07 أبريل 2022

قرار عمرة المرأة من دون محرم يثير الجدل.. وعلماء الدين يعلقون

محررة في مجلة كل الأسرة

قرار عمرة المرأة من دون محرم يثير الجدل.. وعلماء الدين يعلقون

لم تنجح محاولات غالية ندى حماد في الذهاب مع محرم لأداء شعائر العمرة، فاختارت بالتالي الذهاب مع صحبة آمنة من النساء أغلبهن من صديقاتها «كانت الرحلة مريحة ورائعة ولم تعترضني وصاحباتي أي مشكلة وكلهن تجاوزن الـ45 عاماً من العمر»، وتختصر «الرحلة مع صديقات من النساء تشكل مصدر أمان وليست بالأمر غير الممكن في حال عدم تيسر ذهاب المحرم مع المرأة.

لقد أديت العمرة واستمتعت بالأجواء الروحانية ولم تعترضنا أي مشاكل تذكر».

تطرح حماد، وجهة نظرها، في وقت يطرح الشرع رأيين تجاه عمرة المرأة من دون محرم:

  • توجه يقول بعدم جواز العمرة من دون محرم والسبب هو حماية المرأة من أي أذى قد تتعرض له باعتبارها «ضعيفة وتحتاج إلى من يعينها».
  • يذهب الرأي الشرعي الآخر إلى جواز سفرها من دون محرم، شريطة أن تكون مع رفقة أمينة أو نساء ثقات.

المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم، حيث من الأفضل أن تنتظر المرأة حتى تجد محرماً لتسافر، لأنها قد تتعرض للمرض وتحتاج إلى من يحملها أو يعالجها ويحميها

قرار عمرة المرأة من دون محرم يثير الجدل.. وعلماء الدين يعلقون

وفي هذا السياق، يلفت الشيخ الدكتور عبدالله محمد الحمادي، كبير الوعاظ في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، إلى اختلاف العلماء حول مسألة ذهاب المرأة إلى العمرة أو الحج من دون محرم؛ حيث منهم من يمنع ومنهم من يجيز «الصحيح هو عدم الجواز لأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوماً في أصحابه فقال «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم، لا يحل لامرأة تؤمن بالله وباليوم الآخر، تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم»، فقال رجل: يا رسول الله، أني أريد أن أخرج في غزوة كذا وكذا وامرأتي تريد الحج فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «انطلق وحج مع امرأتك»».

ومن هنا، يوضح د. الحمادي «الصحيح أن المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم، وما فائدة العمرة عبادة وسفرها فيه معصية؛ حيث من الأفضل أن تنتظر المرأة حتى تجد محرماً لتسافر، لأنها قد تتعرض للمرض وتحتاج إلى من يحملها أو يعالجها ويمسك بيدها ويحميها في سفرها في طاعة الله سبحانه وتعالى».

ولكن هل السفر مع مجموعة من النساء سواء كن صديقات أو زميلات للمرأة جائز شرعاً أم دونه مطبات شرعية؟ يؤكد الدكتور الحمادي، أن السفر مع مجموعة من النساء ينطبق عليه الجواب نفسه «غير جائز شرعاً، فهذا السفر لا يغير شيئاً، لأن المجموعة لا تشكل محرماً للمرأة؛ بل المحرم يجب أن يكون من محارم المرأة ويكون رجلاً والحديث المذكور على لسان من ذهبت زوجته إلى الحج لأنه يشاركه في الغزو وقصدت الحج مع مجموعة آمنة ، ومع ذلك دعاه النبي إلى ترك المشاركة والانطلاق للحج مع زوجته، ما يؤكد أهمية عمرة المرأة برفقة زوجها أو أحد محارمها من الرجال».

يجوز شرعاً أن تذهب المرأة سواء كان للحج أو للعمرة مع مجموعة من النساء الثقات

قرار عمرة المرأة من دون محرم يثير الجدل.. وعلماء الدين يعلقون

هذه الحدود يبلورها رأي الدكتور إسماعيل كاظم العيساوي، دكتوراه فقه مقارن وأستاذ مشارك في كلية الشريعة - جامعة الشارقة؛ إذ يستعرض الرأيين الشرعيين فيما يتعلق بالعمرة، السفر للمرأة غير جائز شرعاً تبعاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة...»، وفي حديث آخر «مسيرة ثلاثة أيام بدون محرم سواء كان ذلك للحج أو لغيره»، إلا أن كثيراً من أهل العلم وبخاصة مذهب السادة الشافعية أجازوا السفر للمرأة برفقة أمينة أي أن تكون مع صحبة أمينة؛ بحيث لا تخرج بمفردها؛ بل تضم الرحلة نحو 4 إلى 5 نساء وتكون ضمن حملة معينة مسؤولة عنهن ذهاباً وإيابا ومبيتاً وحركة سواء كان ذلك في الحج أو العمرة.

فالأصل هو المنع من سفر المرأة من دون محرم أو زوج «الإسلام حينما يفعل ذلك هو حماية للمرأة ومن باب الحرص عليها لأنها قد تتعرض لمواقف ولا تستطيع أن ترد الكثير من الأمور عن نفسها، فقد تمرض وتحتاج إلى من يحملها ويذهب بها إلى الطبيب.. الإسلام ليس ضد قضية المرأة، بقدر ما هو حماية ورعاية لها، ولا يخفى أن وضع المرأة يختلف عن وضع الرجل في الحركة والنوم والذهاب، وخاصة في هذه المجتمعات، ولذلك الذي يقوله الإسلام مختصراً: الأصل المنع، لكن يجوز شرعاً أن تذهب المرأة سواء كان للحج أو للعمرة مع مجموعة من النساء الثقات وهذا نص عليه السادة الشافعية في مذهبهم استنادا إلى حديث للنبي صلى الله عليه وسلم «فإن طالت بك حياة، لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحداً إلا الله».

ويوضح د. العيساوي «هذا الحديث يشير إلى أنه إذا كان ثمة أمان في الرحلة ورافق المرأة من يؤتمن من النساء، وأجاز بعض الفقهاء، وحتى على مستوى المملكة العربية السعودية، هذا الأمر وأكرر أن التشريع الإسلامي قال بعدم الجواز لحماية المرأة وخوفاً عليها من المخاطر التي قد تؤتيها عند سفرها بمفردها».

لم يتم التوافق على توجه محدد في هذا الصدد؛ حيث ثمة رأيان شرعيان أحدهما يقول بعدم الجواز شرعاً سفر المرأة لأداء العمرة من دون محرم، في حين يتجه الرأي الثاني إلى إمكانية سفر المرأة شرط أن تكون برفقة آمنة

قرار عمرة المرأة من دون محرم يثير الجدل.. وعلماء الدين يعلقون

يؤكد يوسف حمزاوي، مدير مكتب بلاد الشام للحج والعمرة، أن «كثيراً من النساء يقصدن المملكة العربية السعودية لتأدية العمرة سواء برفقة آمنة أو حتى مع أقارب لهن، متوقفاً عند الإجراءات المتبعة في إدخال بيانات المرأة المعتمرة للحصول على الموافقة؛ حيث تواجه بالرفض فور مخالفة شرط السن، في حين أتاحت السلطات في السعودية للمرأة الذهاب برفقة آمنة سواء مع مجموعة من النساء في حال تجاوزت الـ45 عاماً، والنساء أقل من 45 عاماً لا يسمح لهن بالسفر وأداء شعائر العمرة من دون محرم».

ويضيف حمزاوي «العمر المسموح للمرأة لتأدية العمرة من دون محرم هو ما فوق الـ45 عاماً، وما عدا ذلك ترفض أي طلبات عبر التطبيق في حال كان عمر المرأة أقل من 45 عاما لأنه يتطلب في هذه الحالة وجود محرم من الأقارب البالغين».

في المجمل، لا يحق للمرأة السفر لأداء العمرة دون محرم «هذا الرفض يتماهى مع الشرع الإسلامي، ولليوم لم يتم التوافق على توجه محدد في هذا الصدد؛ حيث ثمة رأيان شرعيان أحدهما يقول بعدم الجواز شرعاً سفر المرأة لأداء العمرة من دون محرم، في حين يتجه الرأي الثاني إلى إمكانية سفر المرأة شرط أن تكون برفقة آمنة من الصديقات أو الأقارب».

ومن خلال تماسه مع الكثير من الحالات، يؤكد أن كثيراً من النساء ممن تجاوزن الخامسة والأربعين، سواء متزوجات أو غير متزوجات، يلجأن لتأدية العمرة بصحبة رفقة آمنة وحتى أن بعضهن لديهن أقارب في السعودية يلتقين بهم خلال أداء العمرة، لافتاً إلى أن حملات العمرة توفر كل سبل الرعاية لهؤلاء سواء رعاية طبية عبر توفير كادر طبي يتابع الحالات إلى المشرّع نفسه الذي يقوم بتوجيههن نحو كيفية أداء العمرة.

اقرأ أيضًا: الأزهر يبيح للمرأة السفر الآمن دون محرم