13 فبراير 2022

هل يكفي أداء العبادات لكى يكون الإنسان متديناً؟ د. عبدالله النجار يجيب

محرر متعاون

محرر متعاون

هل يكفي أداء العبادات لكى يكون الإنسان متديناً؟ د. عبدالله النجار  يجيب

يعتقد كثير من الناس أنه متى أطلق لحيته، وأدى الصلوات المفروضة أصبح متديناً حقاً، ولا يهم ما يفعله بعد ذلك من ظلم وكذب وغيبة ونميمة وأكل لأموال الناس بالباطل. ولذلك نرى صور التدين الشكلي في بعض مجتمعاتنا العربية وغابت عن سلوك هؤلاء قيم وأخلاق يستهدف الإسلام غرسها في نفوس الجميع لتستقيم حياتهم، وتستقر علاقاتهم، وتختفي من الحياة العامة ما نعانيه أحياناً من كذب وظلم ورياء وغش وتزوير.. وغير ذلك من السلوكيات الخطأ.

سألت «كل الأسرة» د. عبدالله النجار أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عن مقاييس التدين المطلوب، وحكم من يؤدي بعض الطقوس الدينية وينشغل بالمظهر على حساب الجوهر:

من المفاهيم الخطأ العالقة بأذهان وعقول بعض الشباب أنهم يعتقدون أن التدين يعني الحرص على العبادة دون الاهتمام بعد ذلك بأعماله وواجباته الدنيوية

يقول د. عبدالله النجار. أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، «التدين مفهوم واسع وشامل لكل التكاليف والواجبات والفضائل والمنهيات التي جاء بها الدين، والعبادات أو الفرائض الدينية «بعض» وليس«كل» ما ينبغي أن يحرص عليه الإنسان، فالأخلاق شطر التدين، ولا تدين بدون التزام أخلاقي.

ومن المفاهيم الخطأ العالقة بأذهان وعقول بعض الشباب أنهم يعتقدون أن التدين يعني الحرص على العبادة دون الاهتمام بعد ذلك بأعماله وواجباته الدنيوية، أو أنها تأتي في المرتبة الثانية أو الثالثة في أولوياته، وقد بلغ ضيق الأفق بهؤلاء أن يستدلون على فهمهم العقيم لنصوص القرآن، يستدلون على إهمال واجباتهم الحياتية بقول الحق سبحانه: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»، والواقع أن هذا مفهوم ضيق للعبادة، فالعبادة المقصودة في الآية الكريمة ليست بالمفهوم الضيق للعبادة الذي يتصوره كثير من الناس، فمفهوم العبادة هنا أوسع وأشمل، ويندرج تحته كل الأعمال الدنيوية التي يقوم بها الناس ليعيشوا حياة كريمة، فالمعنى الواسع للعبادة يشمل الالتزام بكل ما أمر الله به، واجتناب كل ما نهى الله عنه».

هل يكفي أداء العبادات لكى يكون الإنسان متديناً؟ د. عبدالله النجار  يجيب

الزهد في الدنيا والابتعاد عن مطالب الحياة الدائمة والمتجددة ليس مطلباً دينياً، بل هو سلبية وركود واستسلام

يحذر د. النجار من خطورة دعاة اليأس والإحباط على نفوس شبابنا «في الواقع هؤلاء يشكلون خطرًا كبيراً على نفوس أطفالنا وشبابنا، فهم يقتلون روح الأمل والطموح في نفوس الأجيال الجديدة المنوط بها الانتقال بالأمة من حالة الركود الحضاري إلى آفاق التقدم والنهضة واستعادة أمجادنا الحضارية».

ويضيف «الإسلام دين حياة ونهضة وتقدم حضاري وعمل وإنتاج دائم، ويغرس في نفوسنا جميعا حياة الكفاح والطموح والمنافسة الشريفة للارتقاء بواقعنا وواقع المجتمع الذي نعيش فيه، ومن هنا فإن الزهد في الدنيا والابتعاد عن مطالب الحياة الدائمة والمتجددة ليس مطلباً دينياً، بل هو سلبية وركود واستسلام يرفضه الإسلام ويدينه».

وهذا الزهد السلبي، كما يقول د. النجار، من مظاهر التدين الشكلي التي يحاول بعض المتطرفين غرسها في نفوس شبابنا، ومن المهم مواصلة الجهود الدعوية في كل البلاد العربية لإنقاذ الشباب من براثن المتطرفين، ونقل الصورة الصحيحة للإسلام، والتأكيد على أن الإسلام يرفض أن يعيش المسلم في عزلة عن المجتمع، ولا يهتم كثيراً بالمظاهر الشكلية، ويفرض على الإنسان أن يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته، ويحاسبه على حرمان نفسه من الطيبات ورفض مباهج الحياة.

الإسلام منهج حياة متكامل، فهو دين حياة وحركة دائمة للإنسان ويفرض على المسلم أن يندمج مع المجتمع وأن يتجاوب مع العلوم والمعارف والخبرات الجديدة وأن يستفيد من كل ما هو جديد ويوظفه لصالح مجتمعه.

 

مقالات ذات صلة