28 يوليو 2024

المباح والمحظور شرعاً في الألعاب الإلكترونيّة.. وشروط جوازها وضوابط ممارستها

محرر متعاون

المباح والمحظور شرعاً في الألعاب الإلكترونيّة.. وشروط جوازها وضوابط ممارستها

انتشرت الألعاب الإلكترونيّة، أقبل عليها الشباب والمراهقون في كل بلاد العالم؛ لما لها من جاذبية وقدرة على شدّ انتباه الأطفال والشباب من مختلف الأعمار.. فهل يضع الإسلام محاذير على تعامل أبناء المسلمين مع هذه الألعاب؟

مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية كلّف بعض باحثيه بتحرّي هذه الألعاب والوقوف على تفاصيل ما تهدف إليه، وانتهى إلى إصدار فتوى وضّح فيها ضوابط التعامل مع الألعاب عموماً والإلكترونيّة منها على وجه الخصوص، ووضح المباح والمحظور منها.

يؤكد د.أسامه الحديدي، مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الشريعة الإسلاميّة لا تضع محاذير على أيّة وسيلة تكنولوجيّة مفيدة للإنسان في مختلف مراحل حياته، بل هي تحثّ دائماً على الاستفادة من كل جديد في تنمية قدرات الإنسان العقليّة سواء أكان طفلاً أم شاباً أم شيخاً كبيراً.

وهذا شأن شريعة الإسلام التي لا تتوقف لحظة عن دعم كل خير نافع، كما تحذّر من كل شرّ ضار في مختلف الأزمنة والأمكنة، فهي شريعة تتميّز بالواقعيّة، وتراعي جميع أحوال الناس واحتياجاتهم وحقوقهم في شمول بديعٍ، وعالميّة لا نظير لها في الشّرائع.

كل نشاط يفيد الإنسان مباح.. ولكن بشرط

يقول مدير مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية «إباحة الشريعة الإسلامية للعب والترويح عن النفس متسعة، وتراعي فيها مصلحة الإنسان، فكل نشاط ذهني أو عقلي أو بدني يفيد الإنسان مباح، بشرط ألا يسبّب له ضرراً؛ وهذا من رحمة الله بالإنسان، ومراعاة لأحواله وظروفه النفسية، ذلك أن نفوس الناس وطبائعهم تملّ من الرتابة والجديّة المصطنعة، وترغب دائماً في تجديد النشاط النفسي والذهني والجسدي..

لكن مع هذه الإباحة والفسحة، لا ينبغي أن نغفل ما وضعه الشرع الشريف من ضوابط لممارسة الألعاب، يحافظ الإنسان من خلالها على دينه، ونفسه، وعلاقاته الأسريّة والاجتماعيّة، وماله، ووقته، وسلامته، وسلامة غيره».

المباح والمحظور شرعاً في الألعاب الإلكترونيّة.. وشروط جوازها وضوابط ممارستها

ما أبرز الضوابط الشرعيّة لممارسة الألعاب؟

يبين د. أسامة «لقد انتهينا في مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونيّة إلى جملة من الضوابط الشرعية.. أبرزها:

  • أن يكون اللعب نافعاً، تعود فائدته على النفس أو الذهن أو البدن.
  • ألا يشغل عن واجب شرعي، كأداء الصلاة أو برّ الوالدين، وألَّا يؤدّي إلى إهدار الأوقات والأعمار.
  • ألا يشغل عن واجب حياتي كطلب العلم النافع، والسعي في تحصيل الرزق، وتلبية حقوق الوالدين والزوجة والأولاد العاطفيّة والماليّة وتقويّة الروابط معهم.
  • ألا يُلحق الضرر والأذى بأحد بصوت أو فعل، كإيذاء الجيران مثلًا.
  • ألا يُؤدّي اللعب إلى خلافات وشقاقات ومُنازعات.
  • أن يخلو من الاختلاط المحرّم، وكشف العورات التي أمر الإسلام بسترها.
  • أن يخلو من إيذاء الإنسان؛ لأنه مخلوق مُكرّم فلا تجوز إهانته بضرب وجهه -مثلًا- أوإلحاق الأذى به.. وأن يخلو من إيذاء الحيوان؛ فقد أمرنا الإسلام بالإحسان إليه، وحرم تعذيبه وإيذاءه بدعوى اللعب والترويح.
  • ألا يشتمل اللعب على مُقامرة».

المباح والمحظور شرعاً في الألعاب الإلكترونيّة.. وشروط جوازها وضوابط ممارستها

ما هي ضوابط الألعاب الإلكترونيّة؟

يوضّح د. أسامة "هذه الضوابط تشمل الألعاب الواقعيّة والإلكترونيّة، ولكن في حال كانت الألعاب إلكترونيّة، يزاد عليها التالي:

  • ألّا تشتمل الألعاب الإلكترونيّة على مخالفات عقديّة كاحتوائها على أفكار إلحاديّة أو شعارات أديان أخرى، أو شعائر ومعتقدات تخالف عقيدة الإسلام الصحيحة، أو يكون بها إهانة مقدّسات إسلاميّة بجعل هدايا على التقليل من شأنها أو تدميرها داخل اللعبة.
  • ألا تشتمل على إباحيّة؛ من صور عارية، أو ممارسات شاذة.
  • ألا تشتمل على فحشِ قولٍ وسِبَاب، وأصوات مُحرَّمة.
  • ألا تُنَمِّي الميل إلى العنف لدى اللاعب، أو تحثّه على الكراهيّة، أو ازدراء الأديان، أو إيذاء إنسان أو حيوان، أو تُسوِّل له جرائم، أو مُحرّمات كشرب الخمر ولعب القمار وفعل الفواحش.
  • ألا تؤذي اللاعب بدنياً كالألعاب التي تستوجب تركيزاً كبيرا ًيؤدي إلى ضعف البصر، أو إيذاء الأعصاب.

وهنا يشدّد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونيّة على أن إباحة أي لعبة أو تحريمها متعلّق بمراعاة هذه الضوابط؛ فإن رُوعيت جميعاً صار اللعب مباحاً، وإن أُهدِرت أو أُهدِر أحدها صار في هذا اللعب من الحرام والإثم بقدر ما فيه من الشَّر وما أُهدِر من الضَّوابط.

لذلك يهيب المركز بالآباء والأمهات- في كل بيت- أن يحرصوا على تنشئة أولادهم تنشئة واعيّة سويّة وسطيّة، وألا ينشغلوا بشيء عن إحسان تربيتهم وتعليمهم، وأن يَقُوهُم مخاطر كثيرٍ من هذه الألعاب..

فقد قال ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا، والخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ..».

اقرأ أيضاً: طفلي مدمن ألعاب إلكترونية.. ماذا أفعل؟