19 يونيو 2023

شيخ الأزهر يطالب بمعاقبة الزوج "الناشز" والقصاص من الزوج المعتدي على زوجته

محرر متعاون

شيخ الأزهر يطالب بمعاقبة الزوج

جدد شيخ الأزهر د. أحمد الطيب دعوته للمجالس التشريعية في العالم العربي بإصدار تشريعات حاسمة لمواجهة العنف البدني داخل الأسر العربية وخاصة العنف المتبادل بين الأزواج والزوجات.. مشدداً على ضرورة التصدي لضرب الزوجات بعد انتشار هذه الظاهرة المرفوضة شرعاً وعرفاً وقانوناً.

شيخ الأزهر يطالب بمعاقبة الزوج

وكشف شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، عن أن قانون المساواة بين الرجل والمرأة يستلزم المساواة بينهما في أحكام «النشوز»، مؤكداً أن الزوجة كما توصف بالنشوز، يوصف به الزوج أيضاً، وهو الأمر الذي لا يلتفت إليه الكثيرون، حتى من أهل العلم.

شيخ الأزهر يطالب بمعاقبة الزوج

معاقبة الزوج الناشز

وأوضح الطيب أن أمر المساواة لا يقتصر على اشتراك الزوجين في وصف «النشوز»، بل يتعداه إلى اشتراكهما في العقوبة، والعقوبة فيما يتعلق بنشوز الزوج يتولاها الحاكم أو القاضي، الذي من حق الزوجة أن ترفع أمر نشوز زوجها إليه، لـ «يعزره» على نشوزه، وللقاضي هنا أن يقر على الزوج الناشر عقوبة التعزير المناسبة لحجم عنفه ضد زوجته، فهي عقوبة مفتوحة يقدرها القاضي، بداية من توجيه الموعظة، مروراً باللوم، وانتهاء بالسجن، فإن أصر الزوج بعد التعزير على عناده ونشوزه، ورضيت الزوجة بالبقاء معه رغم نشوزه، فإن القاضي ينصحها بهجر زوجها في المضجع، فإن لم يفد الهجر وأصر على عناده ضربه القاضي تعزيراً - كما يقول العلماء في ذلك- وبعضهم قال: بسجن الزوج بدل ضربه.

وعن مطالبة البعض بتطبيق التماثل المطلق بين الزوجة وزوجها من حيث تنفيذ الزوجة عقوبة النشوز على زوجها بدلاً من القاضي، قال الطيب «إن واقع الرجل والمرأة وطبيعتهما التي لا تتبدل ولا تتغير، يجعلنا لا ننصح بذلك، فالمرأة لو أقدمت على ضرب زوجها الناشز الكاره لها، فإنه سينقلب إلى وحش ضار، وستكون هي الضحية في آخر المطاف، لذا عهد بالزوج إلى سلطة تستطيع تنفيذ العقوبة عليه بوسائل لا يستطيع هو مواجهتها وهو القاضي».

إذا ضرب زوجته ضرباً مؤلماً، فإن من حق الزوجة الناشز أن تطلب التطليق

ويرفض شيخ الأزهر مزاعم كثير من الرجال الذين يعتقدون أن ضرب الزوجة حق شرعي لهم، ولذلك يمارسون العنف يوميا ضد زوجاتهم، ويبين «الفقهاء اشترطوا مجموعة من الشروط الشرعية التكليفية التي تكاد تفرغ المقصود من قوله«واضربوهن» من أية شبهة للإيذاء، وتبقيه وكأنه مجرد رمز يعبر عن رفض الزوج لسلوك زوجته للحفاظ على مستقبل الأسرة.. ولذلك ينصح هؤلاء الذين لا يطيقون سماع كلمة «ضرب» الواردة في القرآن، ولا يطيقون صبراً على فهم معناها البسيط الذي يدركه العامة والخاصة على السواء، بالنظر إلى الحكم الشرعي الذي يقرر أن الزوج إذا ضرب زوجته ضرباً مؤلماً، فإن من حق الزوجة الناشز أن تطلب التطليق، وعلى القاضي أن يمكنها من ذلك، ولها كل حقوق المطلقة بسبب الضرر».

شيخ الأزهر يطالب بمعاقبة الزوج

القصاص من الزوج المعتدي

وهنا يحث الطيب المنصفين إلى النظر إلى ما هو أبعد من ذلك في أحكام شريعة المساواة والعدل في هذا الأمر، وهو: أنه إذا ترتب على هذا السلوك أي خدش أو جرح أو كسر، فللزوجة حق طلب التطليق وحق القصاص من الزوج، حيث إن الشريعة لا تجيز ضرب الزوجة ضربا يؤلمها أو يؤثر في جسمها أو يخيفها، حتى لو كان الزوج على يقين من أن هذا النوع من الضرر سوف يصلح من حالها، موضحاً أن ذلك يأتي إعمالا لقاعدة الإسلام في تحريم إلحاق الضرر بالمخلوقات منعاً باتاً، والتي يقررها النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة عموم النفي في قوله: «لا ضرر ولا ضرار»..موضحاً أن الزوج غير ملزم شرعاً بأن يلجأ إلى هذا الأسلوب مع زوجته «الناشز»، وأن له أن يصبر على أذاها وله الأجر من الله، وأصل كل ذلك النهي الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم باجتناب «الضرب» في مناسبات عدة، كقوله: «لا تضربوا إماء الله»، وقوله: «لقد طاف بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشتكين أزواجهن، فلا تجدون أولئك أخياركم».. وكذلك لكثرة ما ورد في أمهات كتب التشريع من أن عفو الزوج عن زوجته الناشز هو الأولى.

ويحدد شيخ الأزهر عدة حقائق تتعلق بالموقف الشرعي الصحيح من ضرب الرجل لزوجته.. وهي:

  • إن كلمة «واضربوهن» في القرآن الكريم ليست أمراً مفتوحاً بضرب الزوجة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به ولم يشجعه ولم يمارسه أبداً في حياته، وبحسب الأصل هو محظور، ولا يأمر الشرع الزوج أن يستعمل الضرب بهذا المعنى القاسي، حتى في حالة النشوز لكنه يبيح له نوعاً منه استثناء وبشروط وقيود، والفارق كبير بين الأمر والإباحة، وإذا لم يفعل الزوج فإنه يشكر ويؤجر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من لا يضرب».
  • الضرب ليس واجباً، وليس فرضاً، وليس سنة، وليس مندوباً بل هو أمر مباح في إطار معين وبمواصفات خاصة.
  • هناك قاعدة شرعية تقول: إن لولي الأمر أن يقيد المباح إذا رأى أن الناس يسيئون استخدامه واستغلاله، ويلحقون الضرر والأذى بالآخرين، ولا يوجد ضرر وأذى كالذي يصيب الزوجة حال ضربها. خصوصاً أن هناك وسائل كثيرة لحل المشكلات الزوجية بالحوار والتفاهم والمودة، ومعظم الزوجات حالياً على قدر كبير من التعليم والثقافة والمعرفة، ولدينا منظومة تشريعية متكاملة تصب جميعها في قوله تعالى: «وعاشروهن بالمعروف»، ويكفي أن نعلم أن الإسلام لا يقر أبداً الإيذاء البدني بحق أسرى الحرب، فكيف بالله عليكم يقره للمرأة أو يقبله للزوجات؟!
  • إذا قال قائل.. «الضرب نص في القرآن» فالرد أنه جاء مباحاً وعلاجاً منزوعاً عنه كل احتمال للأذى والإيلام، وليس أمرا كما يفهمه المتسرعون، لكنه مباح وقد أعطانا الشرع حرية في التعامل معه، وجعل لولي الأمر حق التدخل في تقييده حين يترتب عليه ضرر استغلال وسوء فهم واستخدام.