يمر شهر رمضان المبارك على بعض الأشخاص دون أن يستفيدوا منه الفائدة الأكبر، ويظفروا بمكاسبه ونفحاته، ويهتدوا فيه الهداية الصحيحة، ودون أيضاً أن يتوبوا عن معاصيهم وتجاوزاتهم السلوكية كما ينبغي.. وهؤلاء يحتاجون إلى مراجعة أنفسهم، فرمضان كله مكاسب وبركات ونفحات تصحح أخطاء وتجاوزات الإنسان طوال العام، ولا ينبغي أن نتركه يمر دون أن نستفيد منه.
لذلك توجهنا إلى الفقيه والعالم الأزهري د. شوقي علام، مفتي الديار المصرية، وسألناه عن هداية رمضان والمكاسب المهدرة في حياة كثير من الناس طوال الشهر الفضيل.
ينبغي أن يتحلى الصائم بالأخلاق الطيبة، والسلوك الرحيم حتى مع المسيئين
يقول العالم الأزهري د. شوقي علام، مفتي الديار المصرية "لا يتفق السلوك الانفعالي مع حرمة وجلال شهر رمضان الفضيل، حيث ينبغي أن يتحلى الصائم بالأخلاق الطيبة، والسلوك الرحيم حتى مع المسيئين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك ويدك»، وهذا يتطلب أن يكون الصائم أميناً مع خالقه قبل أن يكون أميناً مع نفسه، وأن يكون لديه شعور بالمسؤولية فلا يصدر عنه إلا كل ما هو طيب، فالكلمة الطيبة يكسب بها المسلم أجراً من الله تعالى إذا كانت صادقة نافعة مفيدة للآخرين، كما أن الكلمة الخبيثة التي تدعو إلى الباطل وتؤدي إلى الشر والفساد يعاقب عليها، ولذلك يجب على كل إنسان أن يكون حريصاً على رضا الله سبحانه بأن يحفظ لسانه في رمضان وفي غير رمضان ليكون من المؤمنين حقًا؛ قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت»، أي أن تكون كلماته نافعة ومؤثرة وتخدم دينه ووطنه، فقول الخير أو الصمت عما سواه أمر إلهي، وهدي نبوي كريم، ينبغي أن يحرص عليه المسلم في كل وقت".
ويكمل "على كل مسلم أن يتذكر دوماً قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه».. فسلامة الإيمان مرتبطة بنزاهة اللسان، قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، ولذلك يجب على المسلم أن ينزه لسانه من كل قبيح ولا يجري عليه غير الحق، وينأى بنفسه ولسانه على أن يجري عليه زوراً أو كذباً أو غيبة أو نميمة أو استهزاء أو استخفافاً بالناس، أو إفشاء لأسرار الآخرين عند الخصومة".
ويضيف "الصيام يهذب النفس البشرية فتتهيأ لاستقبال أنوار هذا الكتاب العظيم، ففي أيام الصيام تكون النفس هادئة ساكنة لأنها قد تركت الشهوات، تركت طعامها وشرابها وشهوة جوارحها، تركت الغيبة والنميمة وقول الزور والكذب، فتألقت وأضحت أقرب إلى ربها، فاكتسبت طمأنينة وسكينة تؤهلها لاستقبال الأنوار القرآنية، لذلك كانت العلاقة بين رمضان والقرآن علاقة من نوع خاص، ينبغي على المؤمن أن يدرك أسرارها وأن يعلم أن هذا الوعاء الزماني لنزول القرآن كان لحكمة يعلمها ربنا جل وعلا، فعلى المسلم أن يغتنمها، وأن يستفيد من أنوارها".