10 مايو 2021

كيف نحتفل بالعيد في ظل الإجراءات الاحترازية؟ د. علي جمعة يجيب

محرر متعاون

كيف نحتفل بالعيد في ظل الإجراءات الاحترازية؟ د. علي جمعة يجيب

حاولنا أن ننهل من عطاء الخالق في الشهر الكريم لنكون من الفائزين بعفو الله ورحمته، والآن وصلنا إلى المرحلة الأخيرة من عطاء رمضان.. عيد الفطر المبارك.

فكيف نحتفل بالعيد ونصنع لأسرنا وكل من حولنا السعادة، ونرسم على وجوههم البهجة في ظل الإجراءات الاحترازية التي ينبغي أن نتمسك بها حماية لأنفسنا وحماية للآخرين؟

تواصلنا مع عدد من كبار علماء الأزهر الشريف ليحدثونا عن عيد الفطر وما ينبغي أن يحرص عليه المسلم فيه، ليكتمل له الأجر والثواب، وليخرج من الشهر الكريم بأعظم المكاسب.. وهذه هي نصائحهم وتوجيهاتهم:

أولاً: الالتزام بأخلاق رمضان

على المسلم ألا يكون (عبثياً) بعد الخروج من رمضان، بل عليه أن يكون (أخلاقياً) في كل سلوك يصدر عنه

في البداية، يؤكد العالم الأزهري د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن عيد الفطر هو إحدى المكافآت والعطايا الإلهية للمسلمين بعد عناء شهر في العبادة والطاعة والتنافس في أعمال الخير، ويقول «واجبنا ونحن نحتفل بالعيد أن نحافظ على القيم والمبادئ والأخلاق التي خرجنا بها من هذا الشهر الفضيل، لتوجه سلوكنا نحو الأفضل والأرقى والأنفع طوال العام، ولذلك على المسلم ألا يكون (عبثياً) بعد الخروج من رمضان، بل عليه أن يكون (أخلاقياً) في كل سلوك يصدر عنه، وهو مطالب شرعاً أن يحرص على الفضائل، ويتجنب الرذائل لينال رضا الله عز وجل، وهو مطالب أيضاً أن يخفف عن نفسه وأهل بيته هموم الحياة وأعباءها في هذه الأيام المباركة».

ويضيف «لذلك ننصح هؤلاء الذين ينطلقون من أيام العبادة والطاعة والحرص على الفضائل والأخلاق الكريمة في رمضان إلى حياة كلها لهو وعبث ومعاصٍ بعد رمضان بأن يراجعوا أنفسهم، فالترويح عن النفس بعد رمضان لا يعني أبداً أن ينفك عقال الإنسان، ويكون فريسة لشياطين الجن والإنس ليمارس معهم ما يغضب الله ورسوله، ويجلب له اللعنة من خلق الله».

ويؤكد د. جمعة أن الإسلام جعل للعيد قيمة متميزة، وجعل الاحتفاء به عبادة طالما حرص الإنسان على تحقيق مقاصده، ويوضح «الإسلام يوازن دائماً بين حاجات الإنسان النفسية والاجتماعية والأخلاقية، وبعد مواسم العبادة تحتاج النفس لشيء من الترويح، ولذلك كان عيد الفطر بعد فريضة الصيام، وكان عيد الأضحى بعد فريضة الحج، وهما الفريضتان اللتان تحتاجان من الإنسان جهاداً نفسياً وبدنياً والتزاماً يتحكم في صحة كل فريضة منهما».

ثانيًا: التقرب إلى الله بالأضاحي والصدقات التطوعية

المسلم مطالب بأن يحتفي بالعيد تحت كل الظروف دون أن نعرض أنفسنا لمخاطر الإصابة بالوباء

ويؤكد د. جمعة أن المسلم مأمور شرعاً بالاحتفاء بالأعياد، فالأمر ليس اختيارياً، ومشروعية الترويح عن النفس من هموم الحياة واضحة ولا يجوز مخالفة تعاليم الدين في هذا الأمر، فالصائمون يفرحون بعيد الفطر لأدائهم فريضة الصوم، والحجاج يفرحون بعيد الأضحى لأنهم أدوا شعيرة الحج، ويشاركهم المقيمون في أوطانهم بالتقرب إلى الله بالأضاحي والصدقات التطوعية وكل صنوف الخير والعطاء الإنساني.

ويوضح مفتي مصر السابق أنه على الرغم من أن الغاية العظمى من الأعياد إدخال السرور والبهجة على المسلمين رجالاً ونساء وأطفالاً، إلا أنها في الوقت ذاته لم تشرع من أجل «الفرح المجرد فقط» بل لتمام البر في المجتمع الإسلامي، حيث يصبح البر قضية اجتماعية عامة، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الأغنياء بإدخال السرور إلى الفقراء في هذه الأيام وتجنيبهم ذل المسألة، فيحث على زكاة الفطر ويقول «أغنوهم في هذا اليوم».

ويشير مفتي مصر السابق إلى أن الإجراءات الاحترازية التي تعيش فيها البشرية هذه الأيام بسبب وباء «كورونا» لن تمنعنا من الاحتفاء بالعيد وتحقيق مقاصده، فالمسلم مطالب بأن يحتفي بالعيد تحت كل الظروف والأحوال، وهذا الاحتفاء يمكن أن يتحقق بوسائل كثيرة من دون أن نعرض أنفسنا لمخاطر الإصابة بالوباء، وقد تعلمنا على مدى عام وعدة أشهر كيف نلتزم بالإجراءات الاحترازية وكيف نحمي أنفسنا من الإصابة، وهناك توجيهات دينية كثيرة في ذلك علينا أن نلتزم بها ونحرص عليها.

ونصح مفتي مصر السابق الجميع بأن يتوجه إلى الخالق سبحانه بدعوات صادقة لكي ينعم على الإنسانية جمعاء بالتخلص من هذا الوباء الخطير الذي حصد الأرواح وأصاب الملايين حول العالم، وتسبب في خسائر بشرية ومادية كثيرة لكل الأمم والشعوب، وقال «تضرعوا إلى الله من أجل أن يرفع عن الإنسانية ماحل بها من بلاء، واسألوا الله تعالى أن يعيد هذه المناسبة السعيدة على الجميع بالخير الوفير والرقي والتنمية والرخاء، وأن تنعم شعوب الأمة العربية والإسلامية بالأمن والأمان وتحقق كل ما تصبو إليه من تقدم وازدهار».