صوفي.. سكرتيرة الملكة كاميلا
خلال الزيارة الرسمية التي قام بها تشارلز الثالث ملك بريطانيا وقرينته كاميلا إلى فرنسا، لاحظ الفضوليون من الصحافيين ومن العاملين في ترتيبات البروتوكول أن هناك شابة تقترب من الملكة وتهمس في أذنها.. من تكون تلك الشابة ذات العينين الزرقاوين الجميلتين؟ طرحوا السؤال واستفسروا وجاءهم الجواب: إنها صوفي دنشام، السكرتيرة الشخصية للملكة كاميلا.
يسمونها السكرتيرة، وتعني في اللغة العربية كاتمة السر، وهي من أكثر الوظائف النسائية انتشاراً في العالم. وإذا كان هناك من يتصور أنها مهنة هامشية فهو على خطأ. إن الكثيرين من الجالسين وراء المكاتب الفارهة يعتمدون على السكرتيرة اعتماداً كبيراً. وهم يضيعون إذا غابت عن العمل ساعة واحدة، فهي من تحفظ المواعيد وتنسق الزيارات وتطبع الرسائل وترسل البريد وتكون لسان حال مديرها، حتى لو اضطرت إلى التمويه أو الكذب. وأهم من هذا كله أنها الوسيطة بين مشاغل المكتب واحتياجات البيت العائلي. الكل يعتمد عليها من الجانبين.
لم تظهر صوفي دنشام في حياة القصر بين ليلة وضحاها. إنها هناك منذ 2008. لكن الإنجليز اكتشفوها نهار الرابع عشر من سبتمبر من العام الماضي حين جلس الملايين أمام شاشات التلفزيون يتابعون مراسم جنازة الملكة إليزابيث التي كانت قد توفيت في قصر بالمورال قبل ذلك التاريخ بستة أيام. كانت الكاميرات تتابع مسيرة نقل الجثمان من قصر باكينجهام إلى صالة وستمنستر حيث أسجي هناك لكي يودعها الشعب الوداع الأخير.
يومها تساءل المشاهدون: من تلك المرأة الشقراء ذات العينين النافذتين التي تجلس مع كاميلا في السيارة المخصصة لها؟ وسرعان ما تحركت فرق البحث في صالات تحرير الصحف وجاءت بالخبر اليقين: إنها صوفي دنشام، المساعدة الشخصية للملكة الجديدة. وهي شخص تعتمد عليه قرينة الملك تشارلز الثالث منذ أكثر من عشر سنوات.
وسام وترقية من الملكة كاميلا
كانت صحيفة «الديلي ميل» هي الأكثر توسعاً في البحث. وبحسب ما نشرته فإن مسز ديشام بدأت حياتها المهنية سكرتيرة في «ميموريال جيتس ترست»، وهي مؤسسة خيرية تهتم بتسجيل تراث الهنود والأفارقة وأبناء الكاريبي وغيرها من المستعمرات السابقة، ممن خدموا في الجيش البريطاني خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية. وفي عام 2008 انتقلت صوفي لتحل في القصر وتم إلحاقها بالمكتب الخاص لدوقة كورنوال، وهو اللقب الذي كانت تحمله كاميلا يومذاك.
وفي عام 2015 حصلت على وسام الملكة فكتوريا الملكي الذي يمنح للأفراد الذين يقدمون خدمات ممتازة للعائلة المالكة. وفي العام نفسه نالت ترقية وظيفية وأصبحت مساعدة للسكرتيرة الشخصية لكاميلا، وفي عام 2021 تسلمت وظيفة السكرتيرة الأولى والأساسية.
منذ ذلك الوقت أصبحت صوفي شخصاً لا غنى عنه لكاميلا. إن كاميلا مكلفة بالعديد من المهمات البروتوكولية، مثل حضور دورات تخرج الممرضات أو افتتاح حضانات للأطفال أو تدشين مدارس جديدة. وهي بالطبع لا تستطيع حفظ أسماء كل الذين يقفون في استقبالها، وهنا يأتي دور صوفي في السير وراء كاميلا بخطوة والهمس في أذنها باسم كل شخص ونوع وظيفته. إنها بمثابة الملقن الذي يجلس في حفرة في مقدمة المسرح ويهمس للممثلين بمقاطع الحوار في حال تعثروا في تذكره.
وبعد تتويج تشارلز ملكاً، اعتاد البريطانيون رؤية المرأة التي تهمس في أذن زوجته الملكة. وجدير بالذكر أن صوفي كانت من الشخصيات القلائل العاملين في «كلارنس هاوس» ممن استمروا يعملون ضمن الطاقم الملكي.
هذا عن حياتها العملية، فماذا عن حياتها الخاصة؟
صوفي دنشام تفتح جدلاً
إن صوفي دنشام شديدة التحفظ قليلة الثرثرة. وهذا يدخل في صلب شروط وظيفتها. وهي إذا كانت تبدو ثلاثينية فإن مظهرها لا يوحي بحقيقة عمرها. فهي قد تجاوزت الأربعين، حسبما ورد في تقرير لصحيفة «التايمس»، كما أنها متزوجة وربة أسرة. كما كشفت الصحيفة أن هناك فارقاً كبيراً جداً بين مرتب السير كلايف ألدرتون، السكرتير الشخصي للملك تشارلز، وبين مرتب سكرتيرة الملكة كاميلا. هذا مع العلم أن الاثنين يقومان بالعمل نفسه، وهو الاهتمام بمفكرة المواعيد، ومرافقة الثنائي الملكي في رحلاته الخارجية، وتقديم المشورة لهما عند الحاجة، والتنسيق بينهما وبين باقي أفراد العائلة المالكة.
كتبت «التايمس» أن السير ألدرتون يتقاضى مرتباً سنوياً يزيد على 210 ألف جنيه استرليني بينما تحصل صوفي على أقل من 95 ألف جنيه في السنة. وأضافت الصحيفة أن سكرتير الملك يتمتع بسكن فخم في «مارلبورو هاوس»، غير بعيد عن مكتبه في القصر الملكي، هذا مع تسهيلات خاصة تسمح له حسن تأدية مهماته. لكن الصحيفة لم تذكر مقدار الإيجار. فهل هناك تمييز جنسي بين السكرتير والسكرتيرة؟ هذا هو السؤال المطروح علناً في لندن.
لكن القصر الملكي رد التهمة. والدليل أن إدارة القصر بذلت جهداً خلال السنوات الأخيرة لتحقيق التكافؤ بين الجنسين في المرتبات. والفارق بين مرتب العامل والعاملة اليوم يتعدى 5 في المئة بقليل، بعد أن كان يقترب من 9 في المئة. أما على صعيد بريطانيا كلها فإن النساء يتلقين مرتبات تقل بنسبة 14 في المئة من الرجال، عن العمل ذاته.
لا شيء يسكت صحافة الفضائح في لندن. وهناك اليوم مقالات تنتقد هذا التمييز الذي يمارسه القصر الملكي، باعتبار أنه يجب أن يكون القدوة في المساواة. وقد نشرت إحدى المحررات قائمة بالمهمات التي تؤديها سكرتيرة الملكة ووصفتها بأنها تعمل مثل النحلة، بصمت وجدارة، لكنها لا تنال ما تستحقه من أجر.
إقرأ أيضا: اكتشفوا قصة القلادة التي ارتدتها كاميلا ملكة بريطانيا في حفل التتويج