لأنه ولد في أقصى وأصعب الظروف التي يمكن أن يمر بها مهرجان سينمائي، وحقق نجاحاً كبيراً، وصدى واسعاً، بفضل جهد القائمين عليه، وأشكرهم جميعاً على حسن التنظيم، وعلى الصورة المشرفة التي ظهر بها، والتي تليق بمصر كأول دولة عربية عرفت السينما، لأن السينما نتاج حضارة، ونتاج الحضارة يظهر بعد بدء الحضارة بمئة عام، وهو ما حدث عندنا بالفعل مع بدء النهضة الحضارية أوائل القرن الثامن عشر، فظهرت السينما عندنا أوائل القرن التاسع عشر هذه حتمية تاريخية، من حسن حظنا أننا جنينا ثمارها الثقافية والفنية.
وتحدثت عن الثقافة أولاً باعتبارها أهم وأشمل، فالفن جزء لا يتجزأ منها، وإن كان بعضه ترفيه، فمن المؤكد أنه رافد مهم من روافد الثقافة وتشكيل الوعي. هذا ليس كلاماً إنشائياً، الفن يصنع التاريخ الآن ولم يعد انعكاساً له، نحن نحارب الإرهاب بالدراما التلفزيونية وبالأفلام السينمائية، ويجب أن ندرك أهمية الأعمال الفنية في التأثير؛ بل والتوجيه أحياناً، نحتاج لأن نكون أكثر وضوحاً في تعاملنا مع ما نقدمه، لأن الزمن اختلف، وطريقة المشاهدة نفسها اختلفت، التلفزيون ينسحب الآن رويداً رويداً من المشهد لصالح الوسائط التكنولوجية الجديدة، والدول الأخرى أصبحت قادرة على الوصول إلى المشاهد في أي مكان، هذه نقطة لم ننتبه إليها حتى الآن بالقدر الكافي. يجب أن يكون الفن عندنا على قدر المسؤولية مع هذا التحدي الكبيرة.
ما الذي ينقص هذه النوعية من المهرجانات المهمة؟
طبعاً ينقصها الموضوعات العالمية غير محدودة الفكرة، وكذلك اللغة ليس مع حصر أي مهرجان كبير في فكرة معينة، لأنك ببساطة سوف تبحث عن النجوم والأفلام الذين قدموا هذه الفكرة فقط، وبالتالي تحصر نفسك في نقطة معينة محددة، وتفقد عشرات الأفكار الأخرى. هذا تقييد لا أجندة، كما أنه يمنع الانتباه إلى نجوم قد يستحقون هذا التكريم عن مشوارهم الفني. على الرغم من أدواري الكثيرة وتاريخي الفني الطويل، ما زلت أعتبر نفسي تلميذة في مدرسة الفن، وما زلت حتى هذه اللحظة أتعلم الجديد من وقت لآخر، وبالتأكيد هناك نجوم كبار على قيد الحياة؛ بل ومخرجون كبار أيضاً جالسون في بيوتهم، من حقهم علينا كجيل تعلم على أيديهم، أن نراهم يكرمون.
على الرغم من هذا العشق للسينما، لماذا ابتعدت عنها في السنوات الأخيرة؟
لن أقول لك عرضت على سيناريوهات كثيرة ورفضتها لأن هذا غير صحيح، أنا ابتعدت عنها لأن السينما هي تاريخي الحقيقي، وهي ما يبقى من الفنان، فالمسلسل يأخذ وقته ويذهب، بعكس الفيلم يعيش عشرات السنين، فالسينما هي الأبقى، ولا بد من تقديم أعمال تكون في أرشيف تاريخي نموذجاً للتميز. أنا مثالية بعض الشيء فيما يخص كل كبيرة وصغيرة في عملي، وأفكر جيداً قبل انتقاء الأدوار، حتى لا أقدم عملاً أندم عليه، أو يظهرني بصورة لا تتناسب مع إمكانياتي ممثلةً، فأنا أعشق الأدوار التي تتحداني، لأني أحب أن أقدمها أمام الجمهور بالشكل المطلوب، السينما الآن بحاجة إلى حظة عاجلة لدعمها، فعدد الأفلام الذي يتم إنتاجه سنوياً في مصر غير كافٍ، ولا حتى في كل الدول العربية التي دخلت مضمار الإنتاج السينمائي.
هناك إقبال حالياً على دور العرض، وبعض الأفلام تحقق الملايين، لكن عددها محدود. ليس معقولاً أن دولة بحجم مصر عدد سكانها تجاوز 100 ملون نسمة تنتج ثلاثين أو أربعين فيلماً في السنة، الأسباب متعددة لا مجال لذكرها هنا، لكن المطلوب حالياً هو التخطيط بشكل حقيقي للنهوض بالصناعة، وزيادة عدد دور العرض، توجد محافظات كاملة ليس بها دار عرض واحدة، أعتقد بأن سينمات المولات يمكن أن تحل هذه المشكلة، ليس هناك مبرر لخلو بعض المحافظات من قاعات دائمة تعرض فيها الأفلام.
بعض المنتجين يضعون في الحسبان أن الفيلم قد لا يستمر في دور العرض أكثر من 3 أيام
لو عرض عليك المشاركة في فيلم بطولة شباب.. هل توافقين؟
بالطبع أوافق كنوع من التشجيع لهم، بشرط جودة السيناريو، والإنتاج المعقول. لن أقبل فيلماً إنتاجه ضعيف لمجرد الوجود، هذا لا يناسبني على الإطلاق. هناك أفلام من بطولة شباب، جيدة، وليس عيباً أن تعرض لعدة أيام فقط في السينمات بالمناسبة، خصوصاً لو لم يكن معهم نجم كبير يستند إليه الفيلم في الدعاية، المهم أن لا يكون إسفافاً، أو عملاً يعزف عنه رواد دور العرض بعد نصف ساعة. ما تعاني هذه الأفلام بشكل أساسي، هو أن أغلب تصويرها داخلي، وألف باء أي مشهد سينمائي أن تكون فيه حركة، السينما حركة، وبدونها ليس هناك فيلم، وكثرة المشاهد الداخلية، وإن لم يتعامل معها المخرج بالاحتراف الكافي، قد تجعل في أحداث الفيلم نوعاً من الرتابة، قد يصيب المشاهد بالملل سريعاً، وهذا هو السر في عدم شعبية الأفلام قليلة الكلفة، لدرجة أن بعض المنتجين يضعون في الحسبان أن الفيلم قد لا يستمر في دور العرض أكثر من 3 أيام، فيأتي تخفيض نفقات الإنتاج على حساب الجودة.
ما أقرب أفلامك إلى قلبك؟
هناك الكثير من الأعمال التي أعتز وأفخر بها، من بينها على سبيل المثال، «قلب الليل»، و«الهروب»، و«هي فوضى»، هذه الأفلام الثلاثة تحديداً لها مكانة خاصة عندي، أحببتها جداً، ولها مكانة في وجدان الجمهور عملت فيها من أساتذة كبار بمختلف التخصصات، هي أعمال للتاريخ، وأصبحت جزءاً مهماً من تاريخ السينما المصرية، ولو لاحظت ستجد أنها كلها ذات طابع اجتماعي حتى وإن تم تغليفها بجو من الصدام مع بعض الجهات ذات السلطة، أغلب الأبطال ضحايا، وبعضهم لم يكن بريئاً، هذه هي القصص الإنسانية التي تجد فيها نوازع الخير والشر، لذلك تعيش هذه النوعية من الأفلام، حتى أفلام هوليوود المغلفة بطابع سياسي، مثل الأفلام التي تناولت فترة الحرب العالمية الثانية، عاشت لهذا السبب، ليس لطابعها السياسي، لكن لأحداثها وقصصها الإنسانية المؤثرة.
تبرعت لمتضرري الزلزال في سوريا.. هل هو تعاطف إنساني؟
بالتأكيد هو تعاطف إنساني في المقام الأول، ولو كانت هناك إمكانية للتبرع لمنكوبي تركيا كنت سأتبرع أيضاً، الإنسانية لا تعرف الخلاف الديني أو المذهبي أو السياسي، كلنا بشر، الزلزال هو أسوأ الكوارث على الإطلاق، لأنه يدمر المنازل والطرق وشبكات المياه والكهرباء، باختصار يدمر كل شيء، وضحاياه يكونون في أضعف حالاتهم، قلبي معهم جميعاً بمعنى الكلمة.
* تصوير: أحمد حماد