نيللي مقدسي: أغنيتي "لا تكبر رأسك" تشبه أعمالي البدوية التي تميزت بها
بالصدفة، وعلى سبيل التسلية، بدأت الفنانة اللبنانية الشابة نيللي مقدسي مسيرتها الفنية، من خلال برنامج الهواة كأس النجوم في العام 1992، ولكن فوزها بالمرتبة الأولى فيه حمسها على الانطلاق في عالم الغناء الذي قدمت فيه ألواناً عديدة، وتميزت فيه باللون البدوي قبل أن تختفي عن الساحة الفنية، لتعود وتطل من جديد بأغنية تحمل عنوان «لا تكبر رأسك»، أعقبتها بأغنية بعنوان «الحلو طل» التي صورتها أخيراً تحت إدارة المخرجة رندلى قديح.. عن الغياب والعودة تحدثنا معها في هذا اللقاء:
لماذا طال غيابك، ولما اخترت العودة في هذا التوقيت؟
الغياب كان لعدة أسباب، منها العام الذي أعاق عمل كثيرين، خصوصاً في المجال الفني، مثل الأوضاع الصعبة التي عشناها ونعيشها في لبنان وجائحة «كورونا»، ومنها الخاص مثل الوعكة الصحية التي أصابتني وأصابت والدتي وطالت فترة علاجها، وأحمد الله أنها مرت على خير، واليوم شعرت بأن الوقت مناسب للعودة بعدما عادت الأجواء الفنية لتنبض من جديد في كل الدول العربية.
عادت بقوة أكثر، خصوصاً في دول الخليج؟
هذا صحيح، وفي لبنان أيضاً، برغم ما يمر به من أزمات، وهذا عهدنا بالبلد الذي لا يموت، وكذلك في الدول العربية التي بدأت تتلألأ في سماء الفن، وهذا شيء إيجابي يدعو إلى الفرح والتفاؤل.
متفائلة بالغد؟
كل من يعرفني يدرك بأني شخصية متفائلة وإيجابية لأقصى الحدود، حتى في ظروف مرضي كنت أقول إن الله يجرب عبيده الصابرين، وهذا نوع من الإيمان الذي يجعلنا ننظر إلى النصف الملآن من الكوب لأداء الرسالة التي وجد الإنسان من أجلها في الحياة، وفي أي حال أنا أؤمن جداً بحدسي الذي لا يخيب في الغالب، لذلك أشعر بأن عودتي اليوم جاءت في التوقيت الصحيح.
تأنيك وترددك آخر مسيرتك في الغالب؟
لكل إنسان ظروفه الخاصة، وأنا أعترف ببطء مسيرتي، ولكني سعيدة بما وصلت إليه مع كل الظروف التي مررت بها، وسعيدة أكثر بلهفة وشوق الجمهور لعودتي مهما طال غيابي الأمر الذي حمسني أكثر، وجعلني أقطع على نفسي وعداً بعدم الغياب مرة أخرى إلا للتحضير لأغنية جديدة لفترة لا تتعدى الأربعة أشهر، هي مدة التحضير لأني أصبحت حاضرة لإطلاق العنان لكامل نشاطي الفني والذهني.
تعلنين الندم؟
بحياتي لم أعلن التوبة أو الندم على شيء مر في حياتي لأني أؤمن أنه لكل شيء حكمة في الحياة سواء على صعيد تأخر مسيرتي الفنية أو حتى وجودي على الساحة الفنية، ولا أشعر بأني قصرت يوماً ما لأني لا أفضل التواجد من أجل التواجد.
الفن والمال لا يشبهان بعضهما أبداً
كثير من الفنانين يشكون من ظروف الإنتاج الصعبة اليوم، ولكن يبدو أنك تتخطين هذه المشكلة؟
لا أقف عند هذه التفاصيل لأنه من الأجدى التفكير بالأعمال التي يجب أن أقدمها، والتركيز على الوصول إلى عمل مميز وناجح بدون الخوض في التفاصيل المادية، لأن الفن والمال لا يشبهان بعضهما أبداً.
ولكننا نتحدث عن إنتاج أعمال فنية لا يمكن أن تكون موجودة بدون هذه التفاصيل المادية.
ظروف الإنتاج تغيرت اليوم، ومن الآخر ليس هناك إنتاج في وقت يعتمد فيه كل النجوم تقريباً على الإنتاج لأنفسهم.
والشركات أقفلت (حنفياتها)؟
لا أفضل الخوض بتفاصيل لا أعرفها، ولكن اختصاراً لهذا الموضوع أقول إن استثمار الفن أصبح مختلفاً اليوم، وربح الشركات بات مختلفاً في غياب سوق الكاسيت وفي ظل الإعلام الرقمي، وقد أصبح لكل فنان قناة خاصة يمكنه من خلالها استثمار أعماله بشكل شخصي، لذلك خف حماس الشركات لإنتاج الأعمال الفنية.
تعدين الجمهور بسلسلة أغاني منفردة؟
صحيح، هي أفضل من تقديم ألبوم دفعة واحدة، إذ تأخذ كل أغنية حقها تباعاً، وبعد ذلك قد يتم جمعها في ألبوم واحد.
تعودين بقوة بأغنية تحمل تحدياً في عنوانها «لا تكبر رأسك»، هل كان الأمر مقصوداً؟
الأغنية كتبت خصيصاً لي، بعد بحث استمر حوالي ستة أشهر عن عمل يشبه الأعمال البدوية التي تميزت بها، بعدما قدمت ألواناً مختلفة، وقد شدتني فكرة التحدي اللذيذ فيها، والذي جاء في إطار معين وليس عن عبث، لأنه تحد للرجل الخائن، فقد شعرت باختلافها وتتضمن عنفوان المرأة المحقة بتحديها، بكلامها ولهجتها، وفيها كلمات تقال دائماً في هذه المواقف.
الشطارة تكون في تجديد الكلمات وتدوير الزوايا للابتعاد عن الروتين، بعدما استهلكت معظم المواضيع
تفضلين أن تتضمن الأغنيات رسائل معينة؟
أفضل أن تكون الأغنيات مسلية، لذيذة تحمل رسائل غير مباشرة، لأن الجمهور لن يترك كل شيء ليحلل مضمون أغنية، ولكن بشرط ألا تأتي فارغة وتافهة.. شخصياً، أحب التغريد خارج السرب قليلاً.. نحن غنينا الحب، الوطن، الكرامة، الانكسار، والشطارة تكون في تجديد الكلمات وتدوير الزوايا للابتعاد عن الروتين، بعدما استهلكت معظم المواضيع.
تفضلين تفصيل أغنيات لك، أم يمكن أن تختاري من الجاهز؟
لا مشكلة لدي في اختيار العمل مهما يكن بشرط أن يكون جيداً، علماً بأنه لم يكن من السهل علي أن أجد أغنية باللون البدوي دائماً، فكنت أفضل أن تكتب لي.
هل يمكن أن تكتبي يوماً؟
أكتب في بعض الأحيان خواطر مبعثرة، ولكني لم أركز على الكتابة لأنها ليست عملي.، وأكثر أنا أملك هواية إلقاء الشعر وأتقنها منذ أن كنت طالبة في المدرسة، وأحب الشعر والأدب العربي، وتعنيني الكلمة كثيراً وأعتبرها الأساس قبل اللحن، ولكني لم أصل لمرحلة التأليف.
هل تتطلعين لدخول مجال التمثيل في عصر الفضائيات والمنصات والدراما؟
مع كل كلمة مبارك تلقيتها على نجاح الأغنيتين اللتين عدت بهما كان يطرح علي هذا السؤال، ولا أعرف ما إذا كانت موهبتي في التمثيل ظاهرة للعيان، أو لأن الموضوع بات موضة.. في أي حال، الفكرة، وإن لم تكن ببالي حالياً، إلا أني لن أرفض عرضاً مناسباً يقدم لي، أقله على سبيل التجربة.
التجربة تحتاج لعرض يدق بابك أو تدقين بابه؟
لم ولن أدق باب أحد، ليس تكبراً ولكني أرى أن التعامل الفني لا بد وأن يكون مع أشخاص يرون نجاحهم من خلالي، أو من خلال أي فنان لرؤية معينة لديهم تجعلهم واثقين من نجاحهم سوياً. في أي حال أنا أؤمن أنه ما كتب لنا لن يكون لغيرنا والعكس صحيح، وأكبر دليل على ذلك مشاركتي في برنامج كأس النجوم الذي لم يكن جدياً بالنسبة لي، وكان قصدي من ورائه التسلية، في الوقت الذي جاءت مشاركة غيري فيه هدفاً وطموحاً من سنوات طويلة، ولم يحالفه الحظ.
تغيرت كثيراً، وأصبحت أكثر نضوجاً؟
لا شك بأن العمر والتجربة في الحياة يغيران الإنسان وأولوياته في الحياة، فكيف إذا مررنا بتجارب صعبة ندرك معها قيمة الحياة والنعم التي كنا نعيشها بدون أن نشعر بها؟ نصبح أكثر قدرة على معرفة ماذا نريد... أنا دخلت المجال الفني فتاة صغيرة لم تدعكها الحياة، علماً بأنني لا أدعي الانتماء لجيل الزمن الجميل، ولكني عشت براءة جيلي بعيداً عن وعي وانفتاح جيل اليوم لتأتي التجربة في الحياة و«تدعكني».
ما هي أولوياتك اليوم؟
صحتي وعائلتي، سعادتي الشخصية واستقراري النفسي والعاطفي والعملي.
حققت الاستقرار العاطفي؟
هذا الموضوع كبير وشائك، لأنه لكل إنسان منطق فيه، ولا أنكر أني مررت في مراحل حب لم تكتمل لتصل إلى الزواج، ومع ذلك أشعر بالاستقرار العاطفي بوجود عائلتي حولي، ولا أشعر بالفراغ لأني لست متزوجة، وإن كان الاستقرار الفعلي والحقيقي هو في كنف العائلة، الزوج والأبناء، وعندما يأتي النصيب لن أتردد في قول كلمة نعم.