22 أغسطس 2023

في لقاء حصري.. سلفستر ستالون: عليك أن تبقى على القمة حال الوصول إليها

ناقد ومؤرخ سينمائي

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

في لقاء حصري.. سلفستر ستالون: عليك أن تبقى على القمة حال الوصول إليها

عمره اليوم 76 سنة. ما زال مشغولاً بالتمثيل والإنتاج. لم ينحسر الاهتمام به كما حدث مع سواه، ولم يتحول إلى مجرد صورة من الماضي.. هذا هو سلفستر ستالون.

فهم ستالون البزنس منذ أن كان في الثلاثين من عمره. معظمنا يعرف عن ظهر قلب كيف كتب سيناريو فيلم «روكي» وجال به استوديوهات هوليوود ليقابل إما بالرفض التام أو بشروط مثل قبول بعض تلك الاستوديوهات شراء السيناريو وإسناد البطولة لممثل آخر. لكن ستالون رفض «لقد كتبت القصة والسيناريو لكي أقوم أنا بالبطولة». كان يردد في اجتماعاته.
في النهاية وجد عند منتج مستقل (إروين وينكلر) من وافقه على ذلك وعين له مخرجاً كان قدم أفلاماً معتدلة الأهمية اسمه جون أڤيلدسن لإخراج مشروعه.

«قبضت على الفرصة بأسناني»، قال في مقابلة سابقة أجريتها في هوليوود سنة 2008، مضيفاً «أدركت أن علي أن أحقق هذا المشروع بكل ما لدي من طموح وثقة. كانت طلقة في الظلام».

في لقاء حصري.. سلفستر ستالون: عليك أن تبقى على القمة حال الوصول إليها

لم يكن «روكي» فيلمه الأول، بل ظهر في نحو خمسة عشر فيلماً قبله لاعباً أدواراً صغيرة لا تعد ولا تحتسب. البعض يذكره في دوره ذي اللقطة الواحدة أمام وودي ألن في «موز» (Bananas)، أو في خلفية الفيلم الساخر «ماش» لروبرت ألتمن، أو في دور عشيق ابنة امرأة تدير ماخورا في فيلم «وداعاً يا حبي» في العام 1975.

كل ذلك لم يترك أثراً لا عند صانعي الأفلام ولا عند الجمهور، لذلك كان ستالون حريصاً على النجاح في خطواته مختاراً حكاية ملاكم غير محظوظ يتحدى أحد أبطال الملاكمة وينتصر، وفي نصره يحقق لنفسه الحلم الأميركي الكبير. ذلك الحلم الوردي الذي يتحكم في قطاع كبير من الساعين للنجاح في كل حقل عمل ومهنة.

بعد 27 سنة ونحو 100 فيلم، ها هو ستالون ما زال في «بزنس» السينما ممثلاً ومخرجاً ومنتجاً. وما زال نجماً يترك الملايين منصات الأفلام والمواقع المقرصنة لمشاهدته على الشاشة الكبيرة.

في لقاء حصري.. سلفستر ستالون: عليك أن تبقى على القمة حال الوصول إليها

للفشل أسباب

كيف تفسر نجاحك منذ أن وطأت قدماك أرض «روكي»؟

أحياناً أسأل نفسي هذا السؤال. كنت أسأل نفسي كثيراً هذا السؤال وهو يتجدد من حين لآخر. لا أعتقد أن النجومية لها علاقة بالعضلات ولا علاقة لها بنوع الأفلام التي يفضل الممثل القيام بها ولا حتى الوسامة بحد ذاتها. النجاح هو تآلف هذه العناصر على نحو غير قابل للمعرفة. لماذا هذا الممثل ناجح والآخر الذي قد يكون أفضل منه أو أكثر وسامة منه فاشل؟ لا أدري.

هناك مشاريع تفشل لكن ممثليها يواصلون النجاح. حدث ذلك معك مثلاً؟

طبعاً. لا يوجد ممثل ظهر في أكثر من عشرة أفلام من دون أن يكون الفشل من نصيب بعض أفلامه. الفشل قد يكسر الطاقة أو قد يكون دافعاً للتجديد.

كيف تجاوزت هذا الوضع؟

من خلال معرفة أسباب الفشل. قد لا تكون مسؤولاً عن الفشل. أنت في النهاية ممثل أعجبه السيناريو وفريق العمل لكنه فجأة لم يعجب الجمهور أو ربما لم يجد التوزيع والانتشار الملائمين. هذه ليست مسؤوليتك، لكن عندي هو أنه يجب ألا يعتبر الممثل أن ما حدث سوف لن يتكرر، بل سيتكرر إذا لم يدرك السبب ويحسن بعد ذلك تجنبه.

في لقاء حصري.. سلفستر ستالون: عليك أن تبقى على القمة حال الوصول إليها

أتذكر أنك قمت بتمثيل دور بطولة في فيلم جمعك وروبرت دي نيرو، فيلمك الوحيد معه، حينها قلت إنك تريد أن تمثل فيلماً نوعياً تؤدي فيه دوراً جديداً عليك، لكن الجمهور لم يلتق كثيراً مع رغبتك.

صحيح. وهذا ما أقصده. يعجبك العمل كمشروع. يعجبك السيناريو، يعجبك أنك ستقف أمام ممثل بمستوى دي نيرو وتحت إدارة مخرج جيد (جيمس مانغولد) لكن الجمهور له رأي آخر. ورأيه هو أنك لا تحاول تغيير ما جعله معجباً بك.

لذلك عدت مباشرة من بعد لأدوارك المعتادة.

نعم.

في لقاء حصري.. سلفستر ستالون: عليك أن تبقى على القمة حال الوصول إليها

لكنك جربت الكوميديا بعد ذلك الفيلم، أي في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات، في «أوسكار» و«تانغو وكاش» و«قف وإلا أمي ستطلق النار» (Stop! Or My Mom Will Shoot) التي لم تحقق نجاحاً أيضاً.

دعني أكون صريحاً، كانت فترة صعبة من فترات حياتي. ليس من حيث صعوبة البحث عن مشاريع جديدة ولا من حيث وجود خطر يهدد مهنتي بل من حيث إنني جربت مزج التشويق والمغامرة مع الكوميديا. بعض الأفلام التي ذكرتها نجحت قليلاً أكثر من سواها لكنها جميعاً لم تثر عندي سوى الرغبة بالعودة فعلياً لنوع الأفلام التي صنعتني. بدا التنويع فكرة جيدة، لكني أعلم الآن أنها لم تكن. كانت مثل رياضي يحاول الجمع بين لعبتي كرة القدم وكرة السلة.

سنوات الزهو في حياة سلفستر ستالون

ما هي ظروف «قف وإلا فإن أمي ستطلق النار»؟ لماذا قبلت به؟

الذي حدث هو أنني سمعت أن (أرنولد) شوارتزنيغر لديه مشروع مماثل فقررت أن أسبقه إليه وفزت (يضحك). لكن في الواقع لم يحسن الإنتاج اختيار الممثلة التي لعبت دور الأم (إستيل غتي). كانت محبوبة في حين أن المطلوب كان عكس ذلك. هذا رأيي.

كانت هذه نقطة تغيير إذا؟

بالتأكيد.

هل هناك نقط تغيير أخرى في مسيرتك؟

نعم، لكنها ليست ظاهرة. ليست من نوع محاولات التمثيل في نوع لا يأتي بالنتائج المطلوبة. هي من نوع الأمور التي تتبدى لك لاحقاً عندما تتجاوز سناً معيناً وتنظر إلى الخلف. أعتقد أننا جميعاً نمر بنوع من الشعور بالزهو عندما ننجح فيما نقوم به في سن مبكرة. إنها السن التي تسمح لنفسك فيها بتغيير اتجاهات أو حمل أشياء عديدة بيديك لا يهم إذا ما سقط منها شيء على الأرض. في سن لاحقة تجد أنك لم تعد قادراً على التفريط في شيء. على كل عمل تقوم به أن ينجح إذا كنت تستطيع. لا وقت لديك للتجربة.

في لقاء حصري.. سلفستر ستالون: عليك أن تبقى على القمة حال الوصول إليها

في العام 1981 كنت في زيارة لبيروت. كانت الحرب مشتعلة لكن ذلك لم يمنعني من التمتع بالمدينة التي ولدت فيها. ذات يوم دخلت مكتبة اسمها مكتبة أنطوان ووجدت كتاباً يحمل عنوان First Blood اشتريته وقرأته في يومين وتمنيت لو أنني منتجاً لكنت أنتجت هذا الفيلم. بعد شهر عدت إلى لندن وقرأت أن الفيلم على جدول أعمالك في السنة المقبلة.

(يضحك) كان عليك أن تختار الإنتاج عوض الصحافة. لديك حس جيد.

أنت تحولت إلى الإنتاج بدورك. ما الذي يفرضه عليك هذا الوضع إذاً؟ هل أصبحت أكثر قدرة على تحقيق النجاح بعدما أصبحت منتجاً كذلك؟

حتى من قبل ذلك. هناك مسؤوليات كبيرة في كل مشروع أقدم عليه. ليست مشاريعي وحدي بل كل المشاريع. أحياناً يبدو الأمر بالنسبة للمشاهدين أن الاستوديو يستطيع تحمل خسارة فيلم ما. ستعوض تلك الخسارة في فيلم آخر. لكن هذا ليس صحيحاً. نعم هناك أخطاء ترتكب لكن في الكثير من الحالات يؤدي تكرارها إلى تنحية المسؤولين عنها إذا تكررت ولو كانوا من أصحاب المواقع الكبيرة. إذا ما جعلني أكثر قدرة على تحقيق النجاح، مسألة أخرى. نعم كمنتج أستطيع الإشراف على إنجاز الفيلم كما أريده تماماً، لكن هذا يعني المزيد من القرارات المضافة. عليك أن تبقى على القمة حالما تصل إليها.

القضية الروسية

شاهدتك في مقابلات مصورة مرتاحاً على عكس عديدين آخرين تقرأ على ملامحهم بعض التوتر. هل هناك أسئلة تزعجك أكثر من سواها؟

المقابلات هي وسيلة مباشرة لكي يعكس الممثل أو المخرج أو أي شخص معروف نفسه للناس مباشرة. طبعاً هناك شرط أن تكون الأسئلة على المستوى الذي يتيح لهذا الشخص أن يعكس ما يريد. إذا لم تكن فهي تصبح عبثاً وعبئاً.

في لقاء حصري.. سلفستر ستالون: عليك أن تبقى على القمة حال الوصول إليها

ما هو السؤال الذي قد يزعجك؟

السؤال الذي لا يتغير وعادة هو العودة إلى «روكي» لكي أتحدث عن كيف تم لي التغلب على العقبات التي صادفتني في سبيل إنجازه ورأيي فيما تبعه من نجاح. أقول (للسائل) في هذه الحالة: أليس لدي ما يكفي من أفلام تسألني فيها؟

ليس لدي سؤال عن «روكي» بل عن «روكي الرابع» و«رامبو» الجزء الثالث.

(يضحك) هات...

في كلا الفيلمين هناك القضية الروسية. تجابه عدواً روسياً في حلبة الملاكمة في «روكي 4» والجيش الروسي بأكمله في «رامبو 3». وكلاهما، كما قرأت لك مرة، استقبل بالرفض من قبل الإعلام الروسي في الثمانينات. هل كنت تتوقع ذلك؟

نعم. في تلك الفترة كان لابد من التنويع فيمن يواجهه روكي بالباو من ملاكمين فوق تلك الحلبة. كانوا أفرو- أميركيين في الفيلمين الأول والثاني وكان لابد من هذا التغيير. لكن الفيلم عامل الملاكم الروسي (مثله دولف لندغرن) باحترام في رأيي. ليس لأنه روسي أو غير روسي بل لأن روكي لكي يبقى على سدة النجاح عليه أن يواجه ملاكماً موازياً له في القوة والقدرات.

في لقاء حصري.. سلفستر ستالون: عليك أن تبقى على القمة حال الوصول إليها

ماذا عن «رامبو 3»؟

رامبو 3 كان مختلفاً. العالم كله كان ضد الغزو الروسي لأفغانستان. والفكرة كانت تقديم هذه المساهمة في الوقت المناسب.

لكن الفيلم لم يكن منطقياً. رجل واحد ضد مئات المحاربين وينتصر.

هذه هي الفانتازيا المسموح بها في مثل هذه الحالات. العديد من أفلامي وأفلام سواي هي فانتازيات التي لا يمكن تطبيق الواقع عليها.

ما رأيك بالنقد والنقاد؟ هل تستهويك قراءة ما يكتبونه عن أفلامك؟ هل تتابعه؟

نعم أتابع الكثير منه وأحب كتابات عديدين بصرف النظر عما يكتبونه. النقد الذي أعجب به هو ذلك الذي حين لا يعجبه شيء ما في الفيلم يقترح ما هو مفيد. ليست هناك فائدة حين يقول الناقد إن هذا الفيلم سيئ من دون أن يقول أيضاً كيف كان من الممكن إصلاحه.

في لقاء حصري.. سلفستر ستالون: عليك أن تبقى على القمة حال الوصول إليها

طويت صفحتا «روكي» و«رامبو» بنجاح ثم انصرفت إلى «المستهلكون» (The Expendables) كمسلسل جديد سنة 2010 والآن لديك جزء رابع مبرمج للعرض في سبتمبر المقبل. ماذا تتوقع له؟

أتوقع له النجاح على ضوء النجاحات السابقة لهذه السلسلة. وهو فيلم جيد مثلها.

من هم الأعداء هذه المرة؟

تجار السلاح. أنا وفريقي سنريهم نجوم الظهر.

هل تستمتع بعملك أكثر عندما تقوم بإخراج أحد أفلامك؟

مخرج «المستهلكون 4» ليس أنا، لكن الجواب على سؤالك هو نعم. هو فعل متعب أكثر لكن هناك متعة في الإخراج لأنك تدفع بالخيوط المختلفة للقصة حسبما ترغب.

ما رأيك فيما قيل عن أنك وعدد آخر من ممثلي جيلك ما زلت نجم الأكشن الذي يثير ثقة جمهور هذا النوع أكثر من سواه؟

لا خلاف على ما قيل وأنا سعيد به. كل ما أرغبه هو الاستمرار في تمثيل مثل هذه الأفلام، ولو أن الرغبة كثيراً ما تراودني في أن أتوقف. لكن كلما راودتني هذه الرغبة كلما وجدت نفسي مستمراً.

 

مقالات ذات صلة