30 سبتمبر 2024

فايا يونان: أغنياتي بالعربية الفصحى لكنها معاصرة والجيل الشاب متعطش لسماع لغتنا

محررة متعاونة في مكتب بيروت

محررة متعاونة في مكتب بيروت

فايا يونان: أغنياتي بالعربية الفصحى لكنها معاصرة والجيل الشاب متعطش لسماع لغتنا

فايا يونان، فنانة من الجيل المعاصر المتمسك بالجذور الفنية الأصيلة، استطاعت أن تسير بخطوات ثابتة في تقديم الفن الذي يشبهها ويعبر عن مواقفها الإنسانية، في جعبتها ثلاثة ألبومات وعدد من الأغنيات المنفردة قوامها الموسيقى المتقنة، والكلمات التي تطال الحياة والإنسان والحب والوطن، أما الصوت فهو موهبة ربانية مصقولة بالدراسة والخبرة وتراكم التجارب.

فايا يونان: أغنياتي بالعربية الفصحى لكنها معاصرة والجيل الشاب متعطش لسماع لغتنا

تغرّد فايا يونان بين لهجات عربية مختلفة، من باب تشارُك التجارب الثقافية، مع حصة وافرة من القصائد الشعرية المنظومة باللغة الفصحى، ولا شك أن ما تقدمه بعناية واهتمام جعلها فريدة بين أبناء جيلها، من دون إغفال تجربتها في التمثيل التي قربت المسافة أكثر بينها وبين الجمهور.

ابنة مدينة حلب، التي كبرت في السويد، جالت العالم تغني، ورفعت الصوت عالياً لتقدم أغنيات وطنية وعاطفية، وحصدت جوائز عدة كان آخرها جائزة أفضل قصيدة مغناة «يا قاتلي» في الدورة الخامسة لجائزة الأمير عبد الله الفيصل للشعر العربي في السعودية..

وعادت اليوم إلى بيروت للقاء جمهورها في مسرح المدينة الذي اشتاقت لاعتلاء خشبته وفق ما قالت في اللقاء معها:

فايا يونان: أغنياتي بالعربية الفصحى لكنها معاصرة والجيل الشاب متعطش لسماع لغتنا

لنبدأ من حفلك في بيروت وعلى مسرح المدينة، ماذا تقولين عنه؟

كنت في حالة شوق لهذا الحفل البيروتي الذي أقيم في 16 سبتمبر لأن هذا المسرح العريق ما زال يعني لي الكثير، كرمز فني وصرح ثقافي استطاع أن يقاوم كل الظروف الصعبة التي مرت عليه، في هذه الأيام نحتفل بمرور 30 عاماً على هذا المسرح ونستذكر كم أثّر فينا، أنا والكثيرين..

ونستذكر كل الأمسيات الفنية والمسرحية والحفلات الموسيقية والندوات الثقافية والشعرية التي احتضنها والتي كانت موئلاً في الأيام الصعبة التي عايشتها بيروت.. انطلاقتي الفنية في أول حفل خاص بي كانت في هذه المدينة.

فايا يونان: أغنياتي بالعربية الفصحى لكنها معاصرة والجيل الشاب متعطش لسماع لغتنا

من دور الأوبرا في دمشق والقاهرة إلى المدرجات الرومانية في تونس وعَمّان، والغناء حالياً في بيروت، كيف تقيمين هذه التجارب بصفتها جزءاً من مشوارك الفني؟

أكثر جانب أحبه، كوني أشتغل في الفن، هو الحفلات الحيّة والمباشرة ولقاء المحبين، اللقاء بالسمّيعة هو أكثر ما أشتاق له وأنتظره لأن فيه سحراً وتواصلاً روحانياً، يتحقق عن طريق الموسيقى والغناء، وقد لاحظنا خلال جائحة «كورونا» أن لا شيء يعوض عن المسارح، وبالنسبة لي يسعدني لقاء الناس في كثير من البلدان كذلك الغناء عبر مسارحها، سواء كانت مغلقة أو مكشوفة أو أثرية، فإنه نعمة.

هل من مسارح عالمية تريدين خوض تجربتها، وأية رسالة تريدينها من الفن؟

ليس من مسرح محدد، لكن هناك نوعاً من المسرح أحلم أن أخوضه يوماً ما، وهو المسرح الغنائي أو «البرودواي»، والذي أينما ذهبت في أسفاري لا بد وأن أقصده لأنه عظيم جداً، ويمزج بين التمثيل والغناء المباشر وتراكم المشاعر.

أحرص مع كل فريق العمل على غناء القصائد ضمن قالب فني معاصر

كونك تغنين النصوص الشعرية الفصيحة، هل ترين أنك تتوجهين لفئة محددة من الجمهور ومرادك نخبوي فحسب، أم ترين أن الناس تتفاعل مع كل عمل جيد؟

لا شك أن الأغنيات الشعبية و«البوب ميوزك» تصل إلى عدد أكبر من الناس، لكن في ذات الوقت لا أشعر أن الفن الذي أقدمه يحد من الانتشار أو أنه نخبوي؛ لأنني أحرص مع كل فريق العمل على غناء القصائد ضمن قالب فني معاصر، أغنياتي بالفصحى لكنها معاصرة لجهة التقسيم والوقت والآلات الموسيقية وطريقة التوزيع وما إلى ذلك..

وهذه التفاصيل تقرّب الأغنية من الجيل الشاب، واليوم الفئة الأكبر من الناس الذين يقصدون حفلاتي هم من هذا الجيل الشاب الذي -وفق ما يبدو لي- أنه متعطش ومشتاق لسماع لغتنا العربية الفصيحة مغناة، مضافاً إلى ذلك أنني أقدِّم ما يشبهني وأشعر أنه يصل من قلبي مباشرة إلى قلب الناس.

قدمتِ ألبومات وأغنيات متنوعة ناجحة وصلت إلى الناس، فهل أوصلتك إلى الشهرة التي تريدينها؟

الفنان عندما يحقق هدفاً ما تتولد لديه أهداف جديدة، وبالنسبة لي الطموح لا يقف عند حدود معينة ولا يوجد له خط نهاية، دون أن ينفي ذلك أني راضية وممتنة جداً لما وصلت إليه وتسعدني محبة الناس لي وتقديرها لما أقدمه.

فايا يونان: أغنياتي بالعربية الفصحى لكنها معاصرة والجيل الشاب متعطش لسماع لغتنا

تنتشر ظاهرة الغناء بعدة لهجات ولغات من باب الوصول إلى العالمية، كيف تنظرين إلى هذه الظاهرة، وهل خوضها يستدعي مقومات خاصة؟

لا شك أن كثيراً من الفنانين يعتمدون هذه الاستراتيجية ويعتبرون أن الوصول إلى جمهور جديد يفرض الغناء بلهجته، كما أن هناك لهجة «ترند»، لكن بالنسبة لنا أنا وفريق العمل ننظر إلى الغناء بعدة لهجات من منظور ثقافي، ولأجل ذلك قدّمنا الألبوم الثالث «أصواتنا»، وفيه أغنيات بلهجات مختلفة منها الخليجية، التونسية، العراقية، المصرية، الجزائرية..

وكنا حريصين أن يتم تقديم الأغنية بقالب البلد الذي تنتمي إليه بشكل كلي في الإيقاعات والمقامات وطريقة تقطيع الحروف والكلام على الإيقاع، أردنا أن نحتفي بهذا التنوع الموجود في العالم العربي، وعلى المستوى الشخصي وجدت نفسي أمام تجربة جديدة غنية ومفيدة وممتعة..

وكان الأصعب بالنسبة لي ليس إتقان اللهجة بقدر الغناء على الإيقاع المعتمد في بلد ما، مثلاً في تونس يستخدمون إيقاع ستة على ثمانية الذي اختبرت من خلاله تجربة جديدة أسعدتني.

منذ بداية مشوارك الفني وحتى اليوم، هل تشعرين أن تراكم التجارب يجعلك انتقائية أكثر، ويزيد من خوفك على كل عمل جديد، أم أنك مغامرة؟

أحببت هذا السؤال كثيراً، كوني أجد نفسي في مكان ما أمام مسؤولية الحفاظ على المستوى الذي قدمته، وفي ذات الوقت بات لديّ ثقة تدفعني للمغامرة، وخوض أعمال جديدة على سبيل التجربة، ولأكون صادقة تماماً لا أخفي أنني أردت في البداية أن أثبت هويتي الفنية وأركزها في ذهن المستمع، واليوم أستطيع أن أجرِّب أشياء مختلفة لكن من الضروري أن أكون مقتنعة بها كقيمة فنية وأحبها وأؤديها بذات الشغف.

هل أنت منشغلة حالياً بتسجيلات جديدة وماذا في التفاصيل؟

أحضر أغنية جديدة باللغة العربية الفصحى، وهي من كلمات الشاعر والصديق مهدي منصور، أما كافة التفاصيل حولها فأعلن عنها في ما بعد.

نلتِ العديد من الجوائز والتكريمات، فماذا تقدم الجائزة لك؟ وما هي الجائزة التي تحلمين بها؟

من المؤكد أن الجوائز والتكريمات مسألة مهمة جداً من باب توثيق النجاحات والمراحل، ومن باب معنوي تحفيزي، لكنها ليست الهدف، لذا لا يمكن أن أحلم بجائزة محددة، بل أحلم أن أظل قادرة على تقديم أغنيات يحبها الناس ويتفاعلون معها، فهذه جائزة برأيي، لأنه عندما أتلقى تعليقات من الناس حول كيف أثرت بهم أغنيتي، وكيف يمكن للأغنية أن تدخلني في حياة المحبين، أشعر أني حصدت جائزة كبيرة.

يتنافس أهل الفن اليوم على حجز مقاعد لهم في العالم الافتراضي، فكيف تنظرين بدورك إلى عالم الـ«سوشيال ميديا»، وهل تقيسين نجاح الأغنية بأعداد المتابعين؟

اليوم الـ«سوشيال ميديا» مهمة في حياة كل فنان وباتت جزءاً لا يتجزأ من توثيق الأعمال التي يقدمها، والتي باتت تطرح بشكل رقمي وبدلت شكل الاستماع، ولكن مع ذلك فإنني لا أقيس نجاح الأغنية بأعداد المستمعين بل بتعليقاتهم حولها، الـ«سوشيال ميديا» هي مؤشر أو مكمل لأساسٍ ينطلق منه الفنان، وعليه ألا يكتفي بحضوره الافتراضي بل عليه أن يكمل مشواره ويشتغل ويتعلم ويقدم موسيقى وفناً ويخلق شيئاً جديداً.

فايا يونان: أغنياتي بالعربية الفصحى لكنها معاصرة والجيل الشاب متعطش لسماع لغتنا

بعد مسلسل «تاج» تخوضين ثاني تجاربك التمثيلية في «دهب غالي»، فماذا تقولين عن هذا العمل؟

مسلسل «تاج» شكّل أول ظهور لي عبر الشاشة، لكن «دهب غالي» تم تصويره قبلاً وكان تجربتي الأولى أمام الكاميرا، لذا أشعر أن العملين هما تجربتي الأولى رغم اختلاف ما أديته، نوران في «تاج» شخصية عميقة فيها تقلبات متعددة، وأنا فخورة أني شاركت في عمل يوثق حقبة الأربعينيات في سوريا، أما «دهب غالي» فهو رومانسي خفيف الظل ويتضمن أغنيات ضمن السياق الدرامي..

وقد أحببت شخصية دهب لأنها شخصية مستقرة، واستمتعت بأدائها وتقديم الأغنيات من خلالها، وشعرت أنها قريبة مني كثيراً، وتشبهني في بعض الجوانب من شخصيتها، فهي تؤمن أننا جميعاً نستطيع القيام بفعل الخير وإحداث تغيير نحو الأفضل، وكما أنها عنيدة وثائرة.

 

مقالات ذات صلة